لو نظرنا لتراثنا العامر بالقصص الدينية لوجدنا أن بها كل ما يقوم حياتنا الحالية، وأننا لو كنا أخذ بنهج من سبقونا لما وصل بنا الحال لهنا.
يجب علينا جميعا أن نربي أبنائنا على نهج رسولنا الكريم، وأن نتخذ من سنته صل الله عليه وسلم طريقا ومسلكا في تربيتهم، فلن نرجو شيئا أسمى من أن نحصنهم من زمن شاعت في كل أنواع الفتن.
القصـــــــة الأولى
الشهوات تودي بصاحبها للهلاك، ولاسيما في عصرنا الحالي الذي أصبحت كل المحرمات به متاحة في كل الأوقات.
بالأموال أصبحت كل المحرمات من أيسر اليسير إيجادها وفعلها، إننا في زمن الفتن، وعلينا أن نكون ممن قال فيهم رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم في حديثه الصحيح في رواية الترمذي والذي صححه الألباني ( يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه كالقابض على الجمر) صدق رسول الله صل الله عليه وسلم.
قصة حدثت قبل سنين ربما ستين أو خمسين عام، قصة شاب كان يعمل في سفينة في عرض البحار، كان يتاجر على سفينة مع مجموعة من الرجال؛ المميز بذلك الشاب أنه كان إماماً في الصلاة بهم في كل صلاة، كان يتقن حفظ القرآن وكان يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، كان هو من يقوم بالآذان لتمتعه بجمال الصوت وحسن الأداء.
ومرت بهم الأيام حتى وصلت بهم السفينة لوجهتهم بإحدى البلدان الغير إسلامية ليفرغوا بحمولة السفينة ويأتون بحمولة أخرى غيرها؛ وكان من المفترض أن تستقر السفينة بالمرسى لمدة سبعة أيام، وجميع من بها نزلوا إلا الشاب، وجاءه صديق سوء وسأله عن السبب الذي أجلسه بالسفينة دوناً عن غيره، فأخبره أنه يحتاج أن يجلس ويراجع حفظه للقرآن الكريم.
ألح عليه صديق السوء في النزول، وأخبره بأن يأخذ جولة بالمكان ويشتري لأطفاله وزوجته بعض الأغراض إن لم يكن يريد من نزوله شيئاً لنفسه؛ فنزل معه الشاب ومع بقية أصدقائه، ذهب معهم للسوق حيث كانت النساء السافرات المتبرجات، شرع الشاب يلتفت يمينا ويساراً، أين ذهب القرآن الآن من قلبه؟!
أين ذهبت صلاته التي كانت في ميقاتها؟!
أين ذهب صيامه وقيامه وورعه وخشيته من الله؟!
لقد نسي الشاب عبادته كلها التي دامت لسنوات، انساق وراء شهواته فأخذ ينظر ويمعن النظر لمفاتن النساء المتبرجات؛ وبعد يومين جاءه نفس صديق السوء وطلب منه أن يذهب معه لأماكن الخنا (فعل الفواحش والمنكرات)، فاستعاذ الشاب من الشيطان الرجيم ولكن صديقه بين له أنهما سيذهبان هناك ليتبينا حقيقة هذه الأماكن أم أنها مجرد خيال وأوهام، وطمأنه بأنهما لن يفعلا شيئا قد حرمه الله!
وذهب معهم الشاب، ولكن الشاب إذا به يدخل مثلهم ويفعل مثلما يفعلون، لقد نسي تماما القرآن الذي كان يحفظه عن ظهر قلب، نسي قول الله سبحانه وتعالى (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)، انغمس في الحرام طيلة الأيام المتبقية، وعندما حان الرحيل سأل قائد السفينة عنه، سأل عن الشاب الذي كان أصلح من فيهم وكان يئمهم في الصلاة، فقالوا له إن أعلمناك سيسوئك الأمر، فاستحلفهم بالله أن يجيبوه ويخبروه ما حل به.
فقالوا له إنه فضل البقاء في أماكم الدعارة والخنا، فذهب إليه قائد السفينة وطلب منه العودة معهم، فأخبره الشاب بأنه قرر البقاء في هذه البلاد للأبد، فأخذه قائد السفينة عنوة وجبراً فحمله بعدما قيده وألقى به في السفينة.
وكان الأذان يؤذن بعد الأذان، والصلاة تقام بعد الصلاة، والشاب لا يركع ولا يسجد ولا حتى يقرأ آية واحدة من آيات القرآن الكريم، تعجب قائد السفينة من حاله ولك يتركه ليفعل ما يحلو له، ذهب إليه وذكره بتقوى الله، سأله ألم يأن أن تخشى الله وتعود إليه؟!، لقد كنت أنت من يأمنا في الصلاة.
وبكل غضب طلب منه الشاب أن يعود بسفينته لتلك البلاد حيث أنه لم يكن يرغب في مغادرتها على الإطلاق لولا ما فعله به، أخبره الشاب عندما ألح عليه في أمر الصلاة قائلا: “إليك عني فإن حياتي ليست معكم، إنني أتحسر على ضياع عمري في الصلاة والقيام والصيام، إنني لم أكن أتلذذ بطعم الحياة قبل مجيئي لهذه البلدان”.
كانت صدمة الجميع فيه بلا حد، الجميع تجنبه على الرغم من أنهم كانوا يدعون له بعودته للطريق القويم من جديد، وبعد قليل من الأيام ظهرت عليه أعراض مرض جنسي كان شائعا حينها في هذا العصر.
تجنب الناس وازدادت عليه الأعراض والآلام، وفي ليلة من إحدى الليالي استيقظ كل من على السفينة على صوت صرخاته المتجلية بعد منتصف الليل بساعات، وعندما ذهبوا إليه مسرعين ومتوخين الحذر وجدوه يعض في خشبة السفينة، وبعد قليل من الوقت سكت مرة واحدة.
وعندما اقترب منه أحدهم وجده قد وافى المنية، وبالفعل وجدوا جزءاً من خشب السفينة بفمه، ترى أي عذاب لاقاه هذا الشاب وأي ألم عانى منه؟!
اللهم ثبت قلوبنا على دينك والطف بنا يا مولانا بما جرت به المقادير.
هل قرأت عن قصة مماثلة أو عاصرت قصة مثلها، شاركنا بها لنجعلها عبرة لكل من يعتبر وآية لكل مضل.
القصـــــة الثانيــــــة
أم حزينة استيقظت من نومها وصلت صلاة الفجر حاضرا، وبعدها رفعت أكف الضراعة مبتغية فيما عند الله سبحانه وتعالى…
اصنعهم على عينيك يا الله مقتبسة من كلام الله سبحانه وتعالى من كتابه العزيز بسورة طه (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي).
ربي إن التربية لم تعد كسابق عهدها تعتمد على قطع الحلوى والكلمة الجميلة والحضن الدافئ الحنون، والقصة الجميلة المختلفة يوميا قبل النوم!
ما عادوا يرون بأعيننا ولا يسمعون بآذاننا، فقد فتحت لهم الدنيا دروباً وطرقا ومسالكاً لا عدد ولا حصر لها.
لم يعد بإمكاننا أن نأمر فنتبع، وإن نهينا لا نطاع!
ربي لقد كبرت العصافير، وأول ما فعلت خرجت من القفص الآمن وحلقت في سماء الحرية المزعومة، وهامت بكل مكان، هامت في عالم جديد واسع لا يعلم خفاياه إلاك يا رحمن.
خرجوا فانقلبت عليهم الأفكار التي أفنينا شبابنا وجهدنا في تلقينهم إياها، ربي لقد تغيرت ملامحهم قبل أن تتغير أفكارهم!
يا ربي إني أٍألك في ظلمات الليل أن تجملهم بالستر وتسدل عليهم العفة وتعافهم في زمن شيوع الفتن.
اللهم سلمهم من مستنقعات الشهوات التي تعج بها الأرض من حولهم، ونجهم من بحور الشبهات.
ربي ارفعهم بالهمة وجملهم بالستر والنجاة من شرور زمن كل ما فيه فتن.
