قصص وعبر بعنوان تجربة الكون 25
قال تعالى في كتابه العزيز في سورة الشورى: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ).
قصتنا اليوم من أجمل قصص وعبر على الإطلاق حيث أنها توضح لنا معاني هذه الآية بالقرآن الكريم، وذلك بأن خالقنا سبحانه وتعالى قادر على أن يجعلنا جميعنا أغنياء ويزودنا بكل ما نحتاج إليه بهذه الحياة، ولكنا سنبغي حينها في الأرض، ولكن من رحمة الله بنا أن جعل كل شيء بمقدار.
تجربــــــــــــة الكون رقم 25:
إن تجربة الكون رقم 25 تعتبر واحدة من أكثر التجارب العلمية رعبا على مدار التاريخ، كما أنها أيضا تعد واحدة من أهم وأعمق قصص وعبر على الإطلاق…
بدأت التجربة بشكل عادي للغاية، ومن كثرة الطبيعة التي بدت عليها لم يكن ليتخيل أنها ستبوء تدريجيا لكمية السوداوية التي باتت عليها بنهاية التجربة؛ بدأت التجربة نفسها في عام 1970 ميلاديا حينما قرر عالم السلوكيات الأمريكي “جون كالاهون” إجراء تجربة بشكل عميق على السلوكيات وإمكانية تغيرها، وسنعلم تحديدا فيما بعد لماذا سميت بتجربة الكون 25.
والتجربة عن الإتيان بأربعة ذكور من الفئران وأربعة إناث من الفئران على شرط أن يكونوا أصحاء لا يعانون من أية أمراض أو عيوب خلقية؛ وأن يقوم ببناء مستعمرة تتسم باتساعها وبها طعام وشراب متوافر على الدوام بغزارة، وكل ما يحتاجون إليه الفئران ويبحثون عنه.
التزم العالم بتوفير كافة الاحتياجات للفئران بطريقة تؤمن وجودهم للأبد ولكيلا يعانون وليكونوا أيضا سعداء، وقام بتسمية المستعمرة بأنها جنة الفئران.
ومن أول يوم صار العالم “كالاهون” يسجل كافة الملاحظات على الفئران، ولم يمر كثير من الوقت على بناء هذه المستعمرة حتى ولد أول فأر بها، وشرع عدد المواليد في الازدياد وكان تعداد المواليد بالمستعمرة ضخما للغاية، وكانت المستعمرة تنعم بالاستقرار والهدوء وتسود السعادة والمحبة على جميع الفئران بلا استثناء، وكانت الملاحظة الأهم التي دونها “كالاهون” أن عدد الفئران قد وصل إلى ستمائة فأر خلال مدة زمنية بسيطة للغاية.
وفي اليوم رقم ثلاثمائة وخمسة عشر من تجربة “كالاهون” قام بتدوين ملحوظة في غاية الغرابة، لقد بات سلوك الفئران عدواني وعنيف لأبعد الحدود، وكان هذا التغيير في السلوك بشكل غير مفهوم ودون مقدمات؛ والأغرب أنه من بعد هذا اليوم شرعت الفئران في تشكيل مجموعات وأحزاب، وكانت كل مجموعة وكل حزب ينفصلون ببعضهم البعض عن البقية، وقسموا أنفسهم من حيث سلوك كل فرد فيهم، فالفئران الأقوياء باتوا في مجموعات سويا على عكس الفئران الضعفاء فقد تجمعوا وانعزلوا عن البقية وعن بعضهم البعض أيضا.
وكل يوم بت يمر على المستعمرة والتي كانت في الأساس (جنة الفئران) كانت التجربة تزداد سوداوية، فانفصل مجموعة من ذكر الفئران الضعفاء عن زوجاتهم وتركوهن وحيدات مع صغارهن الفئران، وذهب الذكور الضعاف إلى زوايا بعيدة بالمستعمرة لتبدأ ذكور الفئران الأقوياء في فصل جديد ألا وهو اغتصاب إناث الفئران للذكور الضعاف الذين تركوهن وحيدات!
ومن هذه النقطة بدأت الفئران الأقوياء في فرض سيطرتهم بالقوة والإجبار على جميع الفئران، كما تغير سلوك إناث الفئران كليا لتكن أكثرا عدائيا وعنفا، فبتن يضربن صغارهن لدرجة أن منهن من قامت بقتل صغارهن.
اقرأ أيضا من نوعية قصص وعبر المليئة بالفوائد القيمة من خلال: 5 قصص وعبر واقعية pdf بعنوان علمتني الحياة
والأكثر سوداويا على الإطلاق كان عندما أكل بعض الفئران فئرانا آخرين، وفعلوا ذلك على الرغم من وجود طعام وفير وبشتى أنواعه، فلم تكن أفعالهم بدافع الجوع ولكن بدافع الشهوانية؛ دون “كالاهون” أن جميع الروابط الاجتماعية بين الفئران قد انهارت، كما أنه لاحظ انخفاض معدلات الإنجاب بشكل مريب، والأغرب أن أعداد الإناث بات في تضاؤل كبير بسبب كثرة القتل وحالات الانتحار!
ومن الملاحظات القوية التي قام بتدوينها أنه كان هناك مجموعة من الفئران انطوت على نفسها ولم تدخل أي صراعات ولم تتعرض لأي إيذاء، وكانوا جميعا ذكورا كانوا ينامون ويأكلون ويشربون ولا يفعلون أي شيء آخر ، فأطلق عليهم “كالاهون” اسم الجميلون؛ وكان الطابع الذي ساد المستعمرة طابع الكسل بسبب وفرة الطعام باستمرار، فقد تحولت المستعمرة لمرتاع للفئران.
وبعد عام ونصف من بدء التجربة وصل عدد الفئران إلى 2200 فأر، ولازال العدد في تناقص، كما أنه كانت قد انتشرت فيما بينهم الأمراض؛ أما عن الجميلون فأفعالهم كانت مثالا للطامة الكبرى فقد ذاع الشذوذ فيما بينهم، وانتشرت الأمراض التي كانت تودي بحياتهم على الفور، ومن الواضح أنها لم تستمر في كونها جنة للفئران بل باتت جحيما حقيقيا عليهم.
انتشرت الأمراض وكثرت حالات الوفيات علاوة على حالات القتل والانتحار كما ذكرنا من قبل وانخفاض معدل الإنجاب من الأساس، كان في كل يوم يدون العالم “كالاهون” الملاحظات ويكتب النتائج لتجربته، وبعد تمام العامان على التجربة لاحظ “كالاهون” ولادة آخر فأر في هذه الجنة، وما إن اشتد عوده حتى قام هذا الفأر بقتل كل من بالمستعمرة وبقي بها وحيدا!
كان العالم “كالاهون” قد قام بإجراء تجربة الكون قبل هذه المرة بأربعة وعشرين محاولة، وفي كل محاولة كانت النتيجة نفسها التي يصل إليها، فأجرى النسخة الخامسة والعشرين واختتم التجربة ولم يكررها مرة أخرى وقام بنشرها.
وللمزيد من قصص وعبر ذات فائدة جمة يمكننا من خلال:
وأيضا: قصص وعبر للشيخ محمد الصاوي
ولا تنسى قراءة هذه القصة التي تمتلأ بالكثير من العبر والفوائد: 3 قصص وعبر في ذكر الله