من أجمل فوائد قراءة قصص الأطفال هي توطيد العلاقة بين الأم والطفل، حيث أن من أكثر الأوقات المميزة بحياة الطفل وقت ما قبل النوم، يعتبر ذلك الوقت من أكثر الأوقات الخاصة والمميزة لدى الأطفال.
وعندما تستغل الأمهات ذلك الوقت في قراءة قصة مفيدة فإن ذلك يعزز ويوطد العلاقة بينها وبين أبنائها، وكل ذلك ينعكس على الأبناء بشكل إيجابي، وكل ذلك ينعكس بالأمان والشعور بالاسترخاء والراحة لدى الجميع.
قصـــة عقلة الإصبع
كان يا ما كان في قديم الزمان، كانت هناك امرأة تعيش ببلاد بعيدة وجميلة لطالما اشتاقت وتمنت أن يكون لها طفل، ولكنها لم تتمكن من تحقيق رغبتها حيث أنها كانت لا تنجب، وذلك الشيء كان يجعل قلبها حزينا على الدوام.
كانت هذه السيدة تبكي على الدوام ليل نهار، وفي إحدى المرات بينما كانت تبكي إذ بجنية تظهر لها فجأة من نور عظيم أمام عينيها…
الجنية: “لماذا تبكين يا عزيزتي، أخبريني فربما أستطيع مساعدتكِ”.
المرأة: “لقد بت وحيدة بكل الحياة بعد وفاة زوجي، ويس لي أبناء، فلو أن لي ابنة وحيدة وحسب كانت لتكون لي صديقة أشاركها كل شيء، أفراحي وأحزاني همومي وآلامي، ولكن ليس لي أحد” وعادت للبكاء من جديد.
الجنية: “حسنا لقد فهمت ما تحتاجين إليه، ولكن إياكِ والبكاء مرة ثانية، سأمنحكِ بذرة قومي بزراعتها في أرض خصبة، وضعيها بمكان حيث به الكثير من أشعة الشمس، ولا تنسي أن تغني لها بكل يوم، وعندما تنمو وتزدهر وتثمر هذه البذرة سترين مفاجأة تسعد قلبكِ الحزين”.
وكانت المرأة تفعل كل ما طلبته منها الجنية، وضعت البذرة بأصيص ووضعته في مكان به أشعة شمس، وغنت له بكل يوم، وبعد قليل من الأيام رأت برعما قد نمى، وبعد قليل من الأيام أيضا ازداد نمو البرعم وأصبح وردة ببتلات وأوراق وردية اللون.
كانت لهذه الزهرة العجيبة رائحة طيبة للغاية، وفي إحدى المرات بينما كانت السيدة تشتم رائحة الوردة قبلتها، وإذا بأوراقها تتفتح وتظهر بداخلها فتاة صغيرة للغاية بحجم عقلة الإصبع، كما أنها كانت أيضا جميلة للغاية، كانت فتاة شقراء بيضاء اللون بخدين ورديين كلون أوراق زهرتها.
أصيبت المرأة بالذهول والصدمة ولكن فرحتها وسعادتها غطيا على كل شعور آخر، أدركت حينها سبب إعطاء الجنية هذه البذرة العجيبة لها؛ وبرفق شديد أمسكت المرأة بالفتاة الصغيرة براحة يدها، وجعلتها تستقر بها وشرعت في لحديث إليها بكل فرح وسعادة…
المرأة وهي تنظر للفتاة الصغيرة بشغف شديد وحب: “يا قلبي الصغير، وأخيراً نورتِ حياتي يا حبيبتي الصغيرة الجميلة، أنا أمكِ ومن الآن فصاعدا سأسميكِ عقلة الإصبع”.
صنعت لها الأم الحنون سريراً من قشور الجوز، وكان فراش مهدها وغطائها عبارة عن ورقات الورود وبتلاتها؛ كانتا كلاهما تشعران بسعادة غامرة، فدائما ترقصان وتغنيان سويا؛ كانت الأم تأتي بكوب وتملأه بالمياه وتضع به قشور الجوز وبعض أوراق البتلات، فتمضي عقلة الإصبع الوقت بالساعات وهي تلهو وتمرح فوق المياه الجميلة، بينما كانت تحاكيها وتجلس بجانبها والدتها.