ربي إني أسألك أن تؤتنا مفاتيح الحكمة لنعلمهم إياها ونربيهم ونوجههم بأسلوب لا ضير به، ولا تجعلنا لهم تعبا ولا تجعلهم لنا تعبا يا أرحم الراحمين.
اللهم افتح لنا قلوبهم ووسع لنا صدورنا لنفههم ونحتويهم ونكسب قلوبهم وعقولهم، ولا تكل اللهم أمرنا وأمرهم إلا إليك.
اللهم إني أسألك أن تجعلهم مصدر فخرنا وعزنا، وأن ترزقنا برهم في حياتنا وبعد مماتنا، اللهم اجعلهم راحة صدورنا وقرة أعيننا، والحق بنا معيتك ما أبقيتنا إنك حليم كريم وعلى الإجابة قدير.
القصــة الثالثــــة
قصة حقيقية يرويها الشيخ “خالد الراشد” أسد الدعوة فك الله أسره…
ببلدنا الحبيب فلسطين وفي أحد أحياء القدس الشرقية القديمة، وبيوم من الأيام وقفت سيارة أجرة أمام منزل قديم تسكنه سيدة عجوز تدعى “أم حسان”، نزل من السيارة شاب في مقتبل عمره اسمه “حسان ومعه زوجته وابنهما الصغير الذي أسمياه “أحمد”.
وكان “حسان” عائدا من بلاد الولايات المتحدة الأمريكية بعدما أتم تعليمه الجامعي ودراساته العليا فأصبح بروفيسور بمجاله، وعاد لموطنه الأصلي فلسطين فور انتهائه؛ وعندما تلفت بعد نزوله من السيارة يمينا ويسرا يبحث عن الأصدقاء والرفقاء ولكنه لم يجد منهم أحداً!
لقد أصبح المكان بأكمله حزينا متغيرة ملامحه، ولا يوجد به شيء يدعو للفرح، نظر أمام منزله ولم يجد والدته تنتظره مثلما كان يتوقع، فشعر بخيبة الأمل وهي تفتت عضد سعادته التي كان يهيئها في نفسه استعداداً لليوم الرجوع.
لقد رأى نفس البيوت الصغيرة ونفس الشوارع الضيقة غير أنها لاحظ الدماء الملطخة لجدران البيوت، والبيوت مهدمة والنوافذ محطمة، غض طرفه عن كل ذلك، حتى أنه غض طرف عينيه عن مستعمرات اليهود التي باتت ملاصقة لداره!
نسي “حسان” المزارع والبساتين التي كان يلهو ويلعب فيها مع أصدقائه ورفاقه، ولم يستيقظ من أحلامه إلا عندما سمع صوت زوجته تسأله قائلة: “أسنظل طويلا هنا؟!”
فقال لها: “ادخلي أمامكِ هذا هو البيت”.
وعندما دخل وجد والدته مقعدة على كرسي قد أعياها المرض، تقدم تجاهها ابنه “حسان” وقبل يديها ورأسها، مثله فعلت زوجته، ولكن ابنهما “أحمد” ظل واقفا بعيداً، نادته جدته وأخرجت من جيبها حلوى كانت قد أعدتها للقائه، اقترب منها فضمته في حضنها قائلة: “أهلا بعودتك يا صغير في بلدك فلسطين”.
لم يشعر “حسان” بفرحة والدته لعودته من أمريكا، ولكنه كان سعيداً للغاية عندما وجد على وجهها علامات السعادة والفرح بابنه “أحمد”، وأنها وجدت في ابنه وحفيدها السلوان.
قام “حسان” بتقديم شهاداته الجامعية لشركة عالمية يمتلكها اليهود بالقدس الغربية، وتم قبول أوراقه فبات يعمل مخلصا لليهود، كما تقدم بالحصول على وظيفة أيضا في إحدى القنوات التلفزيونية كمحلل سياسي وخبير في شئون المنطقة.
