لأنك تهمنا اخترنا لك قصة تحمل الكثير من العبر والقيم الإسلامية، راجيين الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بأيدينا جميعا لطريقه المستقيم.
قصة وحكمة معبرة
جلسا رجلان بصالة مطار جدة الدولي بعد انتهائهما من فريضة الحج وأداء كل مناسكها، فأراد أحدهم أن يحاور الآخر ويكسر طابع الملل الذي حل عليهما بسبب طول الانتظار…
فقال: “أتعلم يا أخي في الله لقد حججت عشرة مرات، نعم إن هذه المرة العاشرة التي ينعم علي فيها ربي بزيارة بيته الحرام، إنني أعمل مقاولا ولا أرضى عاما يفوتني إلا وأنا فيه في الحرم، وأنت يا أخي أهذه المرة الأولى التي تزور فيها بيت الله الحرام؟!”.
ما رآه الآخر في من يجالسه أنه فرح كثيرا بأنعم الله عليه وبفضله العظيم، وكل ما يريده أن يتبادلان أطراف الحديث، فقال الرجل الآخر: “إنها الحجة الأولى بالنسبة لي، أما عن قصتها فلها قصة طويلة للغاية معي ولا أريد أن أزعجك بها يا أخي”.
ابتسم الرجل ابتسامة خفيفة هادئة وقال: “ونحن ماذا نفعل سوى الانتظار، أرجوك أخبرني بها”.
الرجل: “إنني أعمل فيزيائيا بإحدى المستشفيات الخاصة، مكثت من عمري ثلاثين عاما وأنا أجمع المال اللازم لفريضة الحج، وما إن اقترب الموعد وأتممت كل استعداداتي من أجل اليوم المشهود، بعدما أخذت كامل المبلغ من الحسابات وكنت عائدا للمنزل وجدت أم المريض الذي أعالجه تشكرني وتخبرين بأنني لم أعد أرى ابنها مرة أخرى، وأنه سيخرج من المستشفى بنفس اليوم، في البداية حزنت كثيرا وخاصة أن ابنها لم يكمل علاجه طويل المدى بعد، فسألتها أتخرجه لأن علاجي معه غير راضية عنه، مع أنه يعلم الله كم أرعاه في كل حالة تقع تحت يدي، ولكنها صححت كل المعلومات التي جالت بخاطري، فوضحت سبب خروج ابنها حيث أن والده قد فقد وظيفته لكبر سنه وأنه لن يتحمل تكاليف العلاج الباهظة، كما أنها قالت لي أن ابنها تقدمت حالته منذ أن بدأت معه العلاج الفيزيائي، وقالت لولا ضيق الحال ما كانت أخرجته من المستشفى، استوقفتها قائلا أنه بإمكاني التحدث مع إدارة المستشفى لتحمل مصاريف علاجه رأفة بحاله، ولكني ذهبت ولاقيت ما لاقيت من مديري حيث أوضح لي أنني أعمل بمستشفى خاص وليست جمعية أعمال خيرية؛ تذكرت المبلغ الحج وحاجة المرأة الماسة في علاج ابنها، وتذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم فآثرتهما على نفسي، ونظرت للسماء بعين باكية وقلب موجوع وقلت اللهم إنك أعلى وأعلم بما في صدري، اللهم إنك تعلم أن زيارة بيتك الحرام وزيارة مسجد نبيك محمد ابن عبد الله أحب شيء إلى قلبي، ولكني لا أتحمل أن أرى هذه المسكينة قليلة الحيلة وابنها المريض ولا أساعدهما، فاللهم لا تحرمني من زيارة بيتك الحرام يا أكرم الأكرمين.
وضعت يدي بجيبي وأخرجت كل المال الذي به وتوجهت مباشرة للحسابات ودفعت المال وقد غطى علاج الابن المريض لمدة ستة شهور، وكانت لدي رغبة واحدة أن يقال للسيدة أن المستشفى قد تكفلت بالعلاج نظرا لحاجته الماسة إليه، لم أرى في حياتي ابتسامة رضا وشكر وحمد لله كالتي رأيتها بعيني هذه المرأة ، لقد دعت الله من أجلي لأنني ساعدتها وأقنعت إدارة المستشفى بتحمل مصاريف علاج ابنها، بعدها عدت للمنزل لا أنكر مدى السعادة التي بقلبي حيث أن الله وفقني لإعانتهما ولكن تظل الحسرة بقلبي فقد فقدت حلما حلمت به طوال ثلاثون عام، لم أرغب بشيء طوال حياتي إلا بزيارة البيت الحرام، غصت في نوم عميق أتذكر هذا اليوم جيدا كانت الدموع تفيض من عيناي، لقد رأيت رؤيا من منامي هذا اليوم فحينها لم آكل ولم أشرب وإنما آثرت النوم عليهما، لقد رأيت نفسي أطوف حول الكعبة وكثير من الناس يقولون لي حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا لقد حججت في السماء قبل أن تحج على الأرض ويسألونني أن أدعو لهم، استيقظت منشرح الصدر فرح القلب راضيا بما كتبه الله سبحانه وتعالي لي؛ وقبل أن أتهيأ للذهاب لعملي وجدت الهاتف يرن وإذا به مديري بالعمل يبلغني أنه يحتاجني وبشدة ويريدني أن أسدي إليه خدمة، وهي الذهاب مع رئيس ومالك المستشفيات للحج حيث أنه يذهب ومعه طبيبه الخاص، وبهذا العام طبيبه لا يستطيع الذهاب فزوجته في أواخر شهور حملها، وجئت الحج معه، وسألني عن حكايتي فقصصتها عليه، فقرر علاج الفتى على حسابه وجعل نفقة مخصصة لكل أمثاله، علاوة على أن أموالي جميعها ردت إلي، وهذه كانت قصتي”.
الرجل: “سبحان الله، أتدري إن حجتك هذه بألف حجة من حج أمثالي يا أخي”.
اقرأ أيضا:
قصص وعبر حقيقية مؤثرة قصة السيدة زينب وزوجها أبي العاص بن الربيع الجزء الأول
قصص وعبر حقيقية مؤثرة قصة السيدة زينب وزوجها أبي العاص بن الربيع الجزء الثاني والأخير
قصص وعبر قصيرة إسلامية عن توبة رجل اهتدى بسبب ابنته التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها بعد