قصص عربية قديمة بعنوان الطاحونة الحجرية
إن تعلم مهارات الإنصات والاستماع يعد أمرا هاما للغاية، كما أنه أفادت العديد من الدراسات العلمية أنه لأمر هام للغاية تقوية هذه المهارة لدى الأطفال منذ صغرهم. وشخصية الطفل ما هي إلا انعكاس للتجارب التي مر عليه، والقصص تكسبه العديد من التجارب دون خوضها، لمجرد الاستماع إليها أو قراءتها فيمكنه اكتسابها والعمل بما جاء بها.
لذلك فكثيرا من الآباء يبحثون عن طرق وأساليب حديثة لتنمية شخصيات صغارهم، ومن أجمل القصص قصص عربية قديمة فإنها مفعمة بالتجارب الهادفة.
قصـة الطاحونة الحجرية:
في زمن ما كان هناك أخا فاحش الثراء، من كثرة الأموال والثروات التي يمتلكها لا يمكنه إحصائها وعدها، وكان لديه أخا فقير معدم لدرجة أنه لا يمتلك قوت يومه. الأخ الثري كان يعيش بداخل قصر فاره، وينفق ببذخ على نفسه وزوجته وأولاده، بخلاف أخيه الذي كان يعيش بمنزل صغير متهالك، وزوجته وأطفاله يتضورون جوعا لدرجة أنهم جميعا لا يقوون على الوقوف.
كان الرجل يخرج بعد الفجر يوميا بحثا عن عمل، ولكنه لا يوفق في ذلك فيعود صفر اليدين؛ وفي يوم من الأيام ما إن دخل للمنزل ورأى حال زوجته وأطفاله الصغار حتى قرر الذهاب لأخيه ليقترض منه بعض الأموال.
وبالفعل ذهب لأخيه والذي عامله بجفاء وقام بطرده من قصره، خرج الرجل من منزل أخيه والدموع تتساقط من عينيه، وعلى الرغم من شدة أحزانه إلا إنه لم يتردد ولا ثانية واحدة في مساعدة رجل عجوز رآه يعاني من حمل حزمة كبيرة من الحطب وقد كانت ثقيلة للغاية أيضا.
حملها له، وأثناء طريقهما للمنزل سأله الرجل العجوز عن سبب أحزانه، فأخبره بأنه يشعر بالقهر حيث أنه عاجز إطعام أطفاله الصغار وزوجته؛ فقرر الرجل العجوز أن يكافئه بطريقة جميلة للغاية، عندما وصلا للمنزل وأنزل الرجل حزمة الحطب أتاه العجوز من الداخل بكعكة غريبة الشكل، أعطاه إياها مع بعض من النصائح التي عليه اتباعها بحذافيرها، أخبره أن يسير بطريق قريب من منزله، وأن عليه أن يسير وألا يتوقف حتى يصل لثلاثة شجرات لثمرة البرقوق مرصوصة بجوار بعضها البعض، وورائهم منزل صغير الحجم أمامه حديقة واسعة جميلة، وبداخل المنزل ثلاثة أقزام يعشقون هذه الكعكة، وبأنهم سيعرضون أي ثمنا لأخذها، أسدله نصيحة بألا يطلب منهم مالا وأن يطلب شيئا واحدا وهي الطحانة الحجرية.
وبالفعل أخذ الرجل بالنصح وصار يسير، ولم ييأس وكان يشعر بالتعب والإرهاق الشديدين، وما إن رأى الثلاثة شجرات حتى فرح قلبه كثيرا واستكمل طريقه حتى وصل للمنزل الصغير، ودخل به ووجد الثلاثة أقزام وكانوا يستشيطون غضبا، اعتقدوا بأنه لص وكادوا يفعلون به الأهوال لولا أنه أخرج من جيبه قطعة الكعك، هنا أصابهم الهدوء واللين وتهافتوا ووصل بهم الحال أن توسلوا إليه ليحصلوا على هذه الكعكة.
