قصـــــــــــــــة انطفاء القمر ج5
ولازلنا نستكمل قصة “انطفاء القمر”، القصة التي تحمل في طياتها وبثناياها الكثير من الحب والتضحية.
قصة عن فتاة ندر مثيلاتها بزماننا، فعلى الرغم من كل مآسي الحياة وصعوباتها إلا إنها استطاعت أن تصمد وتستكمل رسالتها بالحياة، وقد كانت رسالة سامية تمكنت من تأديتها على أفضل وجه على الإطلاق.
انطفـــاء القمر ج5
سألت “قمر” ابنتها “عائشة” عن رأيها في ابن جيرانهم، فضلت الفتاة الصمت على الحديث والإفاضة برأيها، ابتسمت “قمر” وتذكرت نفسها يوم أن سألها “والدها عن رأيها في “فؤاد”؛ علمت قمر بفطنتها أن ابنتها يميل قلبها لابن الجيران وقد كان شابا محترما عصاميا لا يساعده أب ولا أم، واحترمت قمر فيه صراحته الكاملة ومدى حبه لابنتها إذ سافر العاصمة ليختزل الوقت ويعود بما يمكنه من الزواج من ابنتها.
ولكن تكمن المشكلة في أن عرض الزواج من صديق “علي”، صديقه المقرب وقد أعرب له عن مدى حبه لشقيقته وأتاهم المنزل بوالديه ليطلب يدها؛ كان “علي” يرى في صديقه المقرب زوجا مناسبا صالحا لشقيقته ولن تجد مثيله، وهنا نشبت المشكلة بين “قمر” وابنها “علي” الذي يرى أن صديقه وحيد والديه من يستطيع أن يوفر الحياة الأفضل لشقيقته، ولكن “قمر” تعلم يقينا ميول ابنتها، فأصرت “قمر” على موقفها ورفضها لصديق ابنها.
علي: “عائشة أريد أن أتحدث معكِ في أمر مهم”.
عائشة وقد تركت ما بيدها: “نعم يا علي، ماذا تريد؟”
علي: “تعلمين الموضوع الذي أريد أن أتحدث معكِ فيه”.
عائشة: “وما هو إذا يا علي؟!”
علي: “لا أريدك أن تتذاكي، أريد منكِ ردا حاسما”.
عائشة ومن البداية تعلم ما يريده: “سبق وأخبرتك عن رأيي في موضوع زواجي من صاحبك”.
علي: “أريدكِ أن تعيدي على مسامعي رأيكِ من جديد”.
عائشة وقد علا صوتها على أخيها: “لا ولن أتزوجه مهما كان”.
علي وبالكاد تمالك أعصابه: “أريد منكِ سببا واحدا لرفضكِ”.
عائشة: “أتفضل صديقك يا علي على شقيقتك؟!”
علي: “ومن أخبركِ ذلك؟!”
عائشة: “ألا يكفيك أنني أخبرك رأيي في شخصه؟!”
علي: “لا يكفيني ذلك على الإطلاق، أريد منكِ جوابا مقنعا”.
عائشة: “ولا جواب عندي إلا الرفض، ولن أتزوجه جبرا وعنوة، وطوال عمري لن يكون زوجا لي إلا إذا؟!”
علي: “أكملي لماذا توقفتِ؟!، إلا إذا ماذا؟!”
عائشة بصوت عالي: “أجبرتني يا علي على فعل ذلك”.
علي وقد رفع يده عليها: “أتدرين لا يوجد حل إلا أن أجبركِ على فعل ذلك، لقد أتيتِ بالحل”.
عائشة وقد دخلت في نوبة هلع: “حينها ستجدني قتيلة بين يديك”.
وهنا لم يتمالك علي نفسه فأبرحها ضربا، في الأساس استغل “علي” غياب والدته وذهابها لأهلها فرصة لإقناع “عائشة” للزواج بصديقه، ولم ينجدها من تحت يديه إلا فاطمة وزينب وفي النهاية تدخل أحمد ومحمد.
