هدهد سليمان قصة جميلة للكبار والصغار
كان نبي الله سليمان عليه السلام ابنًا لنبي الله داوود وقد ورث من بعده الزبور وهو الكتاب الذي جاء به داوود عليه السلام، وقد قال بعض المفسرين بأن هذا الكتاب على عكس أغلب الكتب السماوية كان يرتكز إلى جانب الدعوة إلى التوحيد إلى المعجزات العلمية التي جعلت من داوود وسليمان سابقين لعصرهم في كل شئ فهاهو داوود يستطيع تطويع الحديد واستخدامه وتعليم الناس استخدامه وقد كان شيئًا جديدًا عليهم في هذا الزمان، ومن بعده كان سليمان بكل ما امتلك من معجزات وقدرات إلا ما يخص القدرات والمعجزات التي اختصه بها الله حيث علمه منطق الطير والحيوان، وقد كانت لسليمان الكثير من القصص معهم والتي وردت في القرآن وفي سير السابقين.
هدهد سليمان
كانت لسليمان عليه السلام واحدة من القصص الشهيرة مع هدهد وكان هذا الهدهد ضمن جنوده، وقد اشتهر سليمان بدقته وحسن تنظيمه ومتابعته لجنوده ولأمورهم صغيرها وكبيرها، وكان الهدهد في جيش سليمان عمله هو البحث عن أماكن تواجد الماء لما يمتلكه من قدرة على رؤية الماء في الأرض من ارتفاعات عالية، وفي إحدى الأيام تفقد سليمان أماكن الطير في جيشة فلم يجد الهدد، إلا أنه قيل بأن الطيور كانت تقوم بدور المظلة التي تحمي نبي الله سليمان من أشعة الشمس وفي إحدى المرات لاحظ سليمان أن الهدهد ليس بينهم ومكانه فارغ، فبدأ يسأل عنه وعن سبب تغيبه وعدم وجوده بين الصفوف وطلب من قادته أن يذهبوا ليتفقدوا ما حل ويحضروه.
كان سيد الطيور في الجيش هو العقاب فخرج بحثًا عنه فوجده وهو أت فاستحلفه بالله أن يتركه فتركه، وتقدم الهدهد إلى مجلس نبي الله فسأله لما تغيبت، فقال الهدهد لقد رأيت وعلمت ما لا تعلمه، لقد رأيت قومًا في بلاد اليمن في مملكة تسمى سبأ وتتولى أمرهم ملكة تسمى بلقيس ولها عرش ليس له مثيل في الأبهة والزخرفة وقد آتاهم الله الكثير من النعم إلا أنهم لا يعبدون الله بل يعبدون الشمس، فقال له سنرى هل صدقت أم إنك كاذب فكتب رسالة إلى بلقيس وسلمها للهدهد الذي ألقاها على الملكة وابتعد قليلًا وبدأ يراقب ردود أفعالهم تنفيذًا لأمر سليمان عليه السلام.
عرضت بلقيس كتاب سليمان على وزرائها وتداولوا الأمر بينهم ما بين الحرب والمهادنة وانتصر رأي المهادنة، فأرسلت الملكة رسلها تحمل الهدايا وكان الهدد يتابع وينقل الأخبار لسليمان، فجهز سليمان جيشه في استبقال الوفد حتى يدب الرعب في القلوب، فقدم الوفد الهدية وقدم معها الرفض لدعوة سليمان فرد هديتهم وأرسل رسالة من التهديد للملكة أن يأتيها بجيش لم ترى له مثيل، فقررت التوجه إليه بنفسها وقد فعلت، فطلب سليمان من جنوده أن يحضروا له عرش سبأ فقال العفريت أنا أحضره قبل أن تقوم من مكانك ولكن حافظ الكتاب عرض أن يحضره في طرفة عين بإذن الله وفعل.
” وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ”.
وحين جاءت ورأت عرشها اسلمت لله ودخلت في دين الله وامنت بسيدنا سليمان عليه السلام