قصة القرية الآمنة معبرة ومناسبة لجميع الاعمار بقلم : ياسمين عبد الرحمن
قصة القرية الآمنة قصة جديدة نقدمها لكم في هذا المقال من موقع قصص واقعية، قصة قصيرة معبرة ومفيدة مناسبة لجميع الاعمار ننقلها لكم بقلم :ياسمين عبد الرحمن وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : قصص قصيرة .
قصة القرية الآمنة
كان في قديم الزمان قرية تعيش رابضة على إحدى الروابي ، ويمتد أمامها سهل خصيب أخضر يجري فيه نهر غزير ، وكانت الجبال الشاهقة تحيط في هذه القرية من جميع الجهات وكان سكان هذه القرية يعيشون حياة هادئة مطمئنة يعملون في ارضهم الطيبة ، وينعمون بما أعطاهم الله من الثمار اليانعة والخضراوات اللذيذة ، وتميزت هذه القرية يترابط أهلها ، وحبهم لبعضهم ، وتوحدهم أمام أي خطر يهدد قريتهم ، فهم كالجسد الواحد لذا كانوا يشاركون بعضهم في المسرات والأفراح، ويشعرون بالأسى والحزن إذا أصاب أحدهم مكروه ، أما مواشيهم فكانوا يرسلونها مع بعض الرعاة الذين رغبوا في مهنة الرعي وفضلوها على الفلاحة والزراعة .
وعند غروب شمس أحد الأيام كان الراعي – خليل عائدا مع غنمه يمتع عينيه بحمرة الغروب وأذنيه بزقزقة العصافير العائدة الى أعشاشها شاكرة ربها على ما رزقها من النعم ، وكانت نسمات باردة تهب بين الحين والآخر تنذر بقرب نزول المطر ، وأثناء عودة خليل الى القرية تحيط به الأغنام وقد ارتفع غناؤها إذ بأذانها تنتصب ، وإذ بالكبش الذي يتقدم الأغنام يرجع وما حوله من الأغنام بحركات جافلة طائشة ، وأخذ يرتفع صوت استغاثة من إحدى الغنمات فيسرع خليل شاهرا عصاه القوية وإذ به يرى الغنمة وقد خارت قواها وهي بين أنياب ومخالب أسد مفترس فيهجم عليه بالعصا دون خوف أو رهبة ولكن الاسد يترك الغنمة ويهجم على خليل ويبدأ الصراع بينهما ولم يلبث الأسد حتى أنشب مخالبه في عنق خليل وعضه من كتفه ولم يتركه الا بعد أن فارق الحياة وأتي على الغنم فقتل بعضها ونهش بعضها وتفرقت الأغنام في كل صوب وقد ضل الكثير منها الطريق .
قلق أهل القرية علي خليل وعلي الاغنام فليس من عادة خليل أن يتأخر ولذا تجمعوا علي مشارف القرية بتقربون وإذا بأعداد نشيطة من الخراف تأتي وقد ارتفع صوتها ونداؤها .. وينتشر الخبر في القرية إن الراعي – خليل لم بعد وقد عادت بعض أغنامه .. ويسرع القوم في البحث عنه حاملين المشاعل والمصابيح المضيئة .. وهم ينادون .. خليل …. ياخليل وإذ بهم يرون فجأة خليلا سابحا بدمائه راقدا على الأرض دون حراك فحملوه على دابة وأتوا به الى القرية بلف وجوههم حزن وكأبه ، ودفنوه في الليل على اضواء القناديل .
وعاشت القرية أياما من الحزن على الراعي المخلص الشجاع .. وكان الخوف يملأ قلوب النساء والأطفال من هذا الأسد الذي غزا قريتهم وحول اطمئنانهم إلى اضطراب .. وكان الكثير من الرجال يعودون عصرا من مزارعهم خوفا من أن يصيبهم ما أصاب الراعي – خليل واقترح بعضهم أنه لا بد من التربص لهذا الأسد وقتله وكان رأيهم أن يأخذوا السيوف والخناجر والعصى القوية وان يسيروا جماعات حتى يعثروا على الأسد ويقتلوه .. وعرض أحدهم ان يستشيروا حكيم القرية ويعرضوا عليه خطتهم .. وفعلا ذهبوا إليه . فاستمع إلى كلامهم ثم هز راسه ونظر بعينين ذكيتين قائلا – إن خطتكم هذه تعتمد على قوة العضلات .. وأنتم تعلمون أن عضلات الأسد أقوى من عضلاتكم .. وأنه لا بد أن يقتل أو يجرح الكثير منكم ولا بد أن تعرضوا أنفسكم إلى الكثير من المتاعب والمشاق .. لم لا تعملون عقولكم التي ميزكم الله بها على هذا الأسد .. فارتفعت أصواتهم .
. وهل عندك أيها الحكيم خطة غير هذه الخطة ؟ – أرى أن تحددوا المنطقة التي يأوي اليها الأسد ثم أرى أن تحفروا بئرا عميقة وضيقة وأن تسقفوا فتحته بأغصان ضعيفة ثم تفرشوا فوقها التراب والأعشاب ثم تضعوا خروفا صغيرا مذبوحا .. ولا بد أن يأتي الأسد ليأكل الخروف فيسقط في الحفرة . وفرح القوم لهذه الخطة المحكمة وراحوا يتحسسون أخبار الأسد ويسمعون زئيره حتى أجمعوا أنه يعيش في غابة كثيفة الأشجار على سفح الجبل وبدؤوا ينفذون كل ما قاله الحكيم ، ولما انتهوا رجعوا إلى بيوتهم يعلو وجوههم الفرح والاستبشار .
ناموا تلك الليلة وهم يحلمون بانتصارهم على عدوهم وفي الصباح الباكر أسرعوا جماعات ووحدانا فسمعوا صوت زئير ضعيف وكم كانت فرحتهم عندما نظروا فوجدوا الأسد الهائل المخيف في قاع الحفرة يقفز .. ويزأر .. وينظر اليهم بعينين حمراوين يتطاير منهما الشرر.. فأسرعوا الى حجر كبير وألقوه على رأسه فخر صريعا ثم تعاونوا على إخراجه وحملوه على الدابة التي حملوا عليها الراعي واخذوا يطوفون به في أحياء القرية وهم يرددون الأناشيد التي يمدحون فيها حكيم قريتهم الذكي وعادت القرية تعيش حياة هادئة سعيدة بعد أن خلصها الله من هذا العدو الذي عكر عليها هناءتها ولم تنس الراعي خليل فهي تحمل له الوفاء والاعجاب وتدعو له دائما بالرحمة .