للقصص فوائد جمة ومتعددة ولاسيما قصص الأطفال ذات القيم والمبادئ الفعالة، فأبنائنا دائما ما يحتاجون إلى مرشد في سبيلهم حتى يستطيعوا الوصول إلى بر الأمان بنصائحه المفيدة.
إن قصص الأطفال متنوعة ومتعددة، وبكل قيمة هادفة تربوية توجد قصة مشوقة مفيدة يتعلم منها أبنائنا الصغار.
قصة الماعز وأبنائها السبعة
في قديم الزمان بإحدى الغابات كانت هناك ماعزا أما لسبعة أبناء، كانت تراعهم جيدا وتحاول جاهدة أن تربيهم وتنشئهم تنشئة جيدة، وتسعى في توفير الغذاء الصحي اللازم لهم؛ وبيوم من الأيام خرجت الأم لتحضر الطعام لأبنائها ولكن قبل ذهابها أوصت صغارها عدة وصايا تمكنهم من تجنب أخطار ذلك الذئب الشرير الذي يترقبهم دوما لينقض عليهم ويلتهمهم، وكانت الوصية الأولى ألا يفتحوا الباب لأي شخص مهما كان إلا بعدما يتأكدوا من نبرة صوته وأوضحت أن صوتها ناعم أما صوت الذئب فخشن، وشيء آخر ليستطيعوا بواسطته أن يميزوا بين الأم والذئب وهو أن أرجل الماعز الأم بيضاء بخلاف أرجل الذئب فإنها سوداء؛ أما الوصية الثانية أوضحت الأم أن الذئب مكار للغاية ويلعب عديدا من الحيل حتى يتمكن من الوصول إلى فريسته.
مكر الذئب ودهائه:
كان في ذلك الحين الذئب مترقبا للأم وصغارها وفور رحيلها ذهب مسرعا للمنزل وطرق الباب، وعندما سأل الصغار من الطارق، أجاب عليهم الذئب قائلا: “يا أحبابي الصغار إنني أمكم، لقد نسيت شيئا وعدت لآخذه افتحوا الباب الآن”، فهم أحد الصغار بفتح الباب غير أن واحدة منهم وضعت يدها خلف الباب تعبيرا عن عدم فتحه وقالت لإخوتها: “إن أمنا قالت أن صوتي ناعم وصوت الذئب خشن، فلن نفتح الباب إنه الذئب”، فسمعهم الذئب وذهب غاضبا في غاية الأسى.
الحيلة الأولى:
ذهب الذئب واشترى طبشورا وأكله فصار صوته ناعما للغاية، ورجع لمنزل الصغار وطرقه من جديد، فسألوا الصغار: “من الطارق؟”، فأجابهم الذئب بعدما حاول جاهدا أن يقلد صوت الأم الناعم الحنون قائلا: “نعم يا صغاري الأحباء إنني أمكم وقد عدت بأطيب الطعام من أجلكم”، فهم واحد منهم بفتح الباب بعدما صدق الجميع بأنها أمهم ولكن تذكرت واحدة منهم وصية أمهما بأن الذئب مكار وله الكثير والكثير من الأكاذيب والحيل وتزييف الحقائق وعلى الفور نظرت من أسفل الباب فرأت أرجل الطارق سوداء وليست بيضاء كأرجل والدتهم، وقالت: “لا لن نفتح الباب لك إنك الذئب، إن أرجلك سوداء وليست بيضاء كأرجل والدتنا، ارحل من هنا أيها المخادع الغشاش”.
الحيلة الثانية:
أصبح الذئب في غاية الحزن إذ أنه لم يتمكن من خداع صغار لا يعرفون شيئا بالكاد يعرفون والدتهم، ولكن الذئب كان مصرا على أكلهم جميعا لذلك ذهب إلى المخبز ليشتري دقيقا وعندما رآه الخباز انبهر من وجود الذئب بالمخبز فبرر له الذئب تواجده بأنه أصبح من الآن فصاعدا نباتيا ولن يأكل إلا المعجنات، فباعه الدقيق ومن ثم رحل الذئب عائدا إلى منزل الصغار، وأول ما اقترب من المنزل صب الدقيق كاملا على أرجله وطرق الباب، فقال الصغار: “من الطارق؟”.
فرد الذئب قائلا بعدما قلد صوت الأم: “يا أيها الصغار الأحباء لقد عدت أخيرا وجلبت لكم كل أنواع الطعام، هيا افتحوا الباب”.
ولكن في هذه المرة بالفعل فتح الصغار الباب الذي كان حاجزا يمنع بينهم وبين الذئب الماكر الشرير، بدأ الصغار بالصراخ بصوت عالي وفي طلب الاستغاثة ولكن لا حياة لمن تنادي فأمهم بعيدة وليست قريبة من صغارها لتتمكن من ردع ذلك الشرير، فهم الصغار بالجري بعيدا عنه والاختباء منه ولكنه كان يفوقهم سنا وقوة وحكمة وبالأخص مكرا ودهاءا فتمكن من اصطيادهم واحدا تلو الآخر وقام بأكلهم جميعا إلا ماعزا واحدا “الماعز الصغيرة”.
فرحة الانتصار ودموع الحزن والأسى:
فرح الذئب فرحا شديدا حيث أنه وأخيرا تمكن من التهام الصغار طيبي المذاق وشبع بهذه الطريقة التي لم ينالها من سنين مضت، وتمشى خارج المنزل ولكنه لم يبتعد كثيرا حيث أنه وجد ظلا غزير وغفت عيناه، وفي نفس الأحيان عادت الماعز الأم وعندما لمحت من بعيد الباب مفتوحا أيقنت أن هناك شيئا ما حل بصغارها فجرت مسرعة، وعندما دخلت المنزل لم تجد أحدا فيه فبدأت تنادي على كل واحد وواحدة من أبنائها وعندما وصلت لاسم الابنة الصغرى أجابت عليها حيث أنها كانت تختبئ من الذئب الشرير، وبمجرد أن رأت والدتها فاضت عيناها من الدموع وبدأت في قص كل ما حدث لها ولإخوتها؛ ذهبت الماعز الأم لتقصي أحوال الذئب فوجدته غارقا في نوم عميق ولمحت شيئا ما يتحرك ببطنه، فطلبت من ابنتها أن تجلب مقصا وإبرة وخيط، وجمعت هي بعضا من الحجارة، وقامت بقص بطن الذئب وهو لا يشعر بشيء مطلقا وأخرجت صغارها ومازالوا أحياءا ومن ثم وضعت مكان أبنائها الحجارة وخيطت البطن وأخذت أبنائها ورحلت بعيدا عنه.
نهاية سعيدة:
عندما استيقظ الذئب وجد ثقلا ببطنه وأراد أن يشرب الماء فذهب للنهر ولكنه لم يستطع أن يشرب فوقع في المياه وغرق نتيجة لثقل الحجارة التي ببطنه واختلال توازنه؛ فرحت الماعز وصغارها بنهاية الذئب الشرير وعاشوا في سعادة وهناء.