قال الشاعر:
الأم مــدرسـة إذا أعــددتـهـــا أعـددت شعبا طيب الأعــراق
الأم روض إن تعهــده الحيـــا بالـــريّ أورق أيمـــا إيــــراق
الأم أستــاذ الأساتــذة الألــــى شغلت مآثرهم مدى الآفـــــاق.
أما عن قول سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا فقد قال عندما سئل عن أحق الناس بحسن الصحبة فرد مجيبا عليه الصلاة والسلام: “أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أباك”؛ لقد جعلها رسول الله ثلاثة أضعاف الأب لأنها تحملت أمور في الحياة أكثر من الأمور التي يتحملها الأب، تتحمل الأم عنا كل أعباء الحياة دائما ما تكون قلقة حيالنا أكثر من أنفسنا، فمنذ صغرنا تفرح لفرحنا وتحزن لحزننا، تمرض بمرضنا دائما ما تحاول تقديم الأفضل والأمثل من أجلنا.
الفرق بين قلب الأم وبقية الآخرين، الأم تدعو الله سبحانه وتعالى أن تحمل كل آلام وأحزان أبنائها أما البقية فيتمنون أن لا يرونا حزينين.
قصة أم قد خلد اسمها التاريخ
بدأت القصة عندما تزوجت امرأة بسيطة “مبروكة خفاجي” من رجل بسيط “إبراهيم عطا” والذي كان عامل أجرة في الأراضي بدخل معدوم، لم يستطع هذا الرجل البسيط تحمل تكاليف العيش مما جعله يطلق زوجته وهي حامل في آونتها الأخيرة.
سافرت “مبروكة” مع والدتها وأخيها الصغير إلى مدينة الإسكندرية بعد تطليقها، وهناك أنجبت صغيرها “علي”، ومنذ اللحظات الأولى من ولادته عزمت على الجد في تربيته وتعليمه على أحسن وجه، وبالرغم مما لاقت في حياتها هذه السيدة الفاضلة والأم المثالية من عناء وتحديات في الحياة إلا أنها مازالت مستمرة في إصرارها ومستعينة بالله على الوصول بابنها إلى أعلى مراتب التعليم والشرف.
كانت تبيع الجبن في شوارع الإسكندرية لتتكفل بمصاريف صغيرها، وعندما أتم العمر المشروط لدخوله إلى المدرسة أدخلته مدرسة “رأس التين الأميرية”، وعندما حصل على شهادته الابتدائية بتفوق وعن جدارة حضر والده إلى الإسكندرية ليأخذه معه ويعينه في وظيفة بشهادته، ولكن ليس هذا ما تمنته له أمه، فقامت بتهريبه من على سطح المنزل إلى سطح المنزل المجاور وهربا سويا إلى القاهرة.
وبالقاهرة أدخلته المدرسة الخديوية والتي بدرب الجماميز، وكانت دائما ما تلاقي سلبيات ممن حولها كإبلاغها بأنها لن تتمكن من تحقيق ما تسعى إليه، ولكن تلك الأم قوية كانت تبتسم وتقول: “من يستعين بالله وحده تتحقق له المعجزات”، على الرغم من كونها أمية إلا أنها أحسنت صنيعا بتربيتها الحسنة لصغيرها واعتمادها على الله، بتمسكها بالإيجابيات وتركها لكل ما تعرضت له من سلبيات، فلم تندب حظها العسر ولم تتكل على صغيرها بل واصلت عملها الجاد حتى توصله إلى طريق النجاح.
عملت “مبروكة” لدى إحدى الأسر الثرية لتتمكن من تحمل تكاليف تعليم صغيرها والذي بدوره تفوق في دراسته واستطاع دخول كلية الطب عام 1897 ميلاديا، وأتم دراسته بتفوق وتخرج عام 1901 ميلاديا.
بعد مرور خمسة عشر عاما من تخرجه مرض سلطان البلاد السلطان “حسين كامل” بالمرض الخطير “السرطان”، واحتار أطباء كثر في أمر مرضه وكيفية علاجه حينها اقترح العالم البيولوجي الشهير “عثمان غالب” اسم الدكتور “علي إبراهيم”، والذي تمكن من إجراء عملية خطيرة في وقتها ونجحت بفضل الله وتم شفائه، أمر السلطان بشغله لمنصب جرح استشاري لحضرة العلية السلطانية علاوة على كونه الطبيب الخاص لجلالة السلطان، وقام بمنحه رتبة البكوية في عام 1922 ميلاديا؛ وقام الملك فؤاد الأول بمنحه رتبة الباشوية.
تم انتخاب الدكتور “علي باشا إبراهيم” ليكون أول عميد مصري عرفته كلية الطب بعصر الملك فؤاد الأول لعام 1929 ميلاديا، ومن بعدها بعام 1940 ميلاديا تم تعيينه وزيرا للصحة وقام بتأسيس نقابة الأطباء بنفس العام أيضا وصار أول نقيب للأطباء والتي كانت الأول من نوعها.
لقد ضربت هذه الأم المثالية مثلا في عمل المعجزات، فعلى الرغم من كونها مطلقة ووحيدة إلا أنها استطاعت باستعانتها بخالقها وحسن توكلها عليه أن تطلق للمجتمع مثلا يحتذى به ومصدرا للفخر على مر الأجيال، فخلد اسمها التاريخ لأنها تستحق ذلك وعن جدارة.
اقرأ أيضا:
قصص قصيرة عن الام قصص حب الأم لأبنائها
قصص واقعية يرويها أصحابها قصص طريفة وغريبة
قصص واقعية توجع القلب في غاية الحزن والأسى
جيد