إن أعداء الإسلام دائما ما يحاولون النيل من النبي صلى الله عليه وسلم والطعن فيه عن طريق تعدد زوجاته عليه الصلاة والسلام، فقد زعموا يهود يثرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد زوجاته إشباعا لرغباته وتقلب في أحضان تسعة زوجات، وعلى الرغم من أن سيدنا داوود وابنه سيدنا سليمان أتاهما الله الملك والحكمة وجعل لكل منهما الكثير من الزوجات والجواري أضعاف عدد الزوجات التي اتخذها محمد صلى الله عليه وسلم بأمر من ربه سبحانه وتعالى، فمن يعرف السيرة النبوية الفواحة العطرة يجد أن زيجات رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بدوافع إنسانية كتأليف القلوب وتطييب النفوس والعمل على تمهيد الدعوة الإسلامية بالمصاهرة.
السيدة خديجة بنت خويلد (أول زوجات الرسول):
كانت رضي الله عنها وأرضاها من أرفع بيوت قريش مكانة وأوسطهن من ناحية الحسب والنسب، وكانت متزوجة في الجاهلية وقبل زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم من “هند بن النباش التميمي”، وبعد وفاته ورحيله عنها تزوجت من “عتيق بن عابد المخزومي”، ورحل أيضا عنها؛ وكان لديها الكثير من الأموال والتي كانت تجعل رجال من قومها يتاجرون لها فيها، وعندما سمعت عن مدى أمانة وصدق “محمد بن عبد الله” أرسلت إليه ليتاجر لها في بلاد الشام مقابل ضعف ما كانت رضي الله عنها تعطيه لمن كان قبله من رجال القوم.
رحلة تجارة إلى الشام:
سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الشام بقافلة تجارية تخص السيدة خديجة بنت خويلد وبصحبته غلامها “ميسرة”، كان رسول الله كيس فطن فباع واشترى وتصرف في أموالها ومن ثم عاد إلى مكة بأضعاف الربح الذي كان يأتيها به من قبله من رجال قومها، فكافأته السيدة خديجة بأن أعطته ضعف ما اتفقا عليه من الأجر؛ وبعد رحيل الرسول من عندها بدأ غلامها “ميسرة” بسرد كل ما رأى من رحلته مع محمد ومعجزاته، فحكا لها عن الغمامة التي أظلته صلى الله عليه وسلم، وعن الرهبان الذي أخبره بأن من يصاحبه في رحلته “محمد” هو رسول آخر الزمان كذلك جاء ذكره بكتب السابقين، فازدادت السيدة خديجة إعجابا به مما جعلها تبعث بصديقتها “نفيسة بنت أمية” بطلب منها أنها تريد الزواج من “محمد”، فوافق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حينها عمره خمسة وعشرون عاما، أما السيدة خديجة بنت خويلد فقد كان عمرها حينها أربعون سنة.
حياته صلى الله عليه وسلم مع زوجته خديجة:
أنجبت له السيدة “خديجة” كل أولاده صلى الله عليه وسلم فيما عدا إبراهيم فقد كان من السيدة مارية القبطية ( الجارية التي أهداها إياه المقوقس)، ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم بأخرى حتى توفيت السيدة خديجة رضوان الله عليها عن عمر يناهز الخمسة وستين عاما، وكان حينها عمر الرسول صلوات ربي وسلامه عليه خمسون عاما، وحتى بعد رحيلها عنه وزواجه من تسعة زوجات بعدها ظل يذكرها ويذكر في كل مناسبة سيرتها العطرة ومدى فضلها عليه وعلى الدعوة الإسلامية، وكان دائما عليه الصلاة والسلام يغضب من زوجاته حتى من أحبهن إلى قلبه “السيدة عائشة” إذا أسأن في الذكر إلى السيدة خديجة، فلم ينسها صلى الله عليه وسلم على الرغم من أنها كانت عجوزا وقد رزق بعدها بعديد من الزوجات اللاتي كن أصغر منها وربما أكثر جمالا.
“وإنك لعلى خلق عظيم”:
لقد قاله الله سبحانه وتعالى في حق نبيه الكريم، فكيف لنبي مثله لم يتزوج إلا في سن الخامسة والعشرين وقد مدح أخلاقه كل القوم ولقبوه بالصادق الأمين، وعندما تزوج تزوج بخديخة بنت خويلد والتي كانت تفوقه بخمسة عشرة عاما، ولم يتزوج أحدا غيرها إلى أن فارقت الحياة؛ لقد كان صلى الله عليه وسلم في فترة زواجه من خديجة بنت خويلد في ريعان شبابه ولكن على عادات القوم السائرة حب تعدد الزوجات والجواري ولكن نبي الله لم يفعل مثلهم فقد اكتفى عليه الصلاة والسلام بخديجة على الرغم من تجاوزها الستين عاما وأكثر؛ ورسول الله تعددت زوجاته بعد خديجة رضوان الله عليها لأسباب في غاية الرفعة والسمو.