لقد ضرب الله لنا سبحانه وتعالى في كتابه العزيز من كل مثل علنا نتعظ ونعتبر بسلفنا، فالقرآن مليء بالقصص والتي جاءت للعبرات، فالحكيم من لا يفلت من يده ولا ثغرة حتى ينال الثوب الأعظم، ويكفيه من وعود ربه أنه سيلقى خالقه.
من قصص القرآن “سالم النواف”:
أصحـاب القريـــة الجزء الثاني والأخير
ويصور لنا خالقنا سبحانه وتعالى القصة في آياته الكريمة تصويرا مقربا إلينا حتى يخيل إلينا أننا نرى كل الأحداث أمامنا بأم أعيننا، قال تعالى: ” وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ”، في وسط اتهامات القوم للرسل ووسط مجادلة الرسل لهم بالحجة والبراهين ورفضهم وتكبرهم وإصرارهم على الباطل يأتي رجل كان يعيش بأقصى مكان بالمدينة، كان يدعى “حبيب النجار” وقد كان مريضا بالجزام، وهو أشبه بمرض البهاق، وقد كان رجلا فقيرا يكسب قوت يومه من عمل يده، ولكنه آمن واتبع الرسل من أول ما بدأوا بالدعوة إلى الواحد الأحد.
لم يكن ذلك الرجل التقي من وجهاء القوم، وليس من قبيلة معروفة حتى تحميه من قومه ومما يستطيعون على فعله معه، ولكنه كان يملك شيئا نادرا لا يرزقه أحد إلا من رحم ربي من العباد، لقد كان شجاعا في الحق ولا يخشى لائمة أحد؛ بكل شجاعة وثقة ويقين بخالقه ونصرة لدينه قال لقومه: “يا قوم اتبعوا المرسلين، اتبعوا هؤلاء الرسل الذين أرسلهم إلينا ربنا ليدعوننا إلى كل خير وفلاح، يا قومي اتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسئلكم أجرا وهم مهتدون، اتبعوهم ولن تخسروا شيئا فهم لم يسألونكم دينارا ولا درهما، وإنما يتحملون عذابكم وإهاناتكم من أجل مصلحتكم وحرقة عليكم، فاتبعوهم يا قومي”.
وضرب على نفسه مثلا حتى يلين قلوب قومه التي كالحجارة أو أشد منها قوة محدثا نفسه بصوت عالٍ: “وما لي لا أعبد الذي فطرني وفطركم وفطر كل شيء من حولنا؟!، وجميعنا بيوم مشهود نعود إليه ليسعد من سعد ويشقى من شقي، أأتخذ آلهة من دونه؟!، إن يردني خالقي بضر يأتيني به منه لن تنفعني ولو بمثقال ذرة، لن تغنني من فقر ولا من مرض ولا من بؤس وشقاء، حينها لن أمتلك إلا الخسران المبين، حينها لن أكون إلا في ضلال مبين”.
ثم نظر إلى الرسل وأخبرهم قائلا: “إني آمنت بربكم فاسمعوا واشهدوا لي بإيماني بكم عند ربكم”.
لقد قالها ولا يخاف بأس قومه الجبابرة المتسلطين، فور انتهائه من جملة شهادته بإيمانه وتشهيد الرسل انهالوا عليه ضربا، أطاحوا به أرضا ورجموه، ووطئوا جميعهم بأقدامهم على بطنه لدرجة أنه خرجت أحشائه من دبره، انتقل إلى الرفيق الأعلى وقد حاز بالجنة ونعيمها الدائم.
وبعدما قتل الرجل التقي أمر الله سبحانه وتعالى بأن يُدخل فسيح جناته، فقال: “يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين”، يا ليته من رجل تقي تمنى لكل قومه أن ينالوا مثل الجزاء الذي ناله، حتى أنه يقال أنه حينما كانوا يضربونه كل هذا الضرب المبرح كان بطبيعته يدعو لهم: “ربي اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون”.
بعدما قاموا بقتل الرجل النقي الوحيد الذي كان بينهم أنزل الله سبحانه وتعالى عذابهم عليهم جميعا بما قدمت أيديهم، استحقر الله سبحانه وتعالى أن يفتح أبوابا السماء وينزل عليهم جندا منها ليهلكوا أهل هذه القرية الظلمة، فما هي إلا صيحة واحدة تولاها جبريل عليه السلام، جاء بالتفسير أن سيدنا جبريل عليه السلام جاء إلى باب القرية فصاح بها صيحة واحدة فإذا هم جميعا خامدون.
ماتوا جميعا كنفس واحدة، صعقوا جميعا في آن واحد من أثر هذه الصيحة العظيمة.
القصة بالقرآن الكريم:
“وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ، وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ، إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ، قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ، وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ، إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ، يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ” صدق الله العظيم.
اقرأ أيضا:
قصص القرآن سالم النواف بعنوان أصحاب القرية الجزء الأول
قصص الانبياء باختصار شديد قصة سيدنا ابراهيم وسيدنا لوط وسيدنا شعيب عليهم السلام
قصص الانبياء بالترتيب للاطفال هود وصالح عليهما السلام
قصص الانبياء عن الصبر قصة سيدنا “أيوب” وسيدنا “يوسف” عليهما السلام