ومرت الأيام وكبر الابن الصغير “أحمد”، وآن موعد التحاقه بالمدرسة، كان والداه قد قررا دخوله لإحدى المدارس الأجنبية الداخلية، ولكن الجدة رفضت بشدة، وأخبرتهما أنه لن يلتحق إلا بالمدرسة العادية بالقرية، وأمام إصرار وإلحاح والدته وافق “حسان” على ذهاب ابنه الوحيد “أحمد” للذهاب للمدرسة العادية.
فرحت الجدة كثيرا ببقاء “أحمد” معها وعدم حرمانها منه ثانية، كما فرح “أحمد” حيث أنه لن يبتعد عن الجدة التي بات يحبها كثيرا ويعشق حكاياتها وقصصها التي ترويها له على الدوام قبل نومه.
وها هو “أحمد” قد ارتدى الملابس الخاصة بالمدرسة وجعل حقيبته خلف ظهره وشرع في بداية حياة جديدة مختلفة، كون خلالها العديد من الأصدقاء، وكان الطفل الصغير بكل يوم يعاصر الكثير من المصاعب والمشكلات، فهذا صديقه قد انقطع عن الدراسة بسبب أن الاحتلال قد قتل أباه فأصبح هو من يعول أسرته، وهذا آخر معزول عنهم ويبكي دائما لأن لاحتلال قد قتل كل أسرته، وهذا فقد والدته واستشهد أخوه، وكثير من القصص الحزينة التي جعلت من أحمد الصغير مدركا ومعاصرا لواقع أليم مرير، أحمد الطفل الصغير الذي قضى أولى سنوت عمره ببلاد أمريكا حيث الرفاهية بلا حدود.
وبيوم من الأيام عاد “حسان” من عمله فوجد ابنه “أحمد” يجلس حزينا وقد وضع يده أسفل خده، فسأله والده: “أحمد ما بك يا بني؟!”
فأجابه أحمد بعدما التقط أنفاسه، وكان يبدو على حديثه المتقطع الخوف من والده قائلا: “ماذا تعني كلمة عميل؟!”
ليصاب “حسان” حينها بالصدمة فيسأل ابنه في هدوء: “ولماذا تسأل عن هذه الكلمة بالتحديد يا أحمد؟!”
فأجابه ابنه قائلا: “يا أبي إنهم يدعونني بابن العميل”!
صمت برهة ثم قال لابنه بعدما ابتسم ابتسامة صفراء: “إنهم يا بني يحسدون والدك ويحقدون عليه، والدك الذي سافر وتلقى العلم واجتهد في ذلك، وناضل من أجل حصوله على أفضل الشهادات وبعدها يعلو شأنه ويعمل في أرقى الأماكن، لا عليك يا بني ودعك من هؤلاء الأوغاد، فغدا سأحول أوراقك لإحدى المدارس الأجنبية، فهناك التعليم أفضل يا بني الحبيب”.
قال الابن بسرعة: “لا يا أبي إنني لا أرغب في أن أكون مع أحفاد القردة والخنازير”.
فسأله والده: “ومن أخبرك يا بني بهذه العبارة؟!”
فقال أحمد: “يا أبي إن معلمنا دائما يردد هذه العبارة، ومعلمنا يقول أن الله سبحانه وتعالى وصفهم بهذا الوصف في القرآن الكريم”.
فقال حسان: “يا بني القرآن وصف اليهود الذين كانوا في زمن سيدنا موسى عليه السلام بالقردة والخنازير، ولكن يهود اليوم هم أكثر تحضرا من المسلمين أنفسهم”!
فقال أحمد: “ولكنهم اغتصبوا أرضنا وسفكوا دماء شعبنا، ورغبتهم الوحيدة تجاهنا هي هدم المسجد الأقصى”
فقال حسان غاضبا: “كفاك، من الواضح أن هذا المعلم قد أفسدك، لن تذهب للمدرسة مرة أخرى”.
