لا تستهن بسر السعادة في قراءة قصة مفيدة وشيقة لطفلك الصغير، فالقصص تترسخ داخل ذكرياتهم لمدى طويل، يتذكرها الطفل بذاكرته التصويرية ولو بعد حين طويل من الدهر، ولا ينساها مطلقا وخاصة أنها كانت من أكثر اثنين محبين له طوال عمره، والدته ووالده، فكيف لهما ألا يخبراه بكل حسن وما هو مفيد غير ضار؟!
من قصص للأطفال فيها عبرة:
قصـــة العصفور المتذمر
كان هناك في إحدى الغابات مجموعة من العصافير الإخوة، الذين اعتادوا العيش سويا على عش واحد، كان الكل راضي بعيشه إلا عصفورا واحدا كان دائم التذمر، كان دائم الحلم بعيش خاص به جميل ومتسع للغاية، كان لا يرى في عيشه مع إخوته أية مميزات، كان لا يرى في العيش معهم إلا الضيق والخنقة، كان بكل يوم ينام فيه يحلم بالعش الجميل الواسع ويستيقظ على ضربة موجعة من إحدى أجنحة إخوته، أما الباقين فلم يكونوا يشعروا بالعيش مع بعضهم البعض بعش واحد إلا بالدفء والحنان.
وبيوم من الأيام استيقظ العصفور المتذمر كعادته يوميا في طلوع الشمس بالصباح الباكر، وذهب بحثا عن الطعام وأثناء رحلة بحثه وجد عشا ما أجمله وما أوسعه، قال لنفسه: “وأخيرا قد حقق الله لي ما كنت أحلم به كل يوم بحياتي، إنني سأستقر هنا بهذا العش، ولكن ينبغي علي أولا أن أتأكد ألا أحد يسكن به”.
لقد كان عشا بأعلى شجرة صنوبر وبأسفله نهرا للمياه العذبة، عشا ولا أروع منه حيث يتوفر به الماء والطعام، مكث بجواره ولم يتزحزح بعيدا عنه حتى جاء الليل وظل مترقبا ولكن لم يأتي إليه أحد ليبيت به، عرف حينها أنه لا أحد يسكن به وذهب ليغوص في نوم عميق به؛ ولكن ما إن دخل في سبات عميق حتى شعر بالعطش الشديد، فاستيقظ ليذهب إلى النهر ويروي عطشه، ولكنه أخذ يسير بقدميه الصغيرتين طويلا في العش ولكن لم يصل إلى حافته، فاستخدم جناحيه ولكنه لم يصل أيضا، واستيقظ في الأخير من نومه وقد كان كابوسا مروعا.
حمد الله العصفور الصغير على كونه حلما ولم يكن أكثر من ذلك، ومن جديد نزل أسفل الشجرة وأكل من حبات الصنوبر المتساقطة وروى عطشه الشديد، وجاء الليل فشعر بالتعب ونام بعمق شديد وذات الكابوس راوده من جديد، واستمر على هذا الوضع مدة طويلة من الزمن.
وذات يوم مر عليه سرب من الحمام الرحال، والذي حط على الأرض ليأكل من خيرها ويشرب من مياهها، فسألهم العصفور: “من أنتم يا حمامات، ومن أين جئتم، وإلى أين تذهبون؟”.
فأجابته إحداهن: “أيها العصفور الصغير نحن حمامات قدمن من مصر وذاهبات إلى الأراضي المحرمة”.
سألهن العصفور في دهشة شديدة: “وكيف لكن تحمل كل تلك الصعاب والمشقات؟!”
أجابته الحمامة: “نحن نطير في جماعة لذلك لا نشعر بالتعب ولا الضيق ولا الملل مطلقا، ولكن نشعر بالإثارة والتشويق”.
فهم حينها العصفور لما يعاني بكل ليلة من أرق بالنوم، ويعاني من نفس الكابوس والذي كاد يودي بحياته، لم يهنأ بليلة واحدة ولم يهنأ بنوم ولا للحظة منذ أن ترك العش الصغير الضيق الذي كان يتشاركه مع إخوته الصغار، لقد فهم الدرس، لم ينتظر حلول الصباح ولكنه ذهب إليه وعاد بالليل المتأخر، وقد وجدهم نائمين فبحث طويلا عن مكن صغير يدس به نفسه وسطهم ليشعر بالدفء والأمان بأحضانهم ويهنأ بسبات عميق والذي كان قد حرم منه.
نام ليلة لم يرها طوال عمره، فقد خالط شعوره وسط إخوته شعور بالرضا أخيرا؛ استيقظ في الصباح الباكر على صوت إخوته الصغار وهم فرحين بعودته إليهم، ذهبوا جميعا مع بعضهم البعض في رحلة بحثهم اليومية عن الطعام، وأشار العصفور عليهم: “أنا أعرف مكانا مليئا بالماء والطعام”.
فأخذهم إلى ذات الشجرة شجرة الصنوبر، وعرفهم على العش الذي كان ينام به، فأعجبوا به كثيرا وقرروا العيش به سويا إلى الأبد، كان العصفور في غاية السعادة والفرح حينها ولم ينغص عليه شيئا منذ ذلك الوقت.
اقرأ أيضا:
قصص اطفال جديدة حلوة بعنوان رسمتي فيها حكايتي
قصص اطفال واقعية مؤثرة طفولة النبي صل الله عليه وسلم
قصص اطفال واسم الكاتب الحذاء الأحمر لهانس كريستيان اندرسون
اليسا