قصص وعبر

حكاية مؤثرة بعنوان ولكَ مثل ما فعلت يوما!

لا أعرف الانتقام ولا رد الوجع بالوجع، ولكني أعرف مدى صغر هذه الدنيا وسرعة دورانها وحقيقة أن للكون رب يجعل كل ساقي يسقى بما سقى.

لا تحزن!، من أبكاك سيبكي غدا، ومن ظلمك سيُظلم، ومن جرحك سيُجرح، ومن خذلك سيُخذل فكما تدين تُدان.

الحكايـــــــــــــــــة:

بيوم من الأيام تزوجت فتاة غاية في الجمال ومثالا يضرب بها في الأدب والخلق من شاب فقير معدم، عاشت معه على السراء والضراء ولم تشتكي يوما من قساوة الأيام ومن ضيق العيش برفقته، أنجبت منه ثلاثة أولاد؛ وعلى الرغم من تحملها المشاق ومحاولاتها المستميتة في البقاء على أسرتها سعيدة إلا إنها لم تجد من زوجها إلا الجفاء والضرب والإهانة حد الإذلال.

لقد كان زوجها سيء الخلق بذيء اللسان قاسي القلوب، بمجرد حلوله المنزل لا يدب في قلوبهم إلا الرعب والخوف من كل شيء، كانوا يخشون الحديث في وجوده من شدة خوفهم منه.

وبيوم من الأيام تركهم والدهم قاسي القلب دون أن يترك لهم ولو قوت يومهم، لقد تركهم تنفيذا وامتثالا لأوامر امرأة أخرى تزوج منها لمالها ونفوذها، أما عن المرأة الغنية فتزوجت به لأجل قوته وشبابه.

وتوارت الأيام اليوم تلو الآخر حتى مر على هذا الزمن خمسة عشر عاما، كان الأب القاسي لا يعلم أي شيء عن زوجته أو أبنائه، وكانت خلال هذه المدة الزمنية قد خارت قواه الصحية وخذله جسده الذي بات هزيلا وضعيفا للغاية فقد اعتلاه المرض، وأول من كشرت عن أنيابه في وجهه كانت زوجته الثرية التي ترك كل شيء لأجلها، لم يجد منها طيب الحديث والمعاملة الفائقة كمثل سابق عهده بها، وبيوم طلبت منه الطلاق وما إن تم طرده من منزلها وجردته من كل ما أعطته إياه آنفا، والأصعب من ذلك أنه علم بأنها كانت على علاقة بغيره!

عاد مثلما كان من قبل، بل أضل من ذي قبل فآنفا كان يملك منزلا على الرغم من صغره إلا إنه كان ينعم بالدفء وحنان من بداخله، أما الآن فقد بات مشردا بالشارع عاجزا عن قوت نفسه.

توالت عليه الأيام ومن بعدها السنون ولازال مشردا لدرجة أنه ظهرت عليه كل علامات التسول واشتدت على ملامحه، فبات رث الثياب متسخ الجسد، جعل من الشوارع ملاذا له ومبيتا، كان يخلد للنوم يقظا يفزع كلما سمع صوت قرع أقدام خشية أن يأخذوه لمصحة نفسية وربما كان سجنا أبديا!

كان يجد من الرحماء عطفا وإحسانا، فمنهم من يأتيه بوجبة طعام ومنهم من يعطيه بعض المال، وفي يوم من الأيام فعل أحدهم أجمل شيء بالحياة معه حينما عرض عليه أن يأخذه لمدينة أخرى ويعمل عامل نظافة للسيارات بإحدى المستشفيات الخاصة، وجد من عرضه سخاءً لم يحلم به، فأخيرا سيتمكن من شراء قوت يومه وينعم بملاذ آمن.

وبالفعل وافق على عرضه، فأخذه باليوم التالي لصالون تجميل وأوصى عليه جيدا، واشترى له أجمل الثياب، فبات جميلا إلى حد ما، ومن بعدها أخذه وذهب به للمستشفى وسلمه عمله بنفس ذات اليوم، فبات الرجل ممتنا لذلك الشاب طيب القلب.

كان يعمل بجدية ويشعر على الدوام بالامتنان، وفي يوم من الأيام بينما كان يعمل إذا بسيارة فارهة للغاية، وقفت أمامه وكعادته اقترب وقام بفتح باب السيارة، وإذا بسيدة تجلس بالسيارة بجانب الشاب الذي أعانه على أمره، ولكنها كانت بالنسبة إليه فاجعة كبرى!

لقد تعرفت عليه هذه السيدة، والتي كانت في يوم من الأيام زوجته التي تركها وأبنائه غدرا، كما أن الشاب الذي تجلس بجانبه هو ابنها وابنه!

نظرت إليه وهي متعجبة من الحالة التي وصل إليها، لقد تغيرت ملامحه بالكامل، لقد وضع المرض علاماته على كل ملامحه، جاب بخاطرها كيف له أن يكون حاله هكذا، وقد تركهم من أجل الحياة الفارهة؟!

كيف أن تجور عليه الأيام بهذه الطريقة الوحشية؟!

قطع أفكارها حينما ترجل ابنها من السيارة للحظات، سألته السيدة قائلة: “أتدري من أنا؟!”

فقال لها بصوت يملأه الحزن والأسى: “تعم أعلم جيدا، إنكِ زوجتي أم أبنائي من تركتهم يوما دون وجبة واحدة تسد جوعهم”.

أكملت قائلة: “أتعلم إن هذا ولدي الأكبر، بكل تأكيد لم تتعرف عليه، لقد تركتهم وكانوا صغارا للغاية، ها هم الآن أكبرهم مالكا لهذه المستشفى التي تعمل بها، وأخويه الاثنين باتا في أعلى المناصب”.

وجدته صامتا وقد سالت الدموع من عينه فأردفت قائلة: “لقد من الله سبحانه وتعالى علينا بعد أن تطلقت منك غيابيا بأن رزقني بزوج طيب القلب ثري جدا، جعل كل أمواله لنا، وتبدلت كافة أحوالنا للأفضل، ولولا قساوة قلبك وجفائك واختيارك لنفسك على حسابنا ما كنا وصلنا لما وصلنا إليه اليوم.

لقد كنت أقول بيني وبين نفسي أنه من سوء جظي زواجي بك يوما، ولكني كنت مخطئة وجاهلة كل الجهل بأحكام ربي سبحانه وتعالى، لقد أيقنت أن الله سبحانه وتعالى ينصف المظلوم ويقدر الخير لعباده حتى وإن رأى الإنسان منا برؤيته المحدودة الشر فيما يلاقيه، أتعلم لو لم تتركنا يوما ما كانوا وصلوا لما باتوا عليه اليوم”.

كبح الرجل الدموع في عينيه، فبات يرى أبنائه أمامه ولا يجرؤ على كشف الحقيقة لهم، بل لم يجرؤ حتى على الحديث إليهم، بات يرقبهم ويتمنى لهم الزيادة من الخير ليكفر ولو جزء يسير عما فعله بهم.

واقرأ أيضا حكاية مؤثرة أخرى من خلال: قصص نجاح ملهمة سعودية بعنوان منصور الصعنوني حكاية تُروى

وأيضا حكاية مؤثرة من خلال: قصص حب تبكي الحجر قصص مؤثرة للغاية

اجمل قصص مؤثرة عن التضحية والوفاء في الحب بشعر بنهاية القصة

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى