قصــــــــــة “ابتعد عن الضوء!” ج3
لو كان الخوف رجلا متجسدا تُرى كيف سيكون شكله؟! لا أجزم أنه سيكون قبيح الشكل رث الهيئة والمنظر، هزيل الجسد متعب اليدين كسير القدمين، يريد أن يأوي إلى أي أحد فيتسلق عليه ويسلب منه العافية! في أحيان كثيرة يكون الخوف والرعب من أقسى أنواع التعذيب والأذى على النفس، فالخوف من الألم الذي يحدث بفعل الحاصل وربما القادم هو الألم نفسه..
قصــة “ابتعد عن الضوء!” ج3
كانوا ثلاثتهم ليسوا بوعيهم الكامل إذ أنهم كانوا يسيرون بطريقة ليست بالطبيعية على الإطلاق، وما إن توجهت خطواتهم للباب، قرر صاحبنا السير بأخف خطوات لديه وكأنه ليس بالموجود من الأساس وتوجه للباب الخلفي للسوبر ماركت الخاص بالعمال، وفي غرفة العمال وجد شيئا أدهشه بقدر ما أسعده لحصوله عليه، لقد وجد مسدسا ناريا، ولكنه لا يحوي إلا على خمسة طلقات نارية، ولكن الأمر من ذلك أن صاحبنا طوال عمره لم يحمل سلاحا ناريا ولا يعلم حتى كيفية استعماله من قبل إلا من خلال الأفلام السينمائية، وفجأة دخل أحد الأشخاص الثلاثة لغرفة العمل التي بها صاحبنا!
لم يدري ما الذي يفعله حينها غير أنه وجد نفسه قد رفع السلاح في وجهه، وأطلق ثلاثة رصاصات لم تصبه إلا واحدة، وسقط إثرها على الأرض غارقا في دمائه، وبكل تأكيد انساق أصدقائه وراء الصوت حتى وصلوا للحجرة، كان حينها صاحبنها قد أوصد الباب وفي نفس الوقت كان يحاول فتح الباب الخارجي المتعلق بالعمال للسوبر ماركت في حين أن صديقي القتيل يحاولون كسر الباب عليه بأي طريقة ممكنة.
وأخيرا تمكن من فتح الباب والفرار، ولكنه كان قد استقطع صوت الشخصين وسرعان ما أدرك أنهما شعرا بخروجه من الباب الخلفي وركنوا لسيارتهم وسارعوا بها ملاحقته حتى ينتقما لصديقهما؛ قرر الركض خلال الشوارع المتفرقة الضيقة والتي لا تتمكن السيارة من دخولها، وبالفعل بعد ركض مستمر لمدة نصف ساعة استطاع تضليلهما والفرار منهما.
أراد أن يأخذ قسطا من الراحة فركن إلى أحد هذه الفروع واتكأ على أحد الجدران بها، وإذا به يسمع أصوات خافتة لأناس يتحدثون سويا ولكن بكثير من الحذر، ولاحظ أيضا صوت فتاة تتحدث معهم، فكتب بمنشور يريد رأيا من متابعيه أيدخل إليهم ويتحدث معهم ليعرف ما السر الذي يحدث وراء كل هذه الأشياء الغريبة من حوله، أم يبتعد عنهم ويكمل في طريقه وحيدا ومنهكا من كثرة التعب ومن كثرة الخوف الذي أكل جزءاً من قلبه؟!
وأتاه الاستفتاء بأن يذهب إليهم ويتحدث معهم على الرغم من خطورة هذه الخطوة إلا إنها لو صحت لكسب صحبة وتشجع بوجودهم معه ليجتازوا سويا كل الصعاب حتى الوصول لطريق الأمان؛ وبالفعل أخذ بنصيحتهم وذهب للباب ودق عليه، ولكنه لم يسمع صوتا ولا حتى همسا، وفجأة وبعد ثواني قليلة سمع صوت سحبة لسلاح، وسمع صوتا يسأله من خلف الباب: “من أنت؟!، وماذا تريد؟!”
فرد عليهم قائلا: “إنني شخص مسالم حتى أنني لا أملك سلاح”.
فخرجا إليه شخصان تتراوح أعمارهما بين العشرين والخمسة وعشرين عاما، وكانت معهما فتاة يتراوح عمرها بين العشرين والثلاثة وعشرين عاما؛ قاموا بإدخاله للمنزل ولكن كانت تظهر بوضوح على وجوههم علامات القلق والريب منه، أعلمنا بأنه شيء طبيعي للغاية في ظل الظروف الغريبة التي تحدث ولاسيما هو شخص غريب عنهم ولا يعرفون أي شيء عنه على الإطلاق.
كان فضول المتابعين يتجاوز فضول صاحبنا بمراحل لدرجة أنهم قاموا بإرسال ما لا يعد ولا يحصى من الرسائل يرغبون معرفة طبيعة العلاقة بين هؤلاء الشباب الثلاثة، هل هم عائلة؟!، ما طبيعة العلاقة التي تربطهم ببعضهم البعض، وما الظروف التي جمعت بينهم؛ استجاب صاحبنا لتساؤلاتهم وأراد أن يطفئ فضوله أيضا، فسأل أحدهم: “هل أنتم عائلة واحدة؟!”
فأجابه قائلا: “أنا وإيلينا صديقين منذ الطفولة، أما كارلوس فقد تعرفنا عليه قبل يومين من وقوع الحادثة”.
فسألهم صاحبنا: “وما الذي يحدث تحديدا؟!”
فأجابه أحدهم: “حالة من الشغب الجماعية، والسلطات تعاني من صعوبة السيطرة على الوضع الذي توصلنا إليه، وبعض المجرمين استغلوا الوضع جيدا بجرائم السرقة والقتل وكل ذلك، كما أنهم قاموا بإتلاف أسلاك الكهرباء حتى لا تعود الكهرباء مجددا لكثير من المناطق، فكما تعلم الظلام يساعدهم على إتمام جرائهم؛ وبعض الفقراء عهدوا لمنازل الأغنياء وسلبوا كل الأشياء الموجودة بها”.
هنا ربط صاحبنا كل الأحداث بعضها ببعض، وقرر أن يسرد عليهم كل ما حدث معهم حتى يكسب ثقتهم ويعاونوا بعضهم البعض بالثقة المتبادلة، وبعد أن سرد لهم كيفية وضعه الصحي إذ إنه مصاب بعدم قدرته على السيطرة على أعصابه وأنه يلجأ للمهدئات في الأمور التي يصعب عليه تخطيها، وجد منهم الثقة التي يبحث عنها فعليا.
فسألهم صاحبنا: “وما الذي ينبغي علينا فعله الآن؟!”
فأجابه ريك: “كل ما يمكننا فعله في البداية أن نبتعد قدر المستطاع عن الأماكن التي بها ضوء”.
فقاطعه اصحبنا باستغراب وتعجب شديدين: “وكيف يعقل هذا؟!، من المفترض أن الأماكن التي بها ضوء هي الأماكن الأكثر أمانا”.
فأجابه ريك قائلا: “هؤلاء المجرمين يدخلون المنازل التي بها ضوء، فيقتلون من بها، ويسرقون كل الأشياء بها؛ علينا الآن الإسراع والخروج من المدينة التي نحن بها لأن الوضع بها خطير للغاية، وبين أي لحظة والأخرى من الممكن أن يأتي المجرمون إلينا للقتل أو السرقة”.
وبالفعل أخذوا الأكل الذي معهم وبدأوا في الحركة ببطء شديد حتى لا يلفتوا الأنظار إليهم، وفجأة…
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص رعب حقيقيه ما وراء الطبيعه
وأيضا… قصص رعب عالمية