قصص قصيرة قديمة جدا ولكنها بعبر ومواعظ تتماشى مع كل العصور الجزء الأول
قصص قصيرة قديمة جدا
جميعنا ما أحوجنا إلى النصيحة ممن سبقونا، ما أحوجنا للامتثال إلى حكمهم ومواعظهم والنابعة في الأساس من تجاربهم.
من قصص قصيرة قديمة جدا:
القصـــــــــــــــــــــة الأولى
جاء في الخبر أنه بيوم من الأيام جلس شيخ كبير على ضفاف النهر يتأمل خلق الله العظيم، وبينما كان ينظر إلى الطبيعة الخلابة من حوله رأى عقربا يسقط في المياه، ويحاول جاهدا وسط تخبطات كثيرة أن ينجو بحياته من الغرق، فقرر الشيخ مساعدته، وأسرع في ذلك ومد يده ليلتقطه ويخرجه من المياه ولكن العقرب قام بلدغه، أخرج الشيخ يده بسرعة فائقة من شدة ما ألم به من ألم، ولكنه على الفور أرجعها في محاولة جديدة لإنقاذ العقرب، ومن جديد لدغه العقرب فتألم وأخرج يده، وربط على قلبه وأدخل يده للمرة الثالثة على التوالي، في هذه اللحظات كان يجلس رجلا على نفس الضفاف يشاهد ويترقب ما يحدث بين الشيخ الكبير والعقرب الذي يريد إنقاذه، فقال بصوت عالٍ: “ويحك أيها الشيخ ألم تتعظ من المرتين السابقتين وتريد أن تلدغ للمرة الثالثة، يا لكَ من معتوه”.
لم يأبه الشيخ لكلامه وفي هذه المرة نجح في إخراج العقرب من المياه، وهم بالرحيل وأثناء رحيله ربت بيده على كتف الرجل وأخبره قائلا: “يا بني كلنا نعلم تمام العلم أن طبيعة العقرب التي خلقها الله أن تلدغ وتبث سمها، أما عن طبيعتي فهي أن أحن وأعطف، فلماذا تريدني أن أجعل طبيعتها تتفوق على طبيعتي التي أوجدني الله عليها؟!؛ يا بني عليك أن تعامل كل من حولك بطبعك وتكون على طبيعتك التي خلقك الله عليها، ولا تجعل من أطباعهم الحادة التي تجرحك سببا في تغيير طبعك بل عاملهم حسنا وتمسك بصفاتك الحسنة ولا تحاول أن تبدلها مع أولئك الذين لا يستحقونها منك، لا تحقرن معروفا ولا تدخر إحسانا”.
القصـــــــــــــــــــــــــة الثانيــــــــــــــــــة
يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك ملكا عظيما يحكم مملكة عريقة، ومن الطبيعي أن يكون ذلك الملك العظيم ممتن لكل النعم التي أنعم الله بها عليه إلا أنه كان عكس ذلك كليا، فقد كان قانطا لأنعم الله غير راضيا بها بالمرة، وكل ذلك كان ينغص عليه عيشه؛ وذات يوم استيقظ هذا الملك في الصباح الباكر على صوت ملائكي، فتتبع أثره ونظر من شرفة حجرة نومه فوجده خادمه الذي يعمل بحديقة قصره، لقد تغنى ذلك الخادم بأجمل الألحان وأعذب الكلمات، لقد وهبه الله سبحانه وتعالى حنجرة خيالية سحرت الملك العظيم وجذبته جذبا؛ وما إن انتهى الخادم من الغناء بعدما فرغ كليا من عمله حتى استطاع الملك رفع نظره من عليه، ولم يطق صبرا على لقائه فأرسل أحد حراسه في طلبه إليه، وعندما جاءه خادمه وجد انطباع القناعة وطيبة القلب في كل أفعاله وردوده على ملكه العظيم، إذ أخبره عندما سأله عن سر سعادته على الرغم من كونه فقيرا وبالكاد يملك قوت يومه له ولأسرته: “وكيف لي ألا أكون سعيدا؟!، وأنا أعمل بحديقة ملكنا العظيم، وعندما يحين وقت الطعام لا ينساني ربي بل يسوق إلي ما يكفيني أنا وأسرتي بالكامل، كما أنه سبحانه وتعالى منعم علي بالصحة والزوجة الصالحة والذرية التي يتمناها أي امرئ في هذه الدنيا”.
انبهر الملك بشخصية خاده القانع الشاكر الحامد لأنعم الله عليه، وأرسل إلى وزيره ليقص عليه القصة كاملة، ويخبره عن مدى قناعة خادمه وضاه بالقليل بخلافه كليا؛ فكر الوزير كثيرا في أمر خادم ملكه وتدبر وفجأة نطق جملة أدهشت ملكه: “تسعة وتسعون يا مولاي!”.
الملك: “تسعة وتسعون؟!، وماذا تعني بتسعة وتسعون أيها الوزير؟”.
أشار عليه وزيره موضحا بأن عليه وضع تسعة وتسعون قطعة ذهبية داخل كيس، ووضعها أمام منزل خادمه الذي انبهر بشخصيته بمنتصف الليل، وأن ينتظر ويرقب كل ما يحدث بعدها، أعجب الملك كثيرا بفكرة وزيره، وعلى الفور نفذها وانتظر يرقب ما يحدث بمنزل خادمه.
وما هي إلا دقائق معدودات حتى خرج الخادم من منزله، وإذا به يتعثر في كيس قطع الذهب، فيأخذه ويغلق الباب ويخبر أسرته عما وجد، وكان الملك مازال يرقبه وإذا به ينتظر كل أهل بيته يغوصون في نوم عميق حتى شرع في عد القطع الذهبية التي وجدها، ولكنه صدم عندما وجدها تسعة وتسعين قطعة فتساءل عن القطعة المائة، وقضى طوال الليل يبحث عنها، فقد جاب الأرض كلها ولكنه لم يجد شيئا.
قرر العمل والكد لشرائها حتى تكتمل لديه المائة قطعة ذهبية، ولأنه مكث الليل بطوله سهران يبحث عن القطعة المفقودة تأخر في الاستيقاظ، وأول ما استيقظ بدأ في توبيخ أطفاله الذين كان يقبلهم كل يوم ويودهم ويحبهم بشدة، كما نهر زوجته التي لطالما لم يقل لها إلا حسنا؛ وأول ما وصل عمله شرع في عمله ولكنه ليس كالمعتاد حتى أنه لم يدندن بكلمة واحدة على غير عادته.
تعجب الملك من أمره وقال لوزيره: “توقعت منه أن تزيد سعادته ويزيد حبه لأسرته، فبالقطع الذهبية يستطيع أن يوفر كل ما يحتاجون إليه”.
الوزير: “يا مولاي، لقد كان قانعا برزقه القليل يعيش سعيدا بحياته ولا يبالي، وينشر السعادة بين الجميع، ولكن عندما وضعت له التسعة وتسعين قطعة ذهبية جعل شغله الشاغل العمل من أجل إكمال المائة؛ هكذا هو حال الإنسان عندما يرزق بنعمة من خالقه يقول وهل من مزيد؟”.
تعلم الملك الدرس من خادمه فقنع وحمد الله سبحانه وتعالى على كل نعمه عليه.
اقرأ أيضا:
قصص قصيرة للعبرة والحكمة قصة المتكبر وبائعة السمن
قصص قصيرة يحيى حقي قصة السلحفاة تطير
3 قصص قصيرة يحكى أن مليئة بالأهداف والقيم السامية “اغتنمها”