ومازلنا نستكمل قصتنا المليئة بالظلم الشديد، وجوانب النفس المظلمة أيضا من كثرة الحقد والحسد والكراهية، والكلمة الأخيرة لنصرة الله سبحانه وتعالى حتى وإن كانت بأحداث خارجة عن الطبيعة كليا ولا يتقبلها عقل.
“أنا ولا هي؟!” الجــزء الخامس والأخير
قالت لي زوجة عمي: “إنكِ شؤم علينا جميعنا، ومن يوم ما ذهبتِ للمقابر وأتيتِ وقد جلبتِ معكِ شيئا غامضا، شيئا لن يرتاح ولن يهدأ إلا بعدما ينهي حياتنا جميعا”.
ثم التفتت ونظرت إلى عمي مهددة إياه: “ألقي بها بعيدا عن المنزل في أي مكان لا يهمني، يا أنا بالمنزل يا إما هي، أعتقد أن كلامي واضح الآن”.
على الفور اتصل عمي بخالي الذي يسكن بالإسكندرية وطلب منه المجيء لأخذي، وبالتأكيد اشتكى حالي إليه ووضع كامل العيب علي دون المساس بزوجته ولا ابنته ولا نفسه حتى، تحدث معه خالي عن أموال والداي ولكن عمي أخبره بأن والدي ذهبت كامل ثروته للبنوك حيث أنه كان قد اقترض من البنوك أموالا طائلة وخسرها كلها في التجارة.
بالتأكيد كانت كذبة من ضمن كذبه وألاعيبه، فوالدي طوال حياته يتقي الله ويعلم مدى إثم الربا، ولم يقترض يوما، وعندما كان يقرض أحدا لا يقرضه إلا قرضا حسنا؛ طلب خالي من عمي أن يمهله مدة زمنية لا تقل عن الأسبوع حتى يتمكن من الاستعداد جيدا وأخذ إجازة لإحضاري للإسكندرية.
تضايقت زوجة عمي “نوال” وابنتها وحزنتا كثيرا على عدم مغادرتي فور طلبهما ذلك؛ وتشاء الأقدار أن يتصل ابن عمي “فارس” من الخارج ليبشرنا جميعنا بخبر عودته بعد انتهائه لدراسته بالخارج، طلب يدي للزواج من عمي، وكأنه أشعل بذلك الثقاب في كومة قش قد سكب عليها بنزين، لقد عانيت كثيرا من سب وإهانات وشتائم وضرب، ولكنني لا أستطيع أن أنسى موقف عمي، حيث شعرت وكأنه مرحب للغاية بالفكرة والموضوع.
لم أصدق أنه يمكنني الشعور بالفرح والسعادة من جديد، لقد عانيت طوال الأربعة سنوات التي غادر بها “فارس” من إذلال وتعذيب مهما أصف لن أستطيع الوصول لذلك؛ تحدث مع والده حيث أنه أول ما تطأ قدماه أرض البلاد سيكون له وظيفة بمكان مرموق ودخل ثابت متوافق للغاية مع الحياة التي يحلم بها مع ابنة عمه الراحل.
كادت زوجة عمي أن يجن جنونها، وبعد ثلاثة أيام من المعاناة الشديدة التي قضيتها بالمنزل جاء موعد استقباله بالمطار، توسلت إلى عمي ليأخذني معه للمطار، لقد كنت في غاية السعادة لأنني سأراه بعد طول انتظار، أحببته لأنه على الرغم لسفره لبلاد الجميلات إلا أنه أحبني وتعلق بي وثابر لأجل أن يجعلني زوجته.
وأثناء تواجدنا جميعا بالسيارة في طريقنا للمطار لاستقبال الابن البار الذي طال غيابه، في البداية نظر عمي في المرآة تجاهي وفجأة وجدته يصرخ، وحال زوجته التي تجلس بجواره من حاله، حتى ابنتهما “نهى” فتنظر بوجهي وتصرخ، أما أنا فأتساءل في حيرة ما الذي يحدث وما الشيء الغريب بوجهي الذي يجعلهم يصرخون بهذه الطريقة المفزعة؟!
وفجأة شعرت بيد نفس الفتاة تلمس على شعري وتهمس في أذني قائلة: “لا تحزني بعد الآن يا نوران، لقد كلفت لأرد لكِ حقكِ وأنصركِ، ولكن كل ما عليكِ فعله الآن هو أن تغمضي عينيكِ”، وضعت يديها على عيني وبالتالي أغمضتها وتعالت صرخاتهم جميعا، أصوات صرخاتهم يمكنني التخيل ما تفعله معهم فتاة المقابر والتي لا تظهر لهم إلا بوجهها المخيف الذي تقشعر منه الأبدان.
وفجأة سمعت صوتها عاليا تأمرني بأن أفتح باب السيارة وألقي بنفسي منه، تعجبت من الطلب الغريب وبالتأكيد لم أنوي فعله ولكن صوتها أصابني بالذعر الشديد لذلك دون تفكير فتحت الباب وألقيت بنفسي منه، تدحرجت مرارا وتكرارا على الطريق حتى اصطدمت بشجرة كبيرة.
وبالكاد استطعت فتح عيني لأرى أمامي سيارة عمي بكل من بداخلها تتدحرج وفي النهاية تنفجر وتشتعل بالنيران؛ فقدت وعيي ولم أدري من حينها بحالي إلا أنا.
هل تصدقيني أنني لم أفعل شيئا، وأن كل ذلك من أفعاله هي؟!
الفتاة الثانية: “بالتأكيد أصدقكِ يا نوران”.
نوران: “ولم كل هذه الثقة؟! إنكِ بالكاد تعرفينني الآن”.
الفتاة الثانية: “أنا أثق بكِ وأصدقكِ في كل حرف لأنني هي يا نوران”!
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص رعب سمر سالم بعنوان أنا ولا هي؟! الجزء الأول
قصص رعب سمر سالم بعنوان أنا ولا هي؟! الجزء الثاني
قصص رعب سمر سالم بعنوان أنا ولا هي؟! الجزء الثالث
قصص رعب سمر سالم بعنوان أنا ولا هي؟! الجزء الرابع
جميييل جدا