قصة قبل أن تغرق السفينة قصة جميلة بقلم الكاتب : يحيي بشير حاج يحيي
قصة قبل أن تغرق السفينة قصة رائعة ومسلية ننقلها لكم في هذا المقال من موقع قصص واقعية ونتمني ان تنال إعجابكم، قصة جميلة بقلم الكاتب : يحيي بشير حاج يحيي استمتعوا بالتعرف علي احداث القصة وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : قصص وعبر .
قصة قبل أن تغرق السفينة
قال ماجد لجده: وعدتنا – ياجدي – يوم أمس أن تقص علينا قصة السفينة قال الجد: وأنا عند وعدي – يا أبنائي انتبه ماجد وإخوته، وخيم الصمت على الجميع، وركزوا أبصارهم في وجه الجد العجوز، الذي انطلق قائلا: عندما وقفت السفينة التي كانت تنتقل من الشاطئ الغربي إلى الشاطئ الشرقي في أحد الموانئ، طلب ثلاثة من الرجال الذين بدا عليهم الجوع والتعب، طلبوا من قائد السفينة أن يحملهم معه، لأنهم انقطعوا في هذه الديار، ولم يعد معهم نفقة وقد تأخروا في العودة إلى أهلهم.
كان قائد السفينة ذا خبرة واسعة في البحر، وفي الرجال الذين يعملون فیه، وکان بخشی من اللصوص، و حین تاکد من صدقهم أحس بالشفقة عليهم، واشترط أن يكونوا في أسفل السفينة، لأن جمیع الاماکن علی ظهرها محجوزة من قبل، وفيها كثير من الأسر، وبعض هؤلاء مرضى لا يستطيعون الصعود والهبوط ، وافق الرجال الثلاثة على ال شروط القائد ومضت الخط الذي تسير عليه فى كل مرة، ولكنهم بعد أن شبعوا وارتاحوا بدؤوا يتذكرون أهليهم وأولادهم، ويتمنون أن تصل السفينة قبل موعدها ؟! قال أصغرهم؛ لماذا لا نكلم قائد السفينة ليسرع ؟ قال الآخران: من يكلمه؟ قال: أنا، وأنتما تكونان معي.
مربهم القائد، وسألهم عن أحوالهم، فقال أصغرهم: أيها القائد: أنت رجل كريم، ونحن مشتاقون الى أهلنا، فلماذا لا تسرع بنا أكثر؟؟ قال قائد السفينة: هداكم الله – إننا نسير ضمن خطة معينة، وسرعة محددة، وإن للبحر مفاجآت انتم لا تعرفونها ؟! قال أوسطهم : اذا کنت لا توافق علی زیادة السرعة، فلعلك تختصر الطريق ابتسم القائد ، وقال : فی البحر کما في البر طرق محددة تسير فيها السفن، وقد اعتادت عليها لتضمن لنفسها ولركابها السلامة.
تركهم القائد، وذهب إلى بعض شآنها، فقال اکبر هم: لیس لدینا مالا ندفـعـه له لکي یسرع آو يختصر الطريق وهذا الصنف من الرجال عنيد، لا تنفع معه إلا القوة والتهديد قال أوسطهم : ويحك اخفض صوتك أهذا هو جزاء من أحسن إلينا؟! ثم لو فعلنا ما تفكرون به، فنحن ثلاثة لا نملك إلا ملابسنا، وهم كثيرين لديهم السلاح والقوة.. إصرف هذا الخاطر الشیطانی عن ذهنك .
وبات الثلاثة ليلتهم تلك، وهم مهمومون قلقون، وفي الصباح صعد أصغرهم الى ظهر السفينة ليأتي ببعض الماء، وکان الوعاء ثقيلاً وحين رجع ابدي تضجراً وطلب من صاحبيه ان يوكلا له عملاً آخرا، فقال له : انت اصغرنا واقدرنا علي ما تقوم به، صمت وهو يحس بالتعب والحزن وقال في نفسه لأفعلن غداً امراً اريح به نفسي من التعب وأوفر الماء اللازم، دون ان اصعد علي ظهر السفينة ، وفي صباح اليوم التالي استيقظ قبلهما وامسك بمطرقة وإزميل له رأس رقيع وراح ينقر جسم السفينة نقراً خفيفاً ليثقب ثقباً صغيراً يدخل الماء منه .
انتبه صديقاه مذعورين وامسك أحدهما بالمطرقة، والأخر بالإزميل، وصاحا بصوت واحد: ماذا تفعل أيها الأحمق 154 تراخت يداه، ونظر إليهما بهدوء وقال: بل أنتما الأحمقان ! إنني سأحصل الكما على الماء تنتفع به ولا نضر غيرنا، فأنا كلما صعدت إلى ظهر السفينة أحس بالتعب ويزعجني بعض ركابها بنظراتهم وكلماتهم الهازئة وأنتما لم تعانيا ما أعاني كل يوم، وأنا منذ الآن لن أصعد إلا مرة واحدة كل ثلاثة أيام، وسيكون الكل واحد منكما يوم يجلب فيه الماء.. أو تتركاني أفعل ما أريد .. قال أحدهما للآخر: لنتركه يفعل ما يريد، وإلا فسنضطر للصعود ، ثم قال له: امض في عملك، واجعل الثقب صغيرة.
كان قائد السفينة يتفقد أعمال رجاله، ليتأكد بنفسه من أن كل شيء على أحسن وجه، وعندما اقترب من السلم الذي يؤدي إلى الأسفل، سمع صوت مطرقة يتوالي بانتظام فنزل مسرعاً ليري المشهد الخفي فانقض كأنه النسر وامسك بالمطرقة وصاح : ويحك ماذا تفعل ؟ انك تعرضنا جميعاً للموت والغرق ؟! توقف اصغرهم مندهشاً ونظر الآخران في استغراب وقالا : ولكنه لا يقعل شيئاً يؤذي الآخرين ايها القائد، إنك ومنذ ان ركبنا معك لا توافقنا علي شئ فليتنا كنا نملك مالاً ندفعه لك لنصبح كالآخرين .
نظر القائد الي مكان الثقب وحمد لله أنه لم يفتح بعد فأحس وكأن صخرة انزاحت عن صدره وقال بصوت منخفض : غفر الله لكم، لقد كدتم تقودوننا جميعاً الي الهلاك، قالوا : كيف ؟ قال : لو انني تركت صاحبكم يفعل كما تركتموه لثقب جسم السفينة، قال احدهم : وماذا يضر هذا الثقب وهو سيكون صغيراً ؟ قال الآخر : الهذا الحد تخاف من ثقب صغير في سفينتك ؟ قال القائد : نعم لأن هذا الثقب سيكبر ويكبر، وسيتدفق الماء منه شيئاً فشيئاً حتي يغمر اسفل السفينة ولن نكون عند ذلك قادرين علي فعل شئ ننقذ به انفسنا ومن معنا لأن حمولة السفينة ستصبح اكبر من قدرتها، وعند ذلك تحدث المأساة وتهوي بنا الي قعر البحر .
انتبه الثلاثة جيدا إلى كلام القائد، واعتذروا عما بدر منهم ورجوه أن يقبل اعتذارهم ومضت السفينة بأمان… قال الجد، في حياتنا.. يا أبنائي.. كثيرون يثقبون الثقوب في سفينة المجتمع ؟! وكل عمل فيه ضرر، وفيه شر، وفيه منكر هو ذلك الثقب. فإذا انتبه الناس إلى ما يفعل هؤلاء نجوا جميعا، وإذا تركوهم غرقوا كلهم، وحلت المصيبة بالجميع