نبي الله “شعيب” عليه السلام هو من الأنبياء العرب كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اشتهر بالفصاحة والبلاغة وطلاقة اللسان، فأرسله الله سبحانه وتعالى لقومه أهل مدين فدعاهم للتوحيد والإيمان بالله.
أهل مدين ونبي الله شعيب عليه السلام
في قديم الزمان كان هناك قوما اشتهروا ببهتانهم وإفكهم العظيم، كانوا يسلبون الناس أشيائهم ولا يعدلون في الكيل، كانوا إذا اشتروا شيئا زادوه عن حقهم على خلاف بيعهم للناس فإنهم كانوا ينتقصون الميزان ولا يوفون الناس حقوقهم، كانوا قوم يسمون “أهل مدين”.
كانوا يعبدون آلهة ابتدعوها لا يعرفون للرحمة سبيل فكانوا دائمون الإغارة على المسافرون بالطريق فيسلبونهم كل ما يحملون من أموال ومتاع وكل شيء، فأرسل الله سبحانه وتعالى إليهم “شعيب” ليأمرهم بالمعروف وينهاهم عن كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى، دعاهم لطاعة الله واجتناب معاصيه، حثهم على فعل الخيرات وأن يتوقفوا عن أذية غيرهم كما أن يوفوا للناس الكيل ولا يبخسون الميزان، وأن يعدلوا فيما بينهم.
ذهب إليه شعيب ناصحا: “يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم من عذاب يوم عظيم، وما أريد منكم إلا أن توفوا الناس الميزان ولا تبخسوهم شيئا، ولا تعثوا في الأرض الفساد”.
ردوا عليه: “يا شعيب الصلاة التي تؤديها تأمرك بأن نتخلى عن آلهتنا وآلهة آبائنا وأجدادنا ولا نفعل بأموالنا ما نريد؟!”
قال شعيب: “إنني لا أريد لكم إلا الإصلاح ما استطعت، والله سبحانه وتعالى لا يرضى عنكم الظلم والجور، ولا يرضى عما تفعلون، فلا تأكلوا الناس أموالهم بالباطل وآمنوا واهتدوا أليس منكم رجل رشيد، يفهم ما أقوله وأريد أن أوصله لكم؟!
قالوا: “يا شعيب نحن لا نفهم ما تقول ولا نريد أن نفهم، وما أنت إلا رجل ضعيف ولولا أقاربك لقتلناك وما تعز علينا في شيء”.
قال: “أأقاربي أعز عليكم من الله الذي أرسلني لأدعوكم لطريقه المستقيم، الله هو القادر على إهلاككم جميعا كما هلك الأقوام من قبلكم فاتقون”.
قالوا: “يا شعيب افعل ما يحلو لك فنحن لسنا بسامعين لما تقوله، وإن كنت صادقا فاءتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين”.
وذهب شعيب لأصحاب الأيكة ليدعوه لعبادة الله وحده لا شريك له: “يا قوم إني لكم رسول أمين، أوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، واتقوا الله الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم ترحمون”.
قالوا: “ما أنت إلا من المسحرين، وما أنت يا شعيب إلا بشر مثلنا، وإنا نظن أنك كاذبا”.
ومنهم من استكبر على نبي الله “شعيب” وعلى دعوته وقالوا: “تريدنا أن نؤمن بك فاجعل قطعا تتساقط علينا من السماء حينها نوقن أنك رسول من عند الله فنؤمن بك”.
وكان منهم من آمن به وبما دعا به، عاد معهم سيدنا “شعيب” لمدين من جديد ليدعوهم وربما يفلح معهم هذه المرة، ولكنه وجدهم قد ازدادوا استكبارا وعلوا وعنادا فشرعوا في تعذيب كل من آمن معه، فكانوا يترصدون بالطرقات لكل من يعلمون أنه ذاهب لشعيب ليؤمن به، فيعذبوهم ويأخذوا كل ما معهم من أموال وغيرها، فذهب سيدنا شعيب إليهم وقال: “يا قوم لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها، ولا تقعدوا بالطرقات تخوفون الناس وتصدونهم عن دين الله، وخافوا من عذاب الله ليقع عليكم كما وقع على الأقوام السابقين من قبلكم، قوم نوح وقوم هود وقوم صالح، وقوم لوط وما هم منكم ببعيد”.
فقالوا: “يا شعيب إما أن نخرجك من ديارنا وديار آبائنا وأجدادنا أنت وكل من آمن معك، وإما أن تعودوا جميعا لملتنا وملة آبائنا وأجدادنا”.
فقال شعيب: “والله لن نعود لملتكم أبدا بعد أن نجانا الله وأنار طريقنا، وقد توكلنا على الله، والله يحكم بيننا وهو خير الحاكمين”.
وعندما كذب أهل مدين نبي الله “شعيب” عليه السلام واستهزأوا به كان لابد لهم من أن يذوقوا عذاب الله، فانتصر الله سبحانه وتعالى لنبيه “شعيب” وكل أتباعه الذين آمنوا معه، وكان العذاب الذي وقع على أهل مدين أرسل الله عليهم حرا شديدا لا يحتمل واستمر في عذابهم لمدة سبعة أيام، ومن بعدها جاءهم عذاب يوم الظلة فأخذهم وقد كان عذابا عظيما كما وصفه عز وجل في كتابه الكريم.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص الأطفال يحيى الفخراني حوت يونس عليه السلام الجزء الأول
قصص أطفال في القرآن قصة لقمان الحكيم
قصص الأنبياء سيدنا موسى والخضر بشكل مبسط للأطفال