أرادوا إعطائه الكثير من المال الوفير مقابل الكعكة إلا أنه أبى ذلك وأخبرهم بأنه يريد الطحانة الحجرية، وفي الحال أحضرها له القزم الأكبر وأخبره بكيفية عملها، عليه في البداية أن يجهز مكانا نظيفا، ومن بعدها يقوم بتحريك ذراعها، ويقول أيتها الطاحونة الحجرية من فضلك اطحني لي (وتذكر ما تريد)، وفي حالة استكفائك مما طلبت تغطي الطاحونة الحجرية بغطاء باللون الأحمر ولابد أن يكون لونه أحمر لتتوقف الطاحونة عن طحن ما أردت، وإلا لن تتوقف الطاحونة نهائيا مهما حاولت، إياك أن تنسى هذه الكلمات أو هذه التعليمات.
حملها الرجل وعاد فرحا لزوجته وأبنائه الصغير، وبالفعل ما إن دخل عليهم المنزل حتى وجدهم جميعا ملقون على الأرض بجانب والدتهم والتي تسكب عليهم الدموع، اقترب منهم جميعا واحتضنهم وقال في عجالة: “ساعدوني في الحال لنحصل على الطعام الشهي، نظفوا هذا المكان، ويا زوجتي العزيزة اجلبي لنا غطاءً أحمر اللون”.
وضع الطاحونة الحجرية بمنتصف المكان بعدما قاموا بتنظيفه ووضع فراش جميل، وقال الأب الحنون بعدما قام بتحريك الذراع: “أيتها الطاحونة الحجرية من فضلك اطحني لي حبوب الأرز”، وبالفعل صارت الطاحونة تدور وتدور وتنتج له الكثير والكثير من حبوب الأرز الفاخر، وعندما شعر بالاستكفاء من الكمية وضع عليها الغطاء الأحمر، ومن جديد كرر الخطوات وطلب منها حبوب العدس، وقامت زوجته بطهي الطعام الشهي وأطعمت زوجها وصغارها، وكان الجميع سعيدا للغاية بالطاحونة الحجرية وبما فعلته لأجلهم، وكان والدهم قد قص عليه كل ما حدث.
بات الأب طوال الليل ينتج الكثير من جميع أنواع الحبوب، وفي الصباح الباكر ذهب للسوق وأعد له مكانا ووضع فيه الحبوب، وصار يبيعها وبثمن زهيد للغاية ليساعد الفقير على أخذ كل ما يلزمه لصغاره، وعلى الرغم من الأسعار الزهيدة إلا إنه حقق الكثير والكثير من الأرباح، وبات يقصده الناس من جميع بقاع الأرض.
وخلال فترة وجيزة صار من الأثرياء، وبات مالكا لمنزل فخم وعوض زوجته وأطفاله عن كل ما حدث سالفا، وفي يوم من الأيام اختبأ شقيقه داخل منزله ليعلم السر الخفي ورائه فمنذ أيام قليلة أتاه يستجدي بعض الطعام، ومن العدم صار من الأغنياء، ورأى شقيقه ما فعله مع الطاحونة الحجرية، فتسلل وسرقها وأخذ زوجته وأطفاله وهرب من المدينة بأكملها، أخذهم في قارب وقرر أن يجرب الطاحون الحجرية فطلب منها قطعا ذهبية ولكنه لم يستطع إيقافها عن العمل فتثاقل القارب بهم جميعا وغرقوا بمنتصف النهر، وكانت هذه عاقبة الطمع والجشع والحقد أيضا.
هناك العديد من قصص عربية قديمة بموقعنا الزاخم بالكثير من القصص المعبرة الهادفة لصغارنا:
3 قصص عربية للأطفال وجميلة اغتنمها لصغارك
وأيضا.. قصص قصيرة باللغة العربية للمبتدئين بعنوان جمال اللغة العربية الفصحى