وباليوم التالي عاد “حسان” من عمله في الظهيرة بعد معاناة طويلة مع الاحتلال المغتصب ونقاط التفتيش، ألقى بجسده على السرير من شدة التعب، وإذا به يسمع صوت ارتطام وصوت نوافذ تتحطم، فخرج من منزله مذعوراً، وإذا به يجد مجموعة من الأطفال وقد حملوا بعض الحجارة في أيديهم يلقون بها في وجه الاحتلال، صرخ “حسان” في وجههم وطلب منهم الرحيل، كان الصغار يلقون بالحجارة ويختبئون خلف المنازل.
وعندما صرخ في وجههم “حسان” وأمسك بالحجارة وأخذ يلقيها عليهم وينعتهم بالأوغاد، ركضوا جميعا بعيدا عنه إلا طفل واحد توجه إليه، لقد كان ابنه أحمد.
أحمد: “إنهم ليسوا بأوغاد يا أبي، فالأوغاد خلفك حفدة القردة والخنازير”.
وإذا بحسان يلمح جنديا محتلاً وقد أمسك سلاحه وصوبه تجاه “أحمد”، ركض حسان لينقذ ابنه ويقول للمحتل إنه ابني لا تقتله، ولكن رصاصته الغادرة خرجت من سلاحه واستقرت في صدر أحمد الطفل الصغير، جعله حسان في حضنه وأجهش بالبكاء وإذا بالجندي يرطمه على رأسه بالجزئية الخلفية لسلاحه فغاب عن وعيه.
وعندما استعاد “حسان” وعيه وجد زوجته بجانبه تبكي، وأول ما تحدث به سألها عن ابنه “أحمد”، فأخبرته بأنه في العناية المركزة وحالته خطيرة للغاية، أغمض حسان عينيه وراح بذكرياته يستعيد صورة جده الذي قتله اليهود، وصورة والده الذي غيبته سجون العدو المحتل، وأصدقائه الذين لم يجدهم عندما عاد، كان الاحتلال قد قتل منهم ما قتل وأسر في معتقلاته من اعتقل.
ذهب لرؤية ابنه “أحمد”، نظر إليه من خلف الزجاج ووجده جثة هامدة، دخل “حسان” ليقترب من ابنه، ضمه بين ذراعيه ولفظ الابن آخر أنفاسه بين يدي والديه وفي حضنه، وكانت على وجه الصغير ابتسامة لم يرها على وجهه منذ أن عاد للبلاد.
وفي الصباح قام “حسان” بكتابة خطاب وتوجه به لمقر عمله، وفرد من الأمن منعه من الدخول وأعطاه ورقة بها قرار فصله الذي أصدر حيث أن ابنه عميل!
استلمها “حسان” ومزقها بيديه، كما أنه مزق الورقة التي كانت بيديه والتي كانت استقالته.
مرت أيام وشهور على وفاة ابنه، لم يجد من الحياة ما يصبر قلبه على فراق ابنه الوحيد، وإذا بالساعة الواحدة بعد منتصف الليل نظر لزوجته بجانبه على الفراش والتي غابت عن وجهها الابتسامة والفرحة منذ أن غاب عنها “أحمد”، ترك بجانبها رسالة قبل مغادرته المنزل…
زوجتي لقد اشتقت لابننا “أحمد”، ولا أطيق صبرا على فراقه والانتظار، ولكن غدا بمشيئة الله ألقاه في الجنان, ألم يقل ربنا سبحانه وتعالى في كتابه العزيز (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) صدق الله العظيم”.
انضم “حسان” لكتائب القسام، وتدرب بها لشهور قليلة ومن بعدها خرج بعملية شهد جميع أهل فلسطين بمدى وفائه وأنه لم يكن يوما عميلا!
استشهد “حسان” ولقي ما تمناه من الله سبحانه وتعالى، لقد صدق فيما تمنى، وعلى الإنسان الحكيم ألا يشري عرض الدنيا بالآخرة، ويكون من الجاهلين.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصة حلوة عن عوض الله سبحانه وتعالى من قصص وعبر
قصص قصيرة نبيل العوضي بعنوان قصة وعبرة ونهاية غير متوقعة!
قصة الرجوع الي الحق قصة وعبرة بقلم : عبد الجواد الحمزاوي
واصل الرحم قصة وعبرة بقلم : د.حسام العقاد