وعندما عادت “قمر” وجدت ابنتها في حالة ترثى لها، صرخت في وجه ابنها “علي” على ما فعله بها، وبالفعل أصرت على موقفها وزواج ابنتها ممن ارتضت به زوجا لها على الرغم من كل ما فعله صديق ابنها وكل العروض التي قدمها ليفوز بقلب ابنتها وبكلمة موافقة منها على أن يكون شريكا لها.
كانت “قمر” شخصية قوية لأبعد الحدود ولاسيما عندما يتعلق الأمر بأبنائها، نجدها وقد تبدل حالها من حال إلى حال في لمح البصر؛ ومن جديد مر عام واحد وقد عاد ابن الجيران وقد حقق كل ما كان يرجوه من أن أجل أن يظفر بعائشة حب عمره، وجدت “قمر” نفسها وحيدة في تجهيز وإعداد ابنتها “عائشة” وتوصيلها لمنزل زوجها.
“قمر” كانت تمتلك نظرة بعيدة المدى، وكانت على قدر استطاعتها تهيأ نفسها لكل احتمالات المستقبل، من وفاة زوجها وأبت “قمر” المساعدات نهائيا فقد كانت عزيزة النفس؛ كانت تحاول جاهدة توفير الأموال وتشغيلها لازديادها لتغيرات المستقبل، وفي كل مرة نجحت في ذلك الأمر.
زفاف الابنة:
وبالفعل تمكنت “قمر” من اجتياز أول تحدي لها بزفاف أول بناتها وأول فرحة لأبنائها جميعا “عائشة” الابنة الصغرى، وقد أوصلتها قمر بيديها لمن ارتضت به ابنتها زوجا له، أوصلتها كاملة دون أن ينقص ابنتها شيء حتى وإن صغر.
كانت “قمر” سعيدة بهذا اليوم سعادة لا توصف، ولم يعكر صفو سعادتها إلا خبر تخلي إخوتها عنها وأكلهم لحقها بميراث والدها!
في البداية كانت مصدومة من قرارهم، والدهم قد أنشأهم على حب الله والعمل على طاعته فكيف يتسنى لهم أن يعصوا الله ويحرموها من ميراثها من والدها ووالدتها؛ والدة “قمر” لم تكن راضية عما فعله أشقائها بها لدرجة أنه ألم بها مرض أكل جسدها من كثرة حزنها على ما يحدث بين أبنائها.
وانتهى المطاف بوالدة “قمر” بعد أقل من عام بأنها رحلت عن الحياة، أما عن “قمر” فأبت أن تقاضي إخوانها وآثرت أن تسامحهم على ما فعلوه في حقها، كانت دائما توقن بأن الحياة الدنيا لا تستحق أن يخسر الإنسان منا أحدا بسببها لأنها دار فانية.
أكبر التحديات:
كان على “قمر” أن تزوج ابنها الأكبر “علي” والذي كان قد عزف نهائيا عن فكرة الزواج بعدما وقع في حب شقيقة صديقه المقرب، والتي حرم منها نظرا لرفض شقيقته “عائشة” لصديقه، فلم يطلب من صديقه الزواج من شقيقته خشية الرفض، فآثر أن تدوم صداقتهما ولا يربط بينهما نسب.
كانت والدته “قمر” كثيرة الإلحاح عليه في اختيار شريكة عمره، ومن كثرة إصرارها على زواجه قرر أن يطاوعها، وبالفعل اختار فتاة صغيرة في السن، كانت تبلغ حينها خمسة عشر عاما، اختارها لتكون صغيرة ويعلمها كل شيء بالحياة على يديه..
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ بقية أجزاء القصة…
الجزء الأول.. قصص حب وتضحية بعنوان انطفاء القمر ج1
والثاني.. قصـــــــــــــــة انطفاء القمر ج2
والثالث.. قصـــــــــــــــة انطفاء القمر ج3
والرابع.. قصـــــــــــــــة انطفاء القمر ج4