لقد شمل القرءان الكريم وألم بجميع قصص الأنبياء للاعتبار والموعظة، ولم يترك رب العباد سبيلاً للنصح والرشاد إلا وقد فعله بدايةً من تحذير خلقه من عدوهم المبين إذ قال من صدق قوله”إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ”؛ ولكن الإنسان عدوٌ لنفسه مبين، يتبع خطوات الشيطان ويضل عن سبيل خالقه، ومن ضمن آيات الله في خلقه قصة سيدنا “لوط” عليه السلام وقومه”آل ثدوم” وما حل بهم من عذاب الله المهين جزاءاً لمل قدمت أيديهم.
قوم سيدنا “لوط” عليه السلام:
لقد خص الله عبده لوط بن هاران بن تارح بن آزر (ابن أخ خليل الله”سيدنا إبراهيم” عليه السلام) بدعوة قوم”ثدوم” إلى عبادته وحده لا شريك له دوناً عن سواه، لقد كان قوم سيدنا”لوط” أهل فسقٍ وفجور، قوماً يفعلون الفواحش ما ظهر منها وما بطن، لقد تجرؤا على أفعالٍ ما سبقهم بها من أحدٍ من العالمين، لقد كانوا يأتون الرجال شهوةً دون النساء، نعم لقد بدلوا نعمة الله كفراً، فقد خلق الله كونه وأحسن تنظيمه، لقد خلق سبحانه وتعالى كل شئٍ بقدر، فمن هذا الإنسان الذي يغير في سنةٍ قد سنها الله وارتضاها لعباده ويتكبر ويعاند، فيا له من إنسان ضعيفٍ وخاسرٍ؟!
دعوة سيدنا”لوط” عليه السلام لقومه:
لم يمل سيدنا “لوط” من دعوة قومه الآثمين الفجار من طويت قلوبهم بسكرة الشهوة واللذة، فلقد كان يدعوهم نبي الله ليلاً ونهاراً قائلاً” إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166)”؛ فما كان جواب قومه إلا أن “قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167)”فماذا كان عذاب القوم الظالمين؟!
آية الله في قوم سيدنا “لوط” عليه السلام:
فلما استكبر قومه وسعوا في الأرض فساداً جاء أمر الله؛ في يومٍ من الأيام أرسل الله جنداً من السماء إلى نبيه “لوطاً” عليه السلام لتنفيذ أمره، فحضروا على هيئة بشرٍ حسان، ونزلوا بسيدنا “لوط” ليضيفهم ولكن سيدنا لوط خاف من قومه أن يخزوه بأفعالهم الشنيعة، وتحققت بالفعل مخاوف نبي الله، إذ أتوا إلى نبي الله يستنكرون عليه فعلته بعدم إخبارهم بأن لديه ضيوفٌ حسان؛ ” وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ (80)”؛ فاستجاب الله لدعاء نبيه وكانت المفاجئة له من قِبل ضيوفه؛إذ ” قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81)”، ولما جاء الصبح تساقطت حجارةً مسومةً على القوم الظالمين من عند رب العالمين بحيث كل حجرٍ يحمل اسم صاحبه؛ ليجعل الله فيهم آيةً للذين لا يخافون من عذاب الله المهين.