الحب كلمة جميلة وإحساس أجمل، هو أن يكون الحبيب ضعيفا لأجل من يحب ولكن في منتهى القوة لكل من يمس حبيبه بسوء أو ضرر، فما أجمل أن يكرم الله سبحانه وتعالى كل منا بشخص يحبه بصدق.
من يصلح الملح إذا الملح فسد
بإحدى قبائل العرب، كان هناك رجلا أسرت قلبه فتاة من قبيلته أيضا ضرب بجمالها المثل، وكانت حديث الجميع بسبب أخلاقها الحسنة وتحليها بالدين والأدب ومعرفتها بجل شئون دينها الحنيف؛ وشاء خالقه وجعلها زوجة وقرة عين له، وبعد مضي عام واحد على زواجهما تشاجر الرجل مع ابن عمه، وكانت نتيجة شجارهما العنيف أن فارق ابن عمه الحياة على يده، فأخذ زوجته ورحلا بعيدا عن الديرة اقتداءاً بعرف القبائل البدوية؛ وانتهت بهما رحلة الرحيل عن الديار إلى قبيلة أخرى، عاشا فيها سعداء.
كان الشاب مداوم على الجلوس مع شيخ العرب ورجال القبيلة للتشاور والحديث في أمور مختلفة يوميا، صار الشاب من أقرب أصدقاء شيخ القبيلة والمحببين إلى قلبه؛ وذات يوم ضيف الشاب شيخ القبيلة بمنزله، ولكن الشيخ سحر بجمال زوجة الشاب وقد ملكت عليه قلبه بالرغم أنه رآها من بعيد ولم تكلمه حتى، وأخذ الشيطان ونفسه الأمارة بالسوء توسوس له وجاءته فكرة شيطانية، وهي أن يخلي الطريق بينه وبين الجميلة التي سحرته بجمالها وخفة ظلها بأن يبعد زوجها ويراودها عن نفسها، وبالفعل نفذ خطته اللعينة فبعث أربعة من رجاله خامسهم زوج الجميلة إلى قبيلة بعيدة للغاية يستغرق السفر للوصول إليها قرابة الثلاثة أيام، أعدت الزوجة المحبة لزوجها العدة والعتاد للسفر والرحيل عنها لمدة وجيزة.
وعندما خيم الظلام على كل أركان القبيلة عزم الشيخ على مراودة المرأة الجميلة التي أسرته عن نفسها، ولكن هذه المرأة كانت حكيمة للغاية، فعندما شعرت بوجود شخص ما بمنزلها الذي يخلو إلا منها شعرت بالخوف ولكنها ضمرته في نفسها، وقالت: “من بالمنزل؟!”
أجابها قائلا: “أنا شيخ القبيلة التي تأويكما”.
قالت: “حياك يا شيخنا، ولكن ماذا تريد بمثل هذا الوقت المتأخر من الليل، وتخترق حرمة المنزل وأنت على دراية بعدم وجود صاحبه؟!”
أجابها قائلا: “منذ أن رأيتكِ وقد سحرتني بجمالك، وصراحة قصدت أن أبعد زوجكِ عنكِ حتى أنال فرصة القرب منكِ ووصالكِ يا من ملكتِ علي قلبي بحسنكِ ووسامتكِ”.
ردت عليه قائلة: “إنني أتفق معك ولك كل ما تريد بشرط واحد يا شيخ العرب”.
أجابها: “لكِ ما تريدين، وكل ما تتمنين وتأمرين به مجاب لكِ في الحال”.
قالت: “عندي لغز وحيد وأريد منكِ الإجابة عليه، فإن حللته أكن لكِ كما تريد”.
الشيخ: “وما اللغز يا جميلتي؟”
المرأة: “نضع الملح على اللحم حتى لا يجيف ويفسد، ولكن من يصلح الملح إذا الملح فسد؟!”
الشيخ: “أمهليني هذه الليلة وسآتيكِ ليلة غد بالحل وستفين بوعدكِ لي فتكونين لي كما أريد”.
المرأة: “لكَ ما تريد وبإمكانك الاستعانة بمن تريد أيضا”.
رجع الشيخ إلى منزله مكسور الخاطر، ولكنه قضى كل الليل يفكر في حل للغز العسير، ولكن دون جدوى فلم يجد له حلا ولم يجد منه مخرجا، فإن لم يتمكن من إيجاد حل له طارت منه عصفورته التي سحرت قلبه وعقله؛ وفي صباح اليوم التالي ذهب الشيخ كعادته إلى مجلس رجاله وفجأة طرح عليهم السؤال الذي احتار في حله “نضع الملح على اللحم حتى لا يجيف ويفسد، ولكن من يصلح الملح إذا الملح فسد؟!، كل من بالحضور أعطى إجابة على قدر معرفته وفهمه للسؤال ولكن شيخ العرب لم يقتنع ولا بإجابة واحدة من كل تلك الإجابات المطروحة.
وكان في المجلس رجلا داهية على دراية واسعة بعلوم الدين والأدب، فلم يعطِ الحل ولم يتفوه بكلمة واحدة، وبعد أن انفض المجلس من حول الشيخ لم يتحرك الرجل ذا العلم الغزير بل جلس ينتظر، هنا صرخ الشيخ في وجهه يلومه على عدم إعطائه الحل في مسألته التي أرقت عليه حياته، فأخبره الرجل أنه أراد أن يتحدث معه على انفراد، وكان رده على مسألته وقع عليه وقع الصاعقة، فقال الرجل ذا العلم: “إن أصل مسألتك هي بيت شعر لأمير أهل الحديث أبو سفيان الثوري (يا رجال العلم يا ملح البلد …… من يصلح الملح إذا الملح فسد)؛ وبحسب علمي فإني أستطيع أن أخبرك بأنك قد راودت امرأة ذات علم ودين وخلق ومتزودة بكثير من الأدب، وذات حكمة وذكاء بالغين فلم ترد أن تخسرك بل أرادت أن تكسبك كأخ لها، فهي على دراية كاملة بحجمك ومكانتك التي تتميز بها، فأخبرتك بحكمة بليغة منها أن الرجل من أهل القبيلة إذا فسد خلقه نأتي بشيخ القبيلة ليحسنه من جديد ولكن إذا فسد خلق شيخ القبيلة فمن بإمكانه أن يصلحه؟!”.
عاد شيخ القبيلة إلى رشده وندم على فعلته وخجل من نفسه أشد الخجل، وتعلم الدرس على يد زوجة أحبت زوجها وصانته في الخفاء والعلن.
اقرأ أيضا:
قصص حب كورية في غاية الرومانسية والشغف بعنوان “أميرتي” الجزء الأول
قصص حب كورية في غاية الرومانسية والشغف بعنوان “أميرتي” الجزء الثاني
قصص حب كورية في غاية الرومانسية والشغف بعنوان “أميرتي” الجزء الثالث
قصص حب كورية في غاية الرومانسية والشغف بعنوان “أميرتي” الجزء الرابع