قصص ما قبل النوم قصيرة وجميلة ومعبرة للغاية اغتنمها!
علينا أن نقرأ أخبار الأمم الذي سبقونا من امتلكوا الدنيا بأسرها، من صدقوا الله ما عاهدوا فأتتهم الدنيا وهي راغمة؛ القراءة كنز لا ينضب على الدوام دائما يعطينا الجديد ويعطينا الكثير من ذخائره، لم يندم إنسان قط على القراءة، ولكن ما علينا توخي الحذر منه على الدوام التحلي بحسن اختيار ما نقرأه لتعم المعرفة القيمة؛ علينا أن نربي أنفسنا ونربي صغارنا على حب القراءة، فنحن أمة اقرأ، علينا أن نتمسك بهويتنا الحقيقية ولا نندرج لما يريدوننا أن نكون عليه.
القصــــــــــــــة الأولى:
من أجمل قصص ما قبل النوم قصيرة على الإطلاق…
عندما طعن سيدنا “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه وأرضاه، وأوتي إليه بالحليب فشربه ولكنه خر من خاصرته، فقال له الطبيب: (أوصي يا أمير المؤمنين فإنك لن تعيش)!
فنادى سيدنا “عمر بن الخطاب” ابنه “عبد الله” وقال له: (آتني بحذيفة بن اليمان)، وكان سيدنا “حذيفة بن اليمان” الصحابي الوحيد الذي ائتمنه رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وأعطاه أسماء المنافقين، وبذلك لم يكن يعلم أسماء هؤلاء المنافقين بعد الله ورسوله الكريم إلا “حذيفة بن اليمان”؛ وما إن أته “حذيفة” حتى قال له أمير المؤمنين سيدنا “عمر بن الخطاب” والدماء تسيل من خاصرته: (يا حذيفة أناشدك بالله العلي العظيم هل قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم اسمي بين المنافقين؟)، فصمت “حذيفة” والدمع يسيل من عينيه وقال: (لقد ائتمنني رسول الله على سر ولا أستطيع أن أبوح لك به يا عمر).
فقال سيدنا “عمر بن الخطاب”: (يا حذيفة بالله عليك أخبرني هل قال لك رسول الله اسمي بينهم؟)، فقال سيدنا “حذيفة” وهو يبكي: (أقولها لك يا عمر ولا أقولها لغيرك، والله ما ذكر اسمك عندي)؛ وهنا اطمئن “عمر” قليلا وقال لابنه “عبد الله”: (يا بني بقي لي من الدنيا أمر واحد)، فسأله ابنه: (وما هو يا أبتاه؟!)، فقال له “عمر” رضي الله عنه وأرضاه: (أن أدفن بجوار رسول الله، يا بني اذهب إلى عائشة أم المؤمنين، ولا تقل أمير المؤمنين!، ولكن قل عمر يستأذنكِ أنتِ صاحبة البيت إن أذنتِ أن يدفن عمر تحت قدمي صاحبيه)، وكانت إجابة السيدة “عائشة” رضي الله عنها وأرضاها لسيدنا “عبد الله بن عمر”: (لقد كنت قد أعددت هذا القرب لي، والآن أتركه لعمر).
عاد سيدنا “عبد الله” إلى أبيه وقال فرحا: (يا أبتاه لقد أذنت لك أم المؤمنين)، وإذا به يرى خد أبيه على التراب، فاقترب منه وجلس بجواره وجعل خد أبيه على فخذه، فنظر إليه سيدنا “عمر” وقال له: (لم تمنع خدي عن التراب؟!)، قال “عبد الله”: (يا أبتاه)، فقال له سيدنا “عمر”: (ضع خد أبيك على التراب ليمرغ به وجهه، فويل عمر إن لم يغفر له ربه غدا).
ومات سيدنا “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه وأرضاه بعد أن أوصى ابنه “عبد الله”، إذ قاله له: (إن حملتني وصليت علي في مسجد رسول الله فانظر لصفوف المصلين فإن رأيت “حذيفة” فقد يكون راعني في القول، فإن صلى علي “حذيفة” فاحملني باتجاه بيت رسول الله؛ ثم قف على الباب وقل يا أماه ولدكِ “عمر” ولا تقل أمير المؤمنين فقد تكون قد استحييت مني فأذنت لي، فإن لم تأذن لك فادفني في مقابر المسلمين).
فحمله ابنه “عبد الله” وعندما وجد سيدنا “حذيفة بن اليمان” بين المصلين استبشر، وحمله لبيت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، فقال “عبد الله”: (يا أمنا إن ولدكِ “عمر” على الباب فهل تأذنين له؟)، فقالت السيدة “عائشة”: (أدخلوه).
فدفن سيدنا “عمر بن الخطاب” بجوار صديقيه، كان سيدنا “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه وأرضاه قد ملأ الأرض عدلا، وعلى الرغم من أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم بشره بأنه من أصحاب الجنة إلا أنه كان يخاف الله خوفا شديدا ويخشى عذابه؛ فما بالنا نحن اليوم؟! أمنا عذاب الله وركنا للحياة الدنيا فصرنا نلهو ونلعب ونضحك ولا ندري أكان ربنا راضٍ عنا أم لا؟!
القصــــــــــــــــــة الثانيــــــــــــــة:
واحدة من قصص ما قبل النوم قصيرة، وهي قصة جميلة وتحمل معاني سامية…
في يوم من الأيام دارت مباراة ملاكمة بين الراحل الجميل “محمد علي كلاي” ومنافسه “إيرني تيريل”، وقد أسقط “محمد علي كلاي” منافسه بالضربة القاضية في الجولة الثالثة في مباراة كانت من طرف واحد على الرغم من قوة وصلابة خصمه ومنافسه “إيرني” الذي كان أقوى وأضخم منه، وبعد أن أسقطه “محمد علي كلاي” استمر يصرخ وبصوت عالي قائلا: “ما اسمي؟! هاا” وكان يرددها بعصبية وبقوة لدرجة أن حكم المباراة أبعده خوفا من أن يفتك بخصمه؛ وترجع القصة إلى أن خصمه ومتحديه على اللقب عندما سخر من اسمه “محمد” وهدده وتوعده بأنه سيبرحه ضربا لدرجة أنه سيجعله يعود لرشده وصوابه ولاسمه القديم وتعمد أن يناديه باسمه القديم بحلقة البرنامج.
اعتبر “محمد علي كلاي” ما فعله خصمه استهزاءً بالدين الإسلامي، وليس استهزاء بشخصه، فتوعده بينه وبين نفسه؛ دخل يوم المباراة إلى الحلبة ولم يكن ينظر إلا أمامه وكانت تعلو وجهه علامات الغضب الشديد والصرامة، وعندما رآه خصمه بهذه النظرة المتجهمة وقع الرعب بقلبه، وما عن بدأت المباراة كان “محمد علي” على غير عادته في اللعب يوجه إليه ضربات متتالية حتى أوقعه أرضا، لقد كان ثائرا لدينه ولنبيه “محمد” صلَّ الله عليه وسلم، وعندما سئل عن المباراة وعن فعله أجاب قائلا: “لقد أهان ديني وأنا لا أسمح بذلك مطلقا”؛ ما فعله “محمد علي كلاي” لم يكن نصرة لنفسه بل كان نصرة لنبيه ودينه.