تعلمنا الحياة الكثير من العبر بقصصها التي لا تنتهي طوال الدهر، ودائما نخرج من كل قصة عبرة تتخلص في قول واحد “لعله خير”…
لعل كل الأحزان والأوجاع التي مررنا بها خيرا لنا.
لعل كل الابتلاءات التي تمررنا بها وصبرنا وجلدنا عليها خيرا لنا.
لعل خيانة أقرب الناس إلينا خيرا لنا.
بكل موقف بالحياة سواء كان عصيبا أو جميلا يكمن لنا الخير بداخله، ولكن كل ما علينا التمسك به وعدم تركه على الإطلاق كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلوات ربي وتسليماته عليه، وحينها لن ضرنا ولن يمسسنا أذى إلا بإذن الله وحينها أيضا سيكون كل الخير لنا.
دوما علينا تذكر هذه العبرة والحكمة اللا مثيل لها: لو فرج الله سبحانه وتعالى عن سيدنا يوسف عليه السلام ابتلائه في بدايته، لما آلت إلى سيدنا يوسف خزائن مصر؛ إذا كلما طال الابتلاء كلما عظم العطاء.
القصــــــــــــة
رويت هذه القصة على لسان أحد رؤساء المحاكم…
كنت وكيلا بالنيابة في أربعينيات القرن الماضي، لقد كنت وكيل النائب العام حينها عندما عرضت علي قضية، كانت حينها قضية عادية حالها من حال قضايا كثيرة بنفس وقتها، ولكن ما أدهشني أن نفس القضية عرضت علي بعد ثلاثين عام، كنت حينها قد أصبحت رئيسا للمحكمة.
بيوم جاء أخوان يريدان اقتسام أرض قليلة ليست بالكثيرة قد ورثاها من والدهما الراحل، كانت الأرض عبارة عن أربعة قراريط، ومن ثم قاما ببيعها، واقتسام أموالها والتي كانت أيضا بالقليلة جدا، لا تزيد عن بضعة عشرات من الجنيهات.
كان أحدهما يعمل موظفا بإحدى الوزارات، أما الآخر فقد كان تاجرا صغيرا، يعمل بالتجارة على قدر حاله، كانا من الطبقة الكادحة المحبة للعمل، ولكنهما لا يملكان من المال إلا ما يستر حالهما وراضيان بقسمة الله وقدره.
أشار الأخ الذي يعمل بالتجارة على أخيه أن يأخذ مال الأرض كاملا ويتاجر به، ويجعل من أخيه شريكا له، وافق أخوه على فكرته وأعطاه كامل المال بطيب نفس ورضا؛ كان الأخ يتاجر في الحديد الخردة، وقد كانت هذه الأحداث أيام الاستعمار الإنجليزي بمصر.
وبوقت قصير ازدهرت تجارته كثيرا، وربح أضعاف المال الذي بدأ به التجارة، وبدأت شهرته تزداد يوما تلو الآخر بالأسواق، والجميع يعرفه شخصيا ويتعامل معه.
وبيوم من الأيام بعدما اتسعت دائرة شهرته وتجارته ذهب لأخيه الموظف وأراد أن يفض الشراكة التي بينهما بأن يعيطه المال بنفس القيمة التي أخذها منه فور بيع أرض والدهما، بدون ذكر أسباب أراد أن يعيطه المال ويفض الشراكة بينهما وكل واحد منهما يذهب لحاله ولطريقه الذي رسمه لنفسه بالحياة.
حاوره أخوه الموظف بأنه قد بلغه من أمره (أخيه التاجر) كل شهرته بالأسواق وتجارته الرابحة، ولكن أخوه أصر على فض الشراكة بينهما، لذلك أيقن الأخ الموظف نية أخيه فأبى أن يأخذ منه ماله الذي أعطاه إياه باقتناع ونفس راضية ليبني نفسه واسما له بالسوق، وأخبره بأنه يمكنه فض الشراكة بينهما وأخذ المال أيضا، أما الأخ الموظف فاعتبر نفسه أنه لم يرث من والده من الأساس.
تداولت الأيام ومرت السنوات وأصبح الأخ التاجر من أصحاب الملايين، من أشهر رجال الأعمال بمصر يشار إليه بالبنان، كان لديه من الأبناء أربعة، كبروا وأصبحوا رجالا.
وكان والدهم التاجر مولعا بالتعليم، فجعل كل واحد من أبنائه الأربعة يسافر للخارج ليكمل دراسته؛ وبالفعل سافروا خارجا للبلاد الأجنبية وأكملوا تعليمهم الجامعي والدراسات العليا؛ وكانت العادة التي تسيطر عليه ولا يتمكن أحد من أبنائه اختراقها، هي تجمعهم جميعا مهما كلفهم الأمر ومهما بلغت بهم مشاغل الحياة بيوم عيد الأضحى.
كان الوالد يشعر براحة نفسية كبيرة أثناء تجمع أبنائه جميعهم من حوله أثناء ذبح الأضحية؛ وبمساء عيد كانوا جميعهم يجلسون يتناولون الطعام وإذا بسقف غرفة المائدة يسقط على رؤوسهم أثناء تناولهم الطعام، وكانوا حينها جميعا مسرورين سعداء، فجميعهم يلاقون ربهم، ويرث كل الأموال الطائلة والثروة الضخمة الأخ الموظف الذي ترك كل شيء فداء لله سبحانه وتعالى ولم يرد خسارة أخيه الوحيد ابتغاء مال حتى وإن كان من حقه.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصة السفينة من اجمل القصص المعبرة عن حسن الظن بالله سبحانه وتعالي
قصص وعبر عن الموت قصة معبرة عن حسن الخاتمة
قصص وعبر في الظلم قصة نهاية الظلم ودعوة الصياد المظلوم