لقد حمل لنا القرآن الكريم ذكر نبأ السابقين وما حدث لهم، قصص سائر الأنبياء ومعجزاتهم، أحداث الأقوام السابقة وعبرهم، ومن قصص الأنبياء بالقرآن الكريم قصة سيدنا “صالح” عليه السلام وناقته معجزة الله.
قصة ناقة صالح:
عندما دعا نبي الله “صالح” ربه أن يخرج له ناقة من الصخرة ليبرهن لقومه أنه نبي من الله، وليؤمنوا به وبدعوته؛ فاستجاب الله لنبيه وأخرج من الصخرة ناقة معجزة فيها آية من آيات الله سبحانه وتعالى.
نبي الله وقوم ثمود:
هو نبي الله صالح أرسله الله سبحانه وتعالى إلى قوم ثمود؛ حيث كانوا يعبدون الأصنام، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة الأصنام، فآمن به القلة؛ أما الأكثرية فظلوا في كفرهم، وقال سبحانه وتعالى “كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ، فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ، أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ”.
تحديهم لنبي الله:
فقوم ثمود كغيرهم من الأقوام التي سبقتهم، حيث كلما يأتي إليهم نبي أو رسول من الله كذبوه وشككوا بنبوته؛ فطلب قوم ثمود من نبي الله صالح عليه السلام أن يأتي لهم بناقة من صخرة، وقد قاموا بتحديد مواصفات خاصة لتعجيزه، وإن لم يستطع يرجع عن دعوته لهم، وبالمثل أخذ سيدنا صالح عليه السلام منهم ميثاقا “إن أتى بالناقة يتركون عبادة الأصنام ويتبعونه في عبادة الله وحده”.
معجزة الناقة:
فدعا صالح عليه السلام ربه أن يخرج له ناقة من الصخرة ليبرهن لقومه، فاستجاب الله له، فأمر الصخرة أن تنفطر فتخرج منها ناقة عشراء كوماء، وتحمل كل المواصفات التي حددوها؛ فانبهروا عندما شاهدوا هذا الحدث العظيم، وآمن منهم من آمن، قالَ تعالى “المَلَأُ الَّذينَ استَكبَروا مِن قَومِهِ لِلَّذينَ استُضعِفوا لِمَن آمَنَ مِنهُم أَتَعلَمونَ أَنَّ صالِحًا مُرسَلٌ مِن رَبِّهِ قالوا إِنّا بِما أُرسِلَ بِهِ مُؤمِنون”، ولكن ظل الكثيرون في كفرهم، واتفق معهم صالح عليه السلام على أن الناقة ترد يوما من الماء وهم يوم، فيحتفظوا بالماء لليوم الذي ترد فيه الناقة، فكانت تسقيهم لبنا كثيرا، قال تعالى “قَالَ هَـذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ، وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ”.
مخالفة العهد:
وأمرهم نبي الله صالح عليه السلام بعدم المساس بتلك الناقة، ولكن اتفق من كفر أن يعقروا تلك الناقة، وبالفعل قاموا بتنفيذ ما اتفقوا عليه وعقروها، قال تعالى: ” فَعَقَرُوا النّاقَةَ وَعَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم وَقالوا يا صالِحُ ائتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ المُرسَلينَ”.
عذاب الله لهم:
فلما علم نبي الله صالح عليه السلام أنذرهم بعذاب الله المهين، وأعطاهم ثلاثة أيام ليتمتعوا إلى حين أن يجيئهم العذاب الموعود؛ إذ قال تعالى: “تَمَتَّعوا في دارِكُم ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعدٌ غَيرُ مَكذوب”؛ وبعد أن قتلوها ظلت وجوههم مصفرة في أول يوم، ومحمرة في ثاني يوم، ومسودة شديدة السواد في ثالث يوم كما وعدهم حقا لثلاثة أيام؛ فانتظروا مساءً يترقبون العذاب فجاءتهم صيحة، ورجفة شديدة من تحتهم فأصبحوا في ديارهم جاثمين، ولم يبقى منهم أحدا، وقال تعالى ” فَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا صالِحًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَمِن خِزيِ يَومِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القَوِيُّ العَزيزُ، وَأَخَذَ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ، كَأَن لَم يَغنَوا فيها أَلا إِنَّ ثَمودَ كَفَروا رَبَّهُم أَلا بُعدًا لِثَمودَ”.