قصص حب زمان بعنوان المياسة والمقداد من أجمل قصص حب العرب قديما
إن مما قيل واتفق عليه أن من أصعب ما يقتل الرجل أن يحب امرأة ليست من سقفه العاجي…
بأن تكون غنية ومن سادات القوم، وهو يكون الأكثر فقرا بينهم، فيرى الرجل حينها إن علمت بحبه قالت مصلحة!، وإن رضيت بحبه وبادلته شعور الحب سيرضخ لها، فيؤثر أن يبقى عزيزاً بعيداً.
إليكم بقصة حب الأكثر جمالا من بين قصص حب زمان ومن أجمل قصص حب العرب قديما وحديثا أيضا…
قصـــة حب المياسة والمقداد
من أجمل قصص حب زمان على الإطلاق…
كانت “المياسة” بنت سيد من سادات العرب، كانت ابنة “جابر الضحاك” أحد سادات كِندة، أما في المقابل فقد كان ابن عمها “المقداد بن الأسود الكِندي” وقد كان فقيراً معدما مهنته بالحياة رعاية الإبل والخيول وكانوا ملكاً لخاله.
وصف جمالها وخصالها:
ومن شدة جمال “المياسة” فقد قيل عنها من العرب ما قيل: (كان طرفها كحيل، وعنقها طويل، ذكية المعاطر، مقبقبة الخواطر، إن أدبرت فتنت وإن أدبرت فتنت)؛ يقال أن المياسة إذا مشت أبصرتها أعين العرب في السوق، فقد كانت المياسة أطول نساء كِندة قامة، وكانت تتسم بلبسها البياض، فتتميز عن سائر قريناتها، وكانت دائمة معطرة لدرجة أنه إذا مر أحدهم بعدها بطريق أيقن بأن المياسة مرت به قبله لمعرفة الجميع بعطرها المتميزة به دونا عن غيرها.
وعلى الرغم من كل محاسنها إلا إنها أيضا كانت فارسة مغوارة، وكانت صعبة المراس، من شدة حبها للفروسية وركوب الخيل والقتل والنزال كان لا يمر عليها يوما إلا وامتطت جوادها، كانت عاشقة للحروب لدرجة أوصلتها أنها كانت تشترط على من يأتي للزواج بها أن ينازلها في قتال، فإن غلبها كانت حليلته وإن غلبته ولى بوجهه عنها.
موقف أباها:
وفي يوم من الأيام دخل عليها والدها غاضبا من القرار الذي اتخذته بمنازلة كل من يأتي للزواج بها، واشتراطها بمنازلة كل من يقبل للزواج به، فقد كانت الكارثة أنه كلما أتى إليها سيد من سادات العرب للزواج بها طالبته بنزالها فغلبته وأوقعت به؛ أمرها والدها بأن تتوقف عن قرارها، ولكنها أبت قائلة: “بذمة العرب وشهر رجب والرب إذا طلب غلب”!
لقد كانت حرة أبية، أوصلت لوالدها بهذه الكلمات البسيطة أنها ابنته، ابنة سادة العرب، فهل يقبل لها والدها سيد العرب بأن تتزوج بمن هو أضعف منها؟!
كان يأتي إليها سادات العرب من كل مكان بشبه الجزيرة العربية من البطحاء.. من قريش.. من بني تغلب.. من بني الحارث، وكل من يأتيها خاطبا لها ويعلم بشرطها الوحيد يوافق عليه، فينازلها فتغلبه فيعود خائباً لأرض وطنه.
من أصعب المواقف:
وفي يوم من الأيام اجتمع سادات البطحاء وهم سادات قريش، وقرروا الذهاب لأبيها “جابر الضحاك”، وقد استقبله أحسن استقبال، وعندما سألهم عن مطلبهم، قال أحدهم: “لقد سمعنا أن عندك ابنة وصفها العرب بشدة جمالها وتفوق حسنها وشجاعتها، وإنا لها لخطاب”.
قام أبو الحكم (عمرو بن هشام) وخطبها لابنه “حنظلة”؛ دخل عليها والدها: “لقد جاءكِ سادة العرب، يا ابنتي لم يبقَ أحد من العرب إلا وقد أتى لطلبكِ، لقد بتِ في نهاية العرب، لم يبقَ أحد يا ابنتي”!
فردت عليه المياسة: “لن يملك عناني إلا من يغلبني في المبارزة أو أعتزل الرجال”.
وبالفعل دار بينهم النزال، وكالعادة لم يستطع أحد منهم نزالها، لدرجة أنها أسقطتهم واحدا تلو الآخر عند قدمي فرسها، وأمسكت سيفها الهندي وضربته أرضا عند رؤوسهم ودخلت خيمتها.
في المقابل:
كان “المقداد بن الأسود” ابن عمها وكان متيم بحبها، ولكن وما حيلة الضعيف؟!، فقد كان فقيرا معدما على الرغم من كونه ابن عم لها! ومن نفس العشيرة.
