قصص حب

قصص حب بعنوان أحيتني وماتت هي!

يعد الحب بأشكاله المختلفة أساس العلاقات الشخصية بين البشر، لما له من  أهمية بالغة في تغيير حياة الإنسان بأكملها، ويُفترض عادةً أنَّ أهمية الحب أو غايته الرئيسيَّة تكمن في الحفاظ على النوع البشري من خلال التعاون معاً ضدَّ الصعاب والمخاطر والمحافظة على استمرار النوع.

وللحب قوى لا يمكن لأحد أن يتخيل مدى قوتها ومدى تأثيرها وما الممكن أن تفعله.

القصـــــــــــــــــــــــــــــة:

من قصص حب حزينة للغاية، قصة واقعية تروى على لسان صاحبها والذي من سكان مكة المكرمة…

حينما كان عمري أربعة سنوات وحسب انفصلت والدتي عن والدي، وعادت لمنزل والديها تاركة إياي بمنزل والدي، كانت تبعد عن منزلنا قرابة المائة وعشرين كيلومترا، والدي تزوج بأخرى أما عني فقد صارت حياتي بائسة أتنقل من منزل إلى منزل آخر بين أعمامي فقد كرهت زوجة أبي وجودي بمنزلها.

صرت أعيش حياة الترحال حتى وصلت سن السادسة عشر، لم أكن مهتما بأمر تعليمي نهائيا وفصلت من التعليم بسبب سوء سلوكي، بات كل من حولي يشكون من سوء أخلاقي حتى أني تعبت من نفسي أيضا، فقررت أن ألتحق بإحدى الدورات العسكرية وبالفعل تخرجت منها برتبة جندي، ومن هذه اللحظة بدأ وضعي بالحياة يتغير للأفضل شيئا فشيئا، حينما عدت للمنزل وجدت والدي قد خطب لي ابنة عمي دون أن يأخذ رأيي في الأمر من الأساس، ابنة عمي هذه معلمة دين، وبكل تأكيد وافقت على الزواج بها فمن الأساس من تقبل أن تتزوج داشر مثلي؟!

كنت وقتها لا أصدق أنها قبلت الزواج بي، ومن حين آخر طمعت في راتبها الشهري، كنا وقتها بعام 1428 هجريا وفقت بالزواج منها وقد أدخلوها علي قبيل الفجر بساعتين وحسب، كانت هي من بدأت الحديث وأول ما تفوهت به سألتني عن حالي، الغريب في الأمر أنها كانت أول من يسألني على حالي طوال حياتي، أبدلت ثياب زفافها وتوضأت وجاءتني بالمصلاة طلبت مني أن أتوضأ مثلها ومن ثم طلبت مني أن أصلي بها، وبكل تأكيد تلعثمت أثناء الصلاة وكيف لا أتلعثم وآخر صلاة صليتها كانت بشهر رمضان منذ ثلاثة سنوات حينما اضطررت لذلك؟!

المهم صليت بها ركعتين مثلما أرادت، وبعدما فرغنا من الصلاة وجدتها تقول لي: “بقي على الفجر ساعة ونصف، ما رأيك أن نذهب نصلي في الحرم وبعدها نتناول الفطور وننام؟”

وبكل تأكيد وافقت وكيف لا أوافق على كل ما تقول وقد قبلتني زوجا لها، صلينا الفجر بالحرم وكانت هذه الصلاة نقطة التحول بمجريات حياتي بأكملها، صلى بنا الإمام الشريم حينها لم أكن أعلمه زوجتي من أعلمتني اسمه، قرأ بنا في الركعة الأولى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)

أثناء الصلاة ذهبت لعالم آخر، أيقنت أن الآيات كنت أنا المقصود بها بعينه، وبعدما فرغنا من صلاة الفجر تناولنا الفطور ونمنا؛ مر على زواجي بها أسبوعين وجدتها تنظر إلي بحنية وتقول لي: “ما رأيك أراجع معك القرآن الكريم؟!”، وكيف يعقل أن أراجع القرآن الكريم بعظمته وأنا لا أحفظ منه سوى أربعة سور الفاتحة وقل هو الله أحمد والمعوذتين؟!، أخبرت زوجتي بما أحفظه وأن حتى قراءتي لهن الأربعة سور قراءة مكسرة، فما كان منها إلا أن أمسكت بيدي وابتسمت ابتسامة خفيفة وشرعت في تحفيظي قصار السور.

وجدتها تطلب مني أن أسجل اسمي في حلقة تحفيظ للقرآن الكريم في الحرم والتي كانت بين المغرب والعشاء، وبكل تأكيد وافقت وسجلت اسمي؛ زوجتي لو كانت تطلب مني أي شيء أفعله لأجلها، فقد كانت زوجة مثالية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كانت تتميز بكل المواصفات التي يتمناها أي رجل، كانت ذات عقل ودين وجمال وابنة أناس محترمين، كما أنها كانت موظفة بدوام دائم وعلى الرغم من وظيفتها إلا إنها كانت منظمة للغاية تعتني بي لأبعد الحدود.

كنا نذهب للحرم قبل آذان المغرب نصلي المغرب ومن بعدها أذهب لحلقة التحفيظ وزوجتي تذهب لقسم النساء تحفظ النساء وتعطي دروس علم، استمريت حتى وصلت في فترة وجيزة لحفظ ثلاثة عشر جزء من القرآن الكريم، كنت سريع الحفظ وصوتي كان مميزا، وفي العمل حصلت على ترقية بمدينة بعيدة عن مكة، كنت بالمدينة الجديدة أتصيد الفرصة التي يغيب فيها إمام المسجد لأصلي بالناس بدلا عنه.

ومن بعدها وجدت زوجتي تصر علي لأكمل مراحل تعليمي، وبالفعل أتممت مرحلة الثانوية، فوجدتها تصر علي أكثر لألتحق بجامعة الشريعة الإسلامية منتسبا انتساب، وبالفعل لم أرفض لها طلبا فالتحقت، فكانت على الدوام تعينني في دراستي وكأنها معلمتي الجميلة الخاصة.

وبيوم من الأيام في عام 1433 هجريا تفاجأت بإعلان عن وظيفة إمام وخطيب بأحد المساجد، كان مسجدا صغيرا، قدمت بالإعلان وقوبلت بالعمل، كانت زوجتي لي بمثابة الدنيا بما حوت، كانت القلب الوحيد الذي حن عليا، أحيتني فبعدما كنت مشردا ضائعا بالحياة هائما على وجهي لا أعلم لي وجهة، صرت بفضلها بعد الله سبحانه وتعالى خريجا لكلية شريعة إسلامية إمام وخطيبا في الناس، لو يرزقنا الله سبحانه وتعالى الذرية بعد، فاجتهدت كثيرا في أمر الدعاء وعلاجها، وبيوم من الأيام توجب علينا الذهاب للطبيبة بمدينة أخرى وبينما كنت أقود السيارة أصبنا في حادث مرير، لم أدري حينها ما الذي حدث ولا السبب وراء الحادث ولكن كل أدركته أنني خسرت زوجتي السند الوحيد لي بهذه الحياة!

أحيتني وماتت هي!

اقرأ أيضا مزيدا من قصص الحب والرومانسية من خلال:

قصص حب بعنوان رسالة صادقة كانت الأساس لبدء حياة!

وأيضا/ قصص حب بعنوان قوى الحب

قصص حب بعنوان قرار خاطئ وحياة مدمرة

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى