محمد على باشا ومصر الحديثة
نقدم لكم في هذه القصة من موقع قصص واقعية قصة بعنوان محمد على باشا ومصر الحديثة، حيث نسرد فيها جزءا من حياة الوالى محمد على وحكمه لمصر وضمه للعديد من البلاد حولها
محمد على باشا
ولد محمد علي في مدينة قولة الموجودة على الساحل في شمال اليونان عام 1769م، وأبوه إبراهيم آغا كان رئيس الحرس في المدينة، وأنجب 17 ولد ماتوا جميعا ماعدا محمد، ولقد توفي إبراهيم ومحمد صغير في السن، وتوفيت أمه أيضا وهو في عمر 14 عاما، فتولى رعايته عمه طوسون الذي توفي أيضا بعد فترة وجيزة، وكفله صديق والده المقرب الشوربجي الذي ألحقه في الجيش كجندي، فنجح محمد علي كجندي لما أبداه من شجاعة وحسن اتخاذ القرار، فلفت هذا أنظار الحاكم، فزوجه من أمينة هانم التي كانت امرأة غنية جميلة، وأنجب محمد علي منها أولاده إبراهيم وطوسون وإسماعيل وبنتين، وعين نائب للكتيبة الألبانية التي أرسلتها الدولة العثمانية إلى مصر لكي تعيد مصر لحظيرة الدولة العثمانية بعد تحريرها من يد الفرنسين الذين استولوا عليها، وكان عدد الجنود في الكتيبة 300 جندي، ولكن رئيس الكتيبة تخلى عن رئاستها فعين محمد علي خلفا له، وإستقر في البحيرة وترقى في المناصب، وتمكن محمد علي من التخلص من كل خصومه حتى وصل للحكم بمساعدة عمر مكرم.
أختار المصريون محمد علي ليكون واليا عليهم في 17 مايو 1805، بعد أن نجح محمد علي في القضاء على المماليك في مذبحة القلعة، حيث كان المماليك مصدر فوضى وتفكك لمصر في ذلك الوقت، ونجح محمد علي في القضاء على الإنجليز في معركة رشيد، وبدأ محمد علي في تكوين جيش قوي لمصر، حيث أنشأ مدرسة حربية في مدينة أسوان، أشرف عليها خبراء فرنسين تركوا فرنسا بعد هزيمة نابليون من قبل روسيا.
وضم محمد علي الحجاز ونجد في عام 1818م بعد أن تمكن من أضعاف قوة الحجازين والنجدين، وحارب السودانين عام 1820م وقضى على من بقي من المماليك في النوبة، وساعد سلطان العثمانين في القضاء على الثورة التي قامت في اليونان في حرب عرفت باسم حرب المورة، لكن الدول الأوروبية وقفت بجانب الثورة في اليونان، مما أدى لتحطم الأسطول البحري المصري، فقرر محمد علي عقد إتفاقية لتلافي المزيد من الخسائر، فغضب السلطان العثماني من هذا، مما أضطر محمد علي أن يرجع في قراره ويدخل الحرب طمعا منه في الحصول على بلاد الشام ليضمها لدولته، لكن السلطان أعطاه جزيرة كريت التي كانت بعيده عن نطاق ولايته وأهلها ثائرين دائما، فقرر محمد علي أعطاء المال الكثير للسلطان لكي يحصل على بلاد الشام، لكن السلطان رفض ذلك خوفا من توسع هيمنة محمد علي في البلاد.
وفي هذه الأثناء هرب الكثير من الفلاحين المصريين من الضرائب التي فرضها عليهم محمد علي، فطلب محمد علي من والي عكا إعادة هولاء الفلاحين لمصر، لكن والي عكا رفض، وقال أنهم تحت حماية الدولة العثمانية، فهاجم محمد علي عكا وانتصر فيها عام 1833، وكاد أن يضم الأستانة لدولته لكن كلا من بريطانيا وفرنسا وروسيا وقفوا بجانب الدولة العثمانية وحاكمها، وبقيت سوريا وتكريت في حدود دولة محمد علي، وفي م1839 أجبر محمد علي التوقف عن محاربة السلطان العثماني من خلال مؤتمر لندن 1840م، بعد تحطم الأسطول البحري في نفارين، وأمروه بأن يكون الجيش يضم عددا معينا من الجنود، كما أعطوه حكم مصر فقط له ولأولاده من بعده.
بعد مرور 8 سنوات على مؤتمر لندن أصيب محمد علي بمرض الخرف، ويقول البعض أنه أصيب بالجنون نتيجة لهزيمته من قبل الدولة العثمانية، ومات في شهر أغسطس 1849 وتم دفنه بجامعه الموجود بالقلعة في مدينة القاهرة، مات محمد علي بعد حياة حافلة من الإنجازات الاقتصادية والعسكرية، وفي مجال التعليم وكفل لأبناء مصر التعليم وأنشأ مدارس المهندسخانة والطب، وزع 5 فدان لكل فلاح مصري وبهذا قام بأكبر اصلاح شهدته الزراعة المصرية، فلقد زاد الرقعة الزراعية في مصر بسبب قراراته السليمة، أهتم بنهر النيل وحفر القنوات، قسم مصر لمديريات، أمر بزراعة القطن في مصر ليصبح القطن المصري أحسن أنواع القطن في العالم، أهتم بالبعثات الخارجية والترجمة، أحضر المطابع في مصر التي أصدرت جردية الوقائع المصرية والأهرام، أنشأ المشافي وردم الترع والمستنقعات، مما قلل من انتشار الأمراض المعدية، غيرها الكثير والكثير من الإنجازات العظيمة التي تؤكد بأن محمد علي كان بحق عقلية فذة لا مثيل لها.