ومرت الكثير من الأيام وكبرت عقلة الإصبع ولكنها كانت لاتزال أيضا صغيرة الحجم بقدر عقلة الإصبع وربما أكبر من ذلك بشيء يسير؛ وفي إحدى الليالي بينما كانت عقلة الإصبع تنعم بنوم هادئ بعد قضائها يوم جميل مع والدتها، دخل ضفدع من خلال النافذة التي كانت مفتوحة حينها شيء يسير، وعندما رآها نائمة سر كثيرا وفكر في نفسه أن يتخذها زوجة لابنه، ودون تضييع للوقت منه حملها بين يديه وذهب بها.
وعندما وصل للمكان الذي يعيش فيه، وضع عقلة الإصبع بجانب بركة المياه بالحديقة، وعندما قدم ابنه ليرى المفاجأة التي أحضرها له والده سر كثيرا بجمالها، واقترح على والده أن يحملانها سويا ويضعانها فوق زهرة اللوتس حتى لا تهرب منهما ريثما يعدان كل طقوس الزفاف الخاصة بهم.
وعندما حل الصباح استيقظت عقلة الإصبع من نومها وصدمت عندما وجدت نفسها نائمة فوق زهرة اللوتس، وإذا بها تبكي وتبكي وتصرخ وتستغيث على أمل أن ينجدها أحد، وبالفعل سمعت صرخاتها أسماك البحيرة من حولها، صعدن لسطح المياه وسألنها عن حالها…
أسماك البحيرة: “ما الذي يبكيكِ أيتها الجميلة، إن بكائكِ قطع قلوبنا تقطيعا”.
عقلة الإصبع: “لقد كنت نائمة بسريري منعمة، وعندما استيقظت وجدت نفسي هنا أطفو فوق سطح المياه، أريد العودة لحضن والدتي”.
الأسماك: “لقد أحضراكِ الضفدع الكبير وابنه، يريد الضفدع الكبير أن يزوجكِ لابنه، ألا ترغبين في الزواج؟!”
عقلة الإصبع: “لا أرغب بالزواج، كل ما أرغب به هو العودة لأمي”.
وتوسلت عقلة الإصبع الأسماك أن ينقذوها ويساعدوها، وعلى الفور طمسن في المياه وأخذن يلتهمن ساق زهرة اللوتس المثبتة بقاع البحيرة، ونجحن في قطعها فتحركت زهرة اللوتس بفعل الرياح حتى وصلت لحفة البركة.
سارت على اليابسة المليئة بالأعشاب الخضراء، وإذا بكائن حي من فصيلة النمل الطائر “زيزو” يراها من فوق الشجرة، ويقول في نفسه: “ما أعجب هذا المخلوق، سآخذه وأريه لأصدقائي، بالتأكيد سيفرحون كثيرا برؤيته”.
يطير نحوها، ويحملها بين ذراعيه ويصعد بها فوق الشجرة، وعندما يراها أصدقائه يصدمون…
صديقة زيزو: “إنها خطر علينا، ألم ترى أنها تشبه البشر وبالتأكيد ستكون مثلهم في طباعهم الظالمة المتجبرة، اذهب بها بعيدا وضعها في مكان بعيد عنا”.
حزن زيزو كثيرا عندما رأى غضب أصدقائه بفعلته، فحمل عقلة الإصبع بين يديه ووضعها داخل الغابة وتركها ومضى يكمل طريقه؛ كانت الأمطار تنهمر بغزارة بالغابة والجو قارص البرودة، والملابس التي كانت ترتديها عقلة الإصبع كانت لفصل الصيف علاوة على كونها كانت تشعر بجوع شديد عطش، روت عطشها من رحيق الأزهار، ولم تجد شيئا لتأكله وتصمت به قرقرة بطنها.
وأمضت عقلة الإصبع تسير في الطريق بالغابة وترتجف من شدة البرد حتى ظهر أمامها أخيراً منزلا أمام كومة من التراب؛ طرقت عقلة الإصبع الباب بفرح شديد، وإذا بفأرة عجوز مسنة تفتح لها الباب…
عقلة الإصبع: “من فضلك أدخليني منزلكِ فإنني أشعر بالجوع والعطش الشديدين”.
سألتها الفأرة المسنة: “ومن تكونين أنتِ؟!”
عقلة الإصبع: “اسمي عقلة الإصبع وسأروي لكِ قصتي ولكن أرجوكِ أن تدخليني منزلكِ”، وبالفعل كانت عقلة الإصبع ترتجف من شدة البرد والجوع.
فأدخلتها الفأرة المسنة منزلها، وضيفتها وبداية أحضرت لها ملابسا جميلة جافة ومعطرة، وجعلتها تستحم وترتديها فور إعدادها لأشهى أنواع الطعام والحلويات، وبينما كانت تتناول عقلة الإصبع الطعام وكان من الظاهر عليها أنها بالفعل جائعة للغاية ولم تأكل شيئا منذ بضعة أيام، قصت عقلة الإصبع على مسامع الفأرة المسنة حكايتها كاملة، وعاشتا في سعادة بالغة حتى جاء اليوم الذي طرق فيه الباب على الفأرة المسنة السيد خلد!
وما إن وقعت عيني السيد خلد على عقلة الإصبع حتى أسر بجمالها الفاتن، وعلى الفور في تعجل سأل السيدة فأرة: “من هذه الجميلة التي تسكن بمنزلكِ؟!”
فأجابته السيدة فأرة: “هذه هي عقلة الإصبع الجميلة، وهي تؤنس وحدتي وتجلس معي دوما”.
رحبت به السيدة فأرة وعقلة الإصبع ترحيبا بالغا، وبسبب افتتانه بجمال عقلة الإصبع فأصبح بكل يوم يأتي بالهدايا الجميلة والمختلفة وبالأطعمة لتنجذب إليه عقلة الإصبع وتعجب به؛ وبعد مرور القليل من الوقت صارحها السيد خلد بإعجابه بها وبرغبته في الزواج منها.
صدمت عقلة الإصبع فهي لا تريد الزواج، وكل ما تريده هو العودة لوالدتها الحنون، اعتذرت عقلة الإصبع لرفضها طلبه بالزواج بها، وكانت شديدة الاحترام إليه: “إنني أحترمك كثيرا يا سيد خلد فأنت رجل نبيل، وهناك الكثيرات ممن يتمنون الزواج بك، ولكنني لا أفكر بهذا الموضوع الآن”.
وعندما جاء المساء أرادت السيدة فأرة التحدث مع عقلة الإصبع وإقناعها بالزواج من السيد خلد ظنا منها بأنها ستكون سعيدة للغاية بالوجود معه …
السيدة فأرة: “انظري يا عقلة الإصبع الجميلة إنني أعلم أنكِ لا تريدين الزواج به، ولكن دعينا نذهب إليه ونزروه ونرى منزله، وبذلك نكون قد لبينا دعوته وجبرنا بخاطره، وإن غيرتِ رأيكِ في الطريق واقتنعتِ بالزواج به حينها ستكونين قد رأيتِ المنزل الذي ستعيشين فيه مسبقاً، فما رأيكِ إذاً؟!”
رفضت عقلة الإصبع الزواج بالسيد خلد نهائيا حيث أنه يعيش تحت الأرض، وطبيعة عيشه لا تتناسب معها كليا، فعقلة الإصبع فتاة تعشق أشعة الشمس والأشجار؛ ولكنها أبت أن تحطم قلب السيدة فأرة فتبعتها عقلة الإصبع طوال الطريق أثناء ذهابهما للسيد خلد.
وقبل وصولهما للمنزل رأتا بالطريق حمامة مصابة في إحدى جناحيها وملقاة على الأرض، فأسرعت عقلة الإصبع نحوها تطمئن عليها؛ وجدتها لاتزال على قيد الحياة وسرت كثيرا لذلك، ودون تفكير ركضت تجاه منزل السيدة فأرة وأحضرت حقيبة الإسعافات الأولية، واعتنت كثيرا بها ضمدت جراحها ودواتها وروتها بالمياه، ولم تتركها غلا بعدما اطمأنت عليها، وحينها كان الليل قد أسدل وخيم على الغابة.
وبالمنزل أرادت عقلة الإصبع أن تصارح السيدة فأرة ببعض الأشياء، وبعدما تناولتا طعام العشاء سويا، جلستا وشرعتا في الحديث…
عقلة الإصبع: “إنني لا أرغب بالزواج من السيد خلد، إنه نبيل وكريم للغاية ولكنه ينتمي لفصيلة تحت الأرض بينما أنا لا أنتمي إلا لفصيلة ما فوق الأرض، لذلك لا يمكنني الزواج به؛ وأشكركِ كثيراً على كل ما قدمته لي وعلى عطفكِ معي، فلولا وجودكِ لما كنت على قيد الحياة الآن، أنا ممتنة فعلا لإنقاذكِ لحياتي، ولكنني مشتاقة فعلا لوالدتي وموطني، لذلك أطلب منكِ وأستأذنكِ بالسماح لي بالعودة إليهما فور تعافي الحمامة وإتمام شفائها”.
الفأرة المسنة: “لكِ ما تريدين يا عقلة الإصبع الجميلة طالما أنكِ ستكونين سعيدة”.
عقلة الإصبع: “أشكركِ يا سيدة فأرة العزيزة على كل ما قدمتيه لأجلي”.
الفأرة المسنة: “لا داعي للشكر يا عقلة الإصبع، فكل ن وضع بمكاني سيفعل مثلما فعلت وأكثر من ذلك أيضا”.
عقلة الإصبع: “ولكن ينبغي أن تعلمين أنني سأفتقدكِ كثيرا”.
وبعد مرور بضعة أيام ومع الاعتناء من عقلة الإصبع تم تعافي الحمامة، والتي أحبت عقلة الإصبع كثيرا لطيبة قلبها، وعندما حان وقت الرحيل سألتها: “أترغبين في شيء يا عقلة الإصبع لأنني ذاهبة، وسأتأخر عليكِ بضعة أيام، وحقا أعجز عن شكركِ على كل ما فعلته لي”.
عقلة الإصبع: “في الحقيقة أريد منكِ أن تحمليني وتوصليني لمنزلي ووالدتي، فهل تستطيعين فعل ذلك؟”
الحمامة: “نعم أستطيع يا عقلة الإصبع، وسأفعل ذلك بكل سرور وفرح”.
ودعت عقلت الإصبع الفأرة المسنة وضمتها لحضنها، وبعدها صعدت ظهر الحمامة وتمسكت بها إحكام خشية أن تسقط بفعل الرياح والهواء أثناء تحليق الحمامة بين السحاب.
وبعد كثير من الوقت في التحليق وصلت الحمامة أخيراً بعقلة الإصبع لمنزلها، وحطت بها بحذر شديد وسط الزهور بحديقة والدتها، وهناك ودعتاه الحمامة وطلبت منها الاهتمام بنفسها قبل عودتها للتحليق في السماء عاليا من جديد.
ركضت عقلة الإصبع تجاه والدتها التي عانقتها والدموع تفيض فرحا من عينيها، واستكملتا سعادتهما وفرحهما سويا، واستأنفتا أيامهما السعيدة.
وبيوم من الأيام بينما كانت عقلة الإصبع تقفز بين زهور الحديقة، وإذا بها تلاحظ وردة براقة لامعة لم ترها من قبل، وبعد قليل من الوقت تتفتح وريقات هذه الوردة ويخرج منها أمير في حجة عقلة الإصبع وجمالها، وعندما رأى كلاً منهما الآخر ذهل من الوضع، فقد كانا لأول مرة يريا فيها شبيها بهما؛ ومع مرور الأيام كانا يلعبان ويمرحان سويا أعجبا كلا منهما بالآخر.
وعندما صارحها ذلك الأمير بإعجابه صارحته هي أيضا، فتقدم بطلب الزواج بها ووافقت بعدما استشارت والدتها، وبيوم الزفاف منحها الأمير هدية الزواج وكانت جناحين شفافين.
عاشا في حديقة والدتها وتنعما سويا بأجمل الأوقات.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص خيالية قبل النوم للأطفال مضحكة وفيها فكرة جميلة قصة القاضي والذبابة
قصص خيالية مسلية وممتعة جداً للاطفال الصغار بعنوان الشجرة الأم
قصص أطفال خيالية قصيرة قصة الإوزة والبيضة الذهبية