إن أطفالنا هم أملنا في الحياة، من نهتم لأمرهم كثيرا، نحمل هموم مصاعب الحياة تجاههم، ونأمل دائما الخير لهم والتوفيق؛ ومن أساسيات التربية لأطفالنا أن نعودهم يوميا على سرد قصة تحمل عبرة وعظة حتى وإن صغرت، فإن فوائدها عظيمة.
قصة ثلاثة سمكات صغار
كان هناك بأحد البحار ثلاثة سمكات صغار، اجتمعن معا ليتغلبن على أخطار البحر الرهيبة، وبالنهاية قررن أن يصعدن إلى الأعلى، وإذا بطائر يلتهم إحداهن، مما بث بالسمكتين الباقيتين الذعر بداخلهما، فعمدا إلى النزول إلى قاع البحر لتجنب الأعلى وما به من أخطار مأهولة، وإذا بسمكة مفترسة تأتي ناحيتهما مكشرة عن أنيابها الضخمة، فحاولا الفرار منها والنجاة بأرواحهما ولكن إحدى السمكتين الصغيرتين التهمتها السمكة المفترسة، فضاقت المياه بما رحبت على السمكة المتبقية، وذهبت إلى أمها والدموع تفيض من عينيها لتشكو إليها الألم الذي أوجع قلبها وأفرطه من شدة العذاب، وما كان من السمكة الأم إلا أن أعطتها نصيحة تعينها على مصاعب الحياة بالمياه، إذ أوضحت السمكة الأم لصغيرتها أن الحياة بالأعلى مليئة بالأخطار حيث توجد الطيور الجائعة، والحياة بقاع البحر محفوفة بالأخطار الجسيمة حيث توجد الأسماك المتوحشة، ولكن خير الأمور الوسط.
قصة السعادة وسرها الذي يكمن بالحياة
في قديم الزمان كان هناك أبا حكيما يرغب بتعليم ابنه الوحيد كل معارف الحياة، لذلك أرسله لدى أحد العارفين الذي تفوق على جميع من بعصره وأوانه، حتى يتعلم الابن منه ماهية السعادة والسر الذي يكمن بها بالحياة؛ وكان يملك هذا العالم الحكيم قصرا فخما سارا للناظرين فوق قمة جبل، أخذ من الابن مسيرة أربعين يوما ليصل إليه.
دهشة وذهول:
وبعدما استطاع الشاب أن يصل لوجهته، وبمجرد دخوله القصر العظيم أصابه ذهول ودهشة، حيث وجد جمعا هائلا من الناس الذين ينتظرون ميعادهم لمقابلة العالم الحكيم والاستفادة منه؛ وعندما حان دور الشاب ليتكلم مع الحكيم، أصابه الخوف وغلب عليه القلق وارتعاد أجزاء جسده، مما جعل الحكيم سأله بروية ورفق عن سبب مجيئه إليه؛ وعندما أخبره الشاب عن رغبة أبيه في معرفة صغيره ودرايته بالسعادة والسر الذي يكمن بها.
طلب عجيب:
فطلب الحكيم من الشاب أن يمهله بعض الوقت ليقضي أموراً هامة لبعض القادمين إليه، وبهذه المدة يستطيع الشاب التمتع بالنظر إلى المشاهد الخلابة بالقصر وبحديقته الجميلة؛ ولكن الحكيم أعطى للشاب ملعقة صغيرة بها نقطتين من الزيت، وطلب منه مشددا الحرص على نقطتيي الزيت وألا ينسكبا منه، فذهب الشاب ملبيا لطلب الحكيم الذي وعده بتعليمه ما يسعى إليه والده الشيخ.
إلحاح في طلب:
وعندما عاد الشاب إلى الحكيم بعد مرور المدة التي أمهلها له، سأله الحكيم عن معالم بقصره الفخم، ولكن الشاب لم يعرف الإجابة، فكيف له أن يعرفها وهو لم يشاهد شيئا من الأساس، لقد كان شغله الشاغل التركيز على نقطتي الزيت وعدم انسكابهما، فطلب منه الحكيم أن يرجع ويشاهد كافة المعالم الموجودة بقصره ولا يعود إليه حتى ينتهي.
العبرة والعظة:
وعندما رجع الشاب إلى الحكيم للمرة الثانية وأخبره بكل ما رأت عيناه من جمال للقصر وما به من معالم آسرة للقلوب، فسأله الحكيم عن نقطتي الزيت بالمعلقة، ولكن للأسف الشديد لقد انسكبتا من الشاب؛ فقال الحكيم للشاب: ” يا بني إن نصيحتي التي أستطيع أن أسديها إليك، سر السعادة التي جئت باحثا عنها من بلاد بعيدة تكمن في أن تشاهد كل جمال بالحياة ولكن دون أن تسكب نقطتي الزيت، أفهمت مقصدي يا بني؟”، فأجاب الشاب: “لقد فهمت يا سيدي، ضرورة التوازن بين الأشياء مع مراعاة الله في كل الأحوال هنا تكمن كل أسرار السعادة”.
كانو. قصصكم مسلي و ممتع لل غاي شكرا على جهودكم