إن الله سبحانه وتعالى عندما خلقنا جميعا من علينا بصورة الملائكة أنفسهم في حسن الأخلاق وحسن الهيئة والشكل وكل شيء، ولكننا لم نسلك الطريق الذي أراده وارتضاه لنا خالقنا سبحانه وتعالى فأصبحنا نمتثل صورة الشيطان بكثرة معاصينا.
صورة الملاك والشيطان
يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك حاكما إيطاليا قام بدعوة أشهر فنان تشكيلي بكل بلاده، وأراد منه أن يقوم برسم صورتين متناقضتين ومختلفتين على الإطلاق، وأبدى الحاكم رغبته الشديدة بوضع الصورتين المرسومتين على باب أكبر المراكز الروحية بكل البلاد.
كان الحاكم يرغب في صورتين إحداهما تمثل صورة الملاك والأخر المناقضة لها تمثل صورة الشيطان حتى يتبين الأمر الواضح بين الفضيلة والرزيلة لكل الناظرين للصورتين، قبل الفنان التشكيلي وامتثل لجميع أوامر حاكمه، وشرع بالفعل في البحث عن مصدر يمده بالإلهام ليستوحي منه لوحته الفنية.
وبالفعل كلها أيام قليلة ووقعت عيني الفنان التشكيلي على طفل جميل تعكس عيناه جميع صور البراءة والسعادة والهدوء والاطمئنان والسكينة أيضا، تحدث مع الطفل وذهب معه لبيته واستأّن من والديه أن يستلهم من هيئته الجميلة صورة الملاك مقابل مبلغ مالي مغري للغاية، ووالديه وافقا الفنان على طلبه.
كان بكل يوم يجلس الطفل الصغير أمام الفنان بالساعات الطويلة حتى يتمكن من إنهاء لوحته الفنية التي طلبها منه الحاكم، ودام الفنان والطفل على هذا الحال لمدة عدة أشهر، وانتهت اللوحة الفنية والتي صارت عملا فنيا نادر الوجود بزمانهم، لقد أبهر الفنان الحاكم نفسه بما قدمه إليه من عمل، لقد قام برسم لوحة فنية تعكس كل المعاني السامية متجسدة بوجه طفل ملائكي صغير.
وحان الدور على اللوحة المناقضة الثانية، بدأ الفنان في البحث عن مصدر يلهمه ويستوحي منه وجه الشيطان، لقد كان الفنان يأخذ الموضوع على محمل جدي وشخصي أيضا، لذا أتقن واجتهد وتعب كثيرا في البحث حتى أصابه النصب، وقضى أربعين عاما في البحث عن ذلك الوجه الذي سيلهمه صورة الشيطان ولكنه جد دون أن يجد.
ومن شدة خوف الحاكم من موته أو موت الفنان قبل إنهاء العمل الذي أراداه كلاهما قام بالإعلان عن جائزة مالية مجزية للغاية سيتم وهبها لمن يملك أكثر الوجوه رعبا وشرا بكل أرجاء البلاد؛ كما أن الفنان قام بزيارة كل الأماكن، ولم ييأس فزار السجون والحانات حيث المجرمين، تطرف بالطرقات أملا في إيجاد قاطع طريق، ولكن كل من رآهم الفنان لم يكونوا سوى أناسا، بشرا خلق من طين ولم يكونوا بشياطين.
وبيوم من الأيام كان الظلام قد خيم على كافة أرجاء البلاد، كان الفنان يسير حزينا مهموما من شعوره بالفشل المريع، وفجأة ظهر أمامه الشيطان الذي لطالما انتظره طويلا، لقد كان رجلا قد انحنى ظهره رث الثياب، قبيح الهيئة والمنظر، كريه الرائحة، عفن، بفمه لا توجد ولا سنة ولا ضرس، وبرأسه لا توجد سوى بضعة شعيرات بالمنتصف كأنهن رؤوس الشياطين، يمسك بيده زجاجة خمر ويترنح بها يمينا ويسارا.
أيقن بداخله أنه وأخيرا وجد الشيطان الذي لطالما بحث عنه، اقترب منه الفنان التشكيلي وشرح له الأمر، وأنه يريد استنباط صورة الشيطان باستلهامها من وجهه، أعرض الرجل عن حديثه ولكن الفنان وعده بإعطائه مبلغا عظيما من الأموال مقابل ذلك، وأول ما سمع الرجل سيرة المال وافق على لفور بل دعاه للعمل في الحال.
أخذه وذهب به للحاكم ليبشره، وكان الحاكم في غاية السعادة لأنه وأخيرا ستكتمل تحفته الفنية التي طالما أرادها.
وباليوم التالي شرع الفنان في عمله وكله حماس، كان يجلس ذلك الرجل أمامه بالساعات الطوال ليتمكن من رسم ملامحه وجهه مضيفا إليها بعض اللمسات التي تقنع بأنه ليس بإنسان بل هو الشيطان نفسه.
وذات يوم بينما كان الفنان جالسا ينظر للشيطان ليستلهم منه أفكاره وجد دموعه تسيل من عينيه، فتعجب من حاله فسأله: “أتريد أن تشرب سيجارة أو كأسا من الخمر؟!”
فرد عليه الرجل بصوت مخنوق ورغبة في البكاء المرير: “ألا تذكرني يا سيدي؟!، إنني نفس الطفل الذي زرته منذ أكثر من أربعين عاما واستلهمت من وجهي صورة الملائكة، وها أنت اليوم تستلهم من وجهي صورة تعكس صورة الشيطان، أبكي على ما فعلته بي الأيام والسنوات فقد حولتني لنقيض ذاتي”.
وانفجر في البكاء المرير، وأعانه على ذلك الفنان نفسه الذي شرع في لبكاء مثله بعدما نظر للصورة التي رسمها منذ زمن بعيد وصورته الحالية.
عزيزنا القارئ اقرأ أيضا:
قصص وعبر قصيرة جدا عن معية الله سبحانه وتعالى (لا تفوتها)
5 قصص واقعية طريفة ومضحكة لن تتمالك نفسك من كثرة الضحك!
قصص واقعية جميلة جدا قصة روعة عن بر الوالدين
اذا فلماذا تريدونه