ولد “عنترة بن شداد” في أحد أقاليم شبه الجزيرة العربية (نجد)، و”عنترة” أحد أفراد قبيلة بني عبس العربية، أما عن والدة “عنترة” فقد كانت امرأة أثيوبية وكان قد استعبدها “شداد” بعد خوضه لحرب قبيلة.
وعن حياة “عنترة بن شداد” فقد نشأ في ظل العبودية نظرا لونه الأسود، ولم يلذ به أحد بكل القبيلة على الرغم من كونه ابن شداد أحد سادتها وأشرافها.
كان لعنترة بن شداد الكثير من الصفات والخصال، وأكثر ما كان يتسم به من خصال مميزة حبه لذاته، وكان يتصف بالشجاعة المفرطة بالمعارك، وعلى الرغم من قوته وقسوته على الأعداء إلا إنه أيضا كان يتمتع بقلب حنون وطيب ومن أفضل سماته كانت الرومانسية.
وقد تمكن “عنترة بن شداد” من التخلص من رق العبودية في أحد الأيام حيث غزت إحدى القبائل قبيلته “بني عبس”، وأمره والده بالدفاع عن قبيلته والقتال، ولكن “عنترة” أخبر والده قائلا: (إن العبد لا يعرف كيف يغزو، ولا يعرف كيف يدافع عن أسياده، والعبد لا يصلح إلا في حلب الماعز وخدمة سيده)، ومن هنا أخبره والده بأنه من الأحرار، ولم يفعل ذلك عنترة إلا ليصبح حراً، وبالفعل قاتل عنترة الغزاة وطردهم من قبيلته بعدما هزمهم أشر هزيمة.
وقع “عنترة بن شداد” في حب ابنة عمه “عبلة”، وقد واجه الكثير من التحديات والصعوبات في ظل حبه لها حتى أنه اضطر المخاطرة بحياته فداءً لإحضار ألف ناقة من نوق النعمان بن المنذر، وقد كان نوع خاص من أنواع الإبل بشبه الجزيرة العربية.
شارك “عنترة بن شداد” في الحرب الكبرى التي نشأت بين قبيلته “بني عبس” وقبيلة ذبيان، والتي كان سببها مسابقة خيول، وقد سميت الحرب على اسمها حرب الضاحية والغبرة؛ وقد قتل “عنترة بن شداد” في نزال بينه وبين قبيلة تاي.
قصــــــة عنترة بن شداد
“عنترة بن شداد بن قراد العبسي” ولد بعام 525 ميلادياً، و”عنترة بن شداد” أحد أشهر شعراء العرب في فترة ما قبل ظهور الإسلام، اشتهر بشعره الجميل في الفروسية والشجاعة والغزل العفيف بابنة عمه وحبيبته عبلة.
صفات عنترة بن شداد:
ونظرا لوجود “عنترة” من أب عربي ووالدة حبشية، فقد كان لعنترة صفات تختلف كثيرا عن البقية، فقد كان ضخم البنية عبوس الوجه متلفلف الشعر، كبير الشدقين ذو عظام صلبة شديد المنكبين طويل القامة، يشبه في خلقته والده شداد.
حياة عنترة بن شداد في العبودية:
كان لعنترة النصيب الأوفر من التعاسة والحزن وضيق العيش حيث أنه كان عبدا ولم يلحقه والده به، فقد كانت من عادات العرب ألا يعترفوا بأنساب أبنائهم من الإيماء إلا في حالات نادرة، وتعود هذه الحالات إذا كان الابن من الأمة قد تفوق على إخوته في القتال والفروسية وما شابه ذلك.
أما عن “عنترة” فقد كان يعنفه والده “شداد” على الدوام، يعاقبه على كل صغيرة وكبيرة، وكان متحاملا عليه بسبب زوجته “سمية” والتي كانت على الدوام تكيد المكائد لعنترة لينال عقابا متواصلا شديدا من والده “شداد”.
وفي إحدى المراتع كادت له “سمية” عند والده، فأخبرت زوجها بأن عنترة قد راودها عن نفسها، فلقي “عنترة” من والده أشد العقاب، فقد انهال عليه ضربا لدرجة أنه كاد ليقتله بالسيف لولا أن “سمية” أخذتها الرحمة به والشفقة عليه فرمت بجسدها عليه لتفديه الضرب والقتل من والده.
قصة نسبه لأبيه شداد:
في يوم أغارت قبيلة طئ على قبيلة عبس في ثأر لها حيث أن قبيلة عبس كانت قبل ذلك قد غزتها واستاقت إبلها.
شارك “عنترة” في الدفاع عن قبيلته ولكنه كان مدافعا لا مهاجما مغوارا، وكان “عنترة” قد شارك قبيلته عبس في الغزو على قبيلة طئ قبل ذلك غير أنهم بخسوه حقه في الغنائم، وعاملوه معاملة العبد فأعطوه النصف وحسب، أبى “عنترة” ما فرضوه عليه وأبى النزال معهم مجددا.
اشتد القتال على قبيلة بني عبس حتى أنهم كادوا يسلبوا كل خيراتهم، فنادى شداد في عنترة قائلا: “كرَّ يا عنترة”.
فأجابه عنترة مجيبا على سؤله: “لا يحسن العبد الكرَّ إلا الحلاب والصر”.
لم يجد والده “شداد” مخرجا إلا أن ناداه ثانية قائلا: “كرَّ وأنت حر”.
سعد “عنترة” واعتبره نصره الأكبر فقاتل وكان النصر حليفهم، سعدت به كل القبيلة واحتفلوا به وكرموه أيضا على شجاعته وبسالته.
قصة حب عنترة لابنة عمه عبلة:
كان لعبلة قلب “عنترة بن شداد”، فقد أحبها أشد الحب وأعظمه، تميزت عبلة ابنة مالك بجمالها الباهر ورجاحة عقلها، قيل أن هذا الحب لم يعقه شيء إلا صلابة والدها مالك وأنفة أخيها عمرو.
تقدم “عنترة بن شداد” لعمه مالك يطلب الزواج من ابنته “عبلة” المولع بحبها، ولكن عمه “مالك” أبى أن يزوجها لرجل أسود اللون!
ومع تدخل من أخيه “شداد” تراجع عن قراره ولكنه وضع شرطا تعجيزيا لعنترة واضعا أمامه سد السبل، فقد طلب منه ألفا من النوق الحمر للملك نعمان، والتي كانت تسمى حينها عصافير النعمان، وقد وضع ذلك الشرط ليتخلص من عنترة ابن أخيه حيث أنهم جميعا كانوا على يقين حينها بأنه من يذهب في هذه الطريق لا يعود منها مجددا.
ولكن “عنترة” أمام حب حياته أصر على الذهاب والمجيء بمهر عبلة حبيبة قلبه، فذهب في طلبهم ولاقى خلال رحلته الأهوال وكادت حياته تزهق فأسر وفك أسره، وعاد من جديد إليهم بالألف ناقة حمراء.
وبالرغم من مجيئه بهن إلا أن عمه لم يرد له الزواج بابنته فعرضها على أشجع الفرسان.
وهناك قولان في أمر زواجهما، فقال البعض أنهما لم يتزوجا وأن عبلة قد تزوجت بأحد أشراف العرب رغما عنها ورغما عن “عنترة” أيضا حيث جرت عادة العرب ألا يزوجوا فتاة ذاع صيت حبها.
ويقال أنهما قد تزوجا ببعضهما البعض حيث أنهم خشوا من بطش “عنترة” بإبعاده عن حبيبته وإصراره على الثأر ممن كان سببا في ذلك.
شعر عنترة بن شداد الأشهر في عصره:
تم تنسيق شعر “عنترة بن شداد” بعد وفاته، وقد اعتبر “عنترة بن شداد” واحد من أعظم الشعراء العرب، وتعد إحدى قصائده والتي تم نظمها واحدة من أعظم المعلقات التي مرت على تاريخ الشعر والأدب بعالمنا العربي.
ومما تميز به شعر “عنترة بن شداد” وصف الأحداث بالتفصيل داخل قصائده، فكانت أحداث قصيدة عنترة وعبلة أحداثاً ملحمية.
واشتهر “عنترة بن شداد” بالحماسة والفخر بقصائده، ويرجع ذلك لكونه شجاعا مقداما ومقاتلا فريدا من نوعه في عصره.
عرف شعره أيضا بربط الجمل ببعضها البعض، علاوة على الفصاحة التي وجدت بأبيات قصائده؛ كما أن شعره اتسم بالرومانسية والغزل الصريح.
وفاة عنترة بن شداد:
توفي “عنترة بن شداد” في عام 615 ميلاديا عن عمر يناهز التسعين عاما أو يقاربها.
ذكرت في وفاة “عنترة بن شداد” روايات كثيرة، ولكن أكثر رواية مرجحة هي رواية صاحب الأغاني، والتي جاء فيها أن “عنترة” قد أغار على بني نبهان من قبيلة طئ، وكان “عنترة” شيخا كبيرا حينها ورغم ذلك طارد لهم طريدة، وكان يقول وهو يطاردها: “آثار ظلمان بقاعٍ ومحربٍ”.
وكان هناك زر بن جابر النبهاني فرماه، فقصمت ظهره، فتحامل عنترة حتى جاءه أهله، وأنشد قائلا:
وإن ابن سلمى عند فاعلموا دمي
وهيهات لا يُرجى ابن سلمى ولا دمي!
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصة معلقة عمرو بن كلثوم، قصة من أشهر معلقات الشعر الجاهلي
قصة الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم (البيت الذي قتل صاحبه)
قصة صوت صفير البلبل وصحة نسبها للأصمعي