الجملة الوحيدة التي يمكنها أن تعبر عن قصتنا التي تحمل أسمى معاني العشق والهوى، (ولي في غيابكِ قصة وجع كسجين حكم عليه بالمؤبد وهو في الأصل بريء).
العشق لا يعني القرب ممن نحب، فهناك من يبتعدون عنا ولا نراهم ولكنهم آسرون علينا قلوبنا، ولا نستطيع تخليصها منهم حتى وإن أردنا فعل ذلك.
ولا يوجد أعظم من الحب الحقيقي الصادق الذي يحفظ فيه الحبيب حبيبه مهما كان غائبا عنه ومبتعدا، دائما يرد عنه كلام السوء في غيابه قبل حضوره، دائما يحرص على جعله نقيا في نظر الآخرين كالصفحة البيضاء، دائما في انتظار عودته حتى وإن لم يكن عنده أي بادرة للعودة إليه من جديد، دائما يحفظه دون أن ينتظر منه مقابل.
حــــــــــب بعيــــــــــــد المنـــــــال
بدأت قصة حبه عندما رآها بالجامعة، كان يكبرها بستة أعوام…
طالب بالطب والفتاة من عائلة ثرية معروفة من قبل الجميع ولكنها رغدة العيش، طالبة بكلية التجارة، اجتمعا في صدفة.
كانت الفتاة حائرة لا تعرف شيئا بأول يوم لها بالجامعة، ساعدها الشاب والذي أول ما وقعت عينيه عليها اختارها قلبه وعقله وكل وجدانه.
كانت متوجة على عرش النساء الجميلات، كما أنه أيضا متوج على عرش الرجال الوسيمين، ولكن كان الفارق المادي والمجتمعي بينهما شاسع للغاية ولا يمكن حتى لشهادته العالية أن تشفع له.
ابتعد في البداية وقرر الاحتفاظ بحبه لها سرا يخبئه داخل صدره، ولكن الفتاة أيضا أعجبت به، وكانت من كل فرصة مناسبة وغير مناسبة تتخذ كليته طريقا للقائه وتملك قلبه، وبالفعل فالشاب يحبها مسبقا وقد امتلكت عليه قلبه بالفعل من أول لقاء، ولكنه احتفظ بذلك لنفسه صونا لكرامته.
أعطته الفتاة الكثير من الوعود، وأنها على استعداد لمواجهة العالم بأسره من أجل حبها له، أتاح الشاب الفرصة لقلبه بحبها بل وعشقها حتى الجنون.
وطوال الأربعة أعوام الخاصة بجامعتها كانت بكل يوم تعلقه بها أكثر فأكثر لدرجة أنه رأى بها كل نساء العالم، كانت تمثل له الدافع الذي جعله يجتهد أكثر وأكثر بدراسته لدرجة أنه جاءته فرصة ذهبية للذهاب بدول الخارج للتدريس بإحدى الجامعات المشهورة بها؛ رأى الشاب الفرصة قد أتيحت له لطلب يد حبيبة قلبه من أهلها.
أعد العدة وذهب يطرق بابها، ولكن ما رآه جعله زاهدا في جنس النساء، لقد وجدها عروس لإحدى الأغنياء باليوم الذي ذهب فيه لطلب يدها، كانت تجلس ويجلس زوجها المستقبلي بجوارها والابتسامة منشرحة على وجهها.
صدم الشاب مما رآه، ولكن قلبه مازال متمسكا بها فجعله يلتمس لها الأعذار لربما والديها أجبراها على الزوج به؛ ولكن الفتاة ما إن رأته حتى أسرعت متوجهة إليه لتحمل عنه باقة الزهور الجميلة بالألوان والأنواع التي تحبها، وكأنه مدعوا عاديا جاء ليبارك لها قبولها للزوج الذي ترتضيه.
لم يدري ماذا يفعل الشاب أيبارك لها زواجها، أم ينصرف ململما جراح قلبه، وبالفعل ما إن هم بالرحيل حتى قدمت إليه الفتاة لا لتواسيه بل لتضع ملحا على جرح قلبه الذي ينزف، لتخبره بأنها عندما أرادت صحبة ارتضت به ولكنها عندما تريد الزواج فإنها تتزوج ممن يناسبها ويناسب مكانتهم الاجتماعية مثل زوجها.
كانت كلماتها وضحكاتها لها أثر على قلبه كوقع السيف المسلول، رحل الشاب للبلاد الأجنبية ليكمل مسيرته لا لأنه يريد علوا في الأرض ولكنه يريد الهروب من ماضي أليم ومرير، لم يقوى على نسيانها ولا تجاوزها والتفكير بغيرها، وبالرغم من محاولات والدته المريضة والتي كانت لا ترجو شيئا من خالقها قبل انتقالها إليه إلا أن ترى ابنها وحيدها متزوج ومنعم بالاستقرار، إلا أنه خذلها ولم يقبل بأي من عروض الفتيات الجميلات اللاتي انتقتهن وارتضت بهن عروسا له.
أفنى الشاب حياته كاملة في حبها، في حين كانت تنعم بحياة الرغد والرفاهية مع زوجها الثري الذي باعت من أحبها من أجله؛ لم يتطرق الشاب يوما لمعرفة أخبارها ولم يدعو لها على الرغم من كل ما فعلته به إلا بالسعادة الدائمة، وربما لولا دعائه ما كانت نعمت بالحياة إلا بالشقاء الطويل.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص حب قصيرة خليجية بعنوان آخر لقاء
قصص حب عن الفراق بعنوان “لما كنا صغيرين” الجزء الأول
قصص حب عن الفراق بعنوان “لما كنا صغيرين” الجزء الثاني
قصص حب عن الفراق بعنوان “لما كنا صغيرين” الجزء الثالث والأخير