إن لقصص جن توبي قيمز كثيرا من المعجبين والعشاق، وبشكل عام كثير منا يفضل قصص الجن لما لها من أثر على النفس البشرية بما تحمله من الخوف والرعب والإثارة والتشويق؛ وحقيقة فإن قصص الجن مليئة بالأحداث الممتعة ولكنها مخيفة على حد سواء، فعلى أصحاب القلوب الضعيفة تجنبها فالبعد عنها عادة ما يكون غنيمة.
قصة ما خلف أسوار مقبرة مهجورة:
كانت “ريتال” فتاة من المملكة العربية السعودية، تعيش بإحدى القرى القريبة من مدينة الرياض، وبعدما اجتازت عامها الدراسي بكل تفوق كما خططت له مسبقا، ذهبت مع عائلتها للاستمتاع بكل لحظة بإجازة نهاية العام إلى أرياف أمريكا، حيث الهدوء التام بعيدا عن الازدحام والناس؛ فقاموا بتأجير منزل ريفي قديم يبعد عن أسوار مقبرة قديمة بما يقارب عشرة أمتار، والذي قام مالك المنزل المستأجر بتحذيرهم جميعا من الاقتراب من تلك الأسوار سواء كان ليلا أم نهارا.
فضول الفتاة:
ولكن “ريتال” شعرت بالفضول الشديد حيال تلك الأسوار مما دفعها للخروج متسللة ليلا بخطىً هادئة لاستكشاف ما بها، وعندما وصلت “ريتال” قررت النظر من بعيد لمشاهدة ما تستطع مشاهدته لتطمئن نفسها وتكف عن فضولها، وإذا بها تسمع صرخات استغاثة من بعيد مما جعلها تتسلق الأسوار لتنقذ صاحب الصرخات المتعالية، وعندما اقتربت من مصدر الصوت وجدته طفلا صغيرا، فسألته بصوت خافت: “ما الذي قدم بك إلى هنا وفي مثل هذا الوقت المتأخر؟!”، فأجابها: “إنني ضائع، هل أستطيع القدوم معكِ؟”، فقالت ريتال: “ولم لا يمكنك المجيء معي”؛ فأسرع وتسلق الأسوار بسرعة فائقة اندهشت منها “ريتال” ولكنها لم تلقِ لها بالا، وطوال الطريق كانت تتحدث مع الطفل الصغير ويجيبها ولكنه لم ينظر إليها أبدا ويضع عينيه في عينيها فحسبت ذلك بدافع التأدب والحرج منها.
شعور بالخوف:
وعندما وصلا المنزل تسللا حتى وصلا إلى غرفة الفتاة، فقامت “ريتال” بتدبر مكان لنوم الطفل بحجرتها وناما نوما عميقا، وفي صباح اليوم التالي استيقظت “ريتال” على صوت أمها وهي تناديها لتناول طعام الإفطار، ولكنها أسرعت لإيقاظ الطفل الصغير ولكنها لم تجده، ولم تجد أثرا له؛ فسألت نفسها متعجبة: “وكيف له أن يخرج وباب الحجرة موصد وليس بها نافذة؟!”، وعندما فتحت الباب وجدت آثار دم لأقدام بشرية تملأ الطرقات بكل المنزل، فازدادت قلقا ناحية الطفل الصغير حيث عللت وجود آثار الدماء الأشخاص الذين كان يخافهم ليلة أمس، فتجاهلت نداء أمها وذهبت متبعة آثار الدماء التي قادتها إلى المقبرة من جديد، وتحديدا إلى نفس المكان الذي وجدت به الطفل أمسا.
صدمة يعقبها ندم لا يفيد:
فأخذت تنادي على الطفل لتطمئن عليه فأتاها بسرعة أيقنت حينها أنه ليس ببشري، فسألها: ما الذي أتى بكِ هنا؟!”، فأجابته: “جئت لأطمئن عليك، لقد غادرت دون أن تعلمني مما جعلني قلقة عليك كثيرا”، فحذرها أن تغادر هذا المكان على الفور وألا تقدم إليه ثانية وإلا فإنها ستكون بالمرة القادمة من ضمن تعداد الموتى؛ ولكن فضولها الدائم أوحى إليها بأن تطلب منه أنها تريد رؤية عينيه، ولماذا دائما يخبئهما؛ فأخذ يرفع عينيه تدريجيا حتى رأتهما “ريتال” فصرخت صرخة عالية متواصلة وأصابتها صدمة وقعت إثرها طريحة بالأرض، إذ أن عينيه كلها سوداء تخلو من المنطقة البيضاء كحال جنس البشر، وعندما أفاقت وجدت نفسها ملقاة بجوار جثة هامدة مغطاة، ووجدت الطفل بجوارها فأعلمها بأنه ليس من جنس البشر مثلها، وأنه من عالم الجن وبتلبية طلبها “رؤية عينيه” أصبحت خادمة له وكل ما عليها فعله هو الطاعة والانصياع لكافة أوامره وإلا سيصبح حالها كحال الجