عندما تتوقف الحياة على شيء معين ، لا نرى سوى هذا الشيء ، في حياتنا تسود الحياة ونكتئب ولا نرى سوى تلك العتمة التي تعمينا ، فمن سيزيل تلك العتمة من فوق أعيننا حتى نستفيق ونستعيد رشدنا ، اقدم لكم اليوم في موقع قصص واقعية قصة المنتحر الذي قرر إنهاء حياته ، لأنه لم يعد يرى شيء غير اللون الأسود فيها بقلم منى حارس قصة بعبرة وعظة .
المنتحر
نعم إنه أنا المنتحر ، لا تتعجبون كيف لي أن أتحدث معكم أردتكم فقط أن تشاركوني شعوري ،ان ازيل من فوق اعينكم تلك الغمامة السوداء ، التى لم يزيلها أحد من فوق عيني يوما بل تركوني وحيدا أعاني بالحياة ليس هناك من سند ولا رفيق درب يرشدني ، حتى قررت أن أنهي حياتي ، ولكن يا ليتنى ما فعلت واقترفت ذلك الذنب العظيم واشركت بخالقي .
انا من اسرة متوسطة الحال لن اقول بأنني كنت محروم معدم ، بل أنا شاب مثقف ولكنني كنت وحيد بائس اتسائل لما خلقت ولما جئت للكون ، اشعر بالملل من الحياة لم اجد من يستمع لي أبي يعمل طوال اليوم ، يعود ليلا ليرتاح ، وأمي مثله وتعود منهكة لتقوم بواجباتها المنزليه وبعدها تنام من الإرهاق ، وكنت انا وحيد لا اجد من أتحدث معه أشكوا له حالي ر، اتقولون وما هو حالي ، انى اشعر بالتعب بالوحدة بالارهاق من ضغط المذاكرة والمسؤليه ، لم افكر يوما بطريقة مختلفة الا اليوم بعد ان رحلت عن عالمكم ، لم افكر بأن أبي وامي كانا يعملان من أجل أن يوفران حياة كريمه لي ولأختي حتى لا نحتاج لأحد ، لكم تعب أبي وتعبت أمي من أجل أن يفروا لي ثمن الدروس الخصوصية حتى دخلت أحدى كليات القمة ، أنا لم أكن أريد تلك الكليه هم لا يفهمونني ، هم يريدون لي الأفضل أنا أعرف ولكنهم للأسف الشديد أدخلوني في صراع نفسي ، مع نفسي ومع مشاعرى ومع عقلي وقلبي ،وتراكمت مشاعري وضغوطى ، واذداد اكتأبي أنا كنت أتمنى أن اكون رسام فأنا أهوى الرسم من صغري ، ولكنهم لم يسمحوا لي بدخول كليه الفنون الجميلة ، ودخلت الكليه التي يريدونها ، قال أبي يومها هل صرفت عليك كل تلك الأموال من أجل أن تدخل كليه الرسم .
وحتى أمى لم تراعي مشاعرى هي الاخرى ورفضت ان ادخل الكليه التي احبها وكان علي ان اوافق واوافق وارضخ لهم وانا اموت كل يوم ، انا لا احب منظر الدماء لا استطيع رؤيتها فماذنب انا ان كنت متفوق في الدراسه اهذا يكون نصيبي وقدري ، سكت وسكت ولم اتكلم ووافقت وتفاقمت مشاعر الغضب بداخلي والكراهية للجميع ، كنت كالميت معهم احيى بجسدى فقط لم افهم بانهم من حبهم لي كانوا يريدون لي الافضل والمستقبل الاحسن لي ولحياتي ، ولكن ماذا عني ، وحتى عندما اخبرتهم بحبي لصديقة طفولتي وحبيبة الروح والقلب يارا ، كانت تلعب معي منذ كنا أطفال ن كنا نذهب الدروس معا ونرسم الاحلام معا ، رفضت أمي ورفض أبي بأننى لن أتزوج ألا فتاة تناسبنى علميا وثقافيا ، ولكنها خريجة المعهد لا تليق بي ومكانتى المرموقة بالمجتمع .
لقد رسموا لي كل شيء ولم يتركوا لي مجال للخيار ، كان قرارهم حاسم بالابتعاد عن الفتاة وذهبت امي لمنزل يارا وقامت بالسخرية منها وطالبتها بالكف عن مطاردتي ، وابتعدت عنى يارا للابد المخلوقة التي كانت تفهمنى بالكون ، واليد الحانية التي دوما كنت اذهب اليها ، وكنت احبهاافترقنا للابد وتزوجت يارا وبقيت انا وحيد بالحياة وقالت امي لقد فعلت هذا من اجلك يا ولدي سوف تدعي لي ، لم اكن اعرف بانها من حبها لي كانت تخطط لحياتي ولكنها لم تستمع يوما لما يجول برأسي ، واليوم انا مت لقد انتحرت وانهيت حياتي فلم اعد اتحمل ولكنني نادم ، وددت لو يعود بي الزمن حتى اخلص من هذا العذاب الذي اجده في قبري كل يوم ، وددت لو واجهت وتقربت لربي وددت لو ارجع ساعة اخرى لعالم الاحياء حتى استغفر واتوب ، حتى احافظ على صلاتي وعلى قربي من الله ولكنني لا استطيع فعل شيء الآن سوى الندم .
ان تلك الحياة لا تساوى شيء أيها الأباء فلا تحولوا حياة أولادكم لجحيم مستعر وتجعلونهم يصابوا بالامراض النفسية ويفضلون الموت هروبا منكم ، ووقتها ستندمون على ما فعلتم بل احتوهم ودعوهم يفعلون ما يريدون فهي حياتهم هم واستمعوا لهم ،ووجههوم من بعيد ولا تدمروا حياتهم بتحكمكم الزائد وتطفلكم الزائد وخوفكم عليهم حتى لا تندمون بالنهاية عندما تفقدوننهم وفي النهاية ستندمون اشد الندم .