وفي يوم من الأيام ذهب “المقداد” لأمه، وطلب منها أن تذهب لأخيها وتأتيه بفرسه ودرعه وسيفه، ليقاتل “المياسة” ابنة عمه وينازلها، فعسى أن يغلبها ويتزوج بها.
وكان جواب والدته عليه صادما: “دع ما ليس لك فيه، وعد إلى الإبل والأغنام التي ترعها”!
فقال المقداد لوالدته بقلب موجوع: “ما بال الفقير يمشي وكل شيء يمشي ضده، والناس تغلق دونه أبوابها حتى الكلاب إذا رأته عابرا نبحت عليه وكشرت عن أنيابها”.
وعندما سمعت ما قاله ابنها صدمت، وقد أحست بأنها جرحته بكلماتها التي كانت قاسية عليه وعلى قلبه، فطلبت منه أن يجلس وستذهب لخاله وتأتيه بما طلبه منها؛ وعندما ذهبت لأخيها لم تجده، فأخبرت زوجته بكل شيء، وما كان منها إلا أن أعطتها خيلا وسيفا ورمحا ودرعا، وأخبرتها بأنه هدية للمقداد.
نزال الأحبة:
ركب “المقداد” الخيل بعدما تنكر كيلا يعرفه عمه وابنة عمه “المياسة”، تنازلا لدرجة أنه قيل أنه كسر سيفها بعدما كسرا الرمحين، وأوقعها من على خيلها وضرب سيفه فوق رأسها!
كشف “المقداد” عن وجهه، وصعق كل من كان حوله، قامت “المياسة” من موضعها مهزومة وقالت لأبيها: “لقد رضيت به زوجا لي”؛ ولكن كان لوالدها رأي آخر، فكيف بعد كل سادات العرب الذين أتوا لخطبتها ترضى بابن أخيه المعدم الفقير؟!
صراع وغضب:
أبى والدها أن يزوجها بابن أخيه، إذ أنه أقل منهم، وأقل واحد فيمن تقدموا إليه لخطبة ابنته؛ أنكر عليه سادات العرب فعلته، فكيف له ألا يرضى بابن أخيه اليتيم، والذي هو واحد من عشيرته، وابنته بنفسها قد ارتضت به زوجا لها؟!
أما عن “المياسة” فأقسمت لوالدها بألا تتزوج غيره، وأنها لن تنازل أحدا بعده.
مكر وخديعة:
اجتمع والد “المياسة” بأصدقائه ليجدوا له حلا، وبالفعل أخبروه بمكر وخديعة أنه يقول بأنه موافق على الزواج بشرط أن يأتي بمهر ابنته أولا.
واجتمع “جابر بن الضحاك” بالمقداد صباح اليوم التالي قائلا له: “لقد وافقت على زواجك بابنتي، ولكن ابنتي تريد مهرها”.
فسأله المقداد: “وما مهرها؟!”
فقال جابر: “400 ناقة حمر لم يحمل عليهن شيء، وحتى لا أثقل عليك 400 رأس خيل واجعل السرج من الذهب، وأحتاج منك 100 جارية و100 عبد، و100 أوقية من المسك فابنتي تحب الطيب، و50 أوقية من الكافور، و100 ثوب من مصر وعسل من الشام، و1000 أوقية من الذهب الأحمر، و1000 أوقية من الفضة البيضاء، و800 أوقية من البنان الرومي؛ هذا هو مهر ابنتي وجهازها”.
والعجيب أن المقداد رد على عمه في الحال: “لكَ علي ذلك، سآتيك بكل ما طلبته”!، فبهت عمه.
وبالفعل خرج المقداد ليوفي بكلمة أعطاها لعمه، ويظفر بالمياسة زوجة له؛ وبينما كان على الطريق رأى 300 ناقة حمر يحرسها 3 فرسان، فصرخ فيهم وسل سيفه، فرأوه شابا في مقتبل عمره فمنعوه قائلا أحدهم: “ويلك هذه القافلة لسادة قريش، فويلك ثم ويلك منهم”.
فتراجع قليلا، فسأله أحدهم: “ما حملك على فعل ذلك؟!”، فسرد عليه قصته مع عمه وابنة عمه، فوهبه أحدهم 100 من النوق التي معهم تأثرا بقصته.
وبينما كان يكمل مسيرته تقاتل مع فرسان من كسرى، فتفوق عليهم لدرجة أشاد به كسرى نفسه، فأعطاه أموالا طائلة علاوة على خاتم الأمان والذي كان يعدل خراج مصر والعراق والشام سبع سنوات.
وعندما عاد المقداد إلى قومه مع الأموال الباهظة و100 ناقة، وخاتم الأمان بيده زوجه ابنته على الفور.
وكانت قصة من أجمل قصص حب زمان اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
3 قصص حب قصيرة رومانسية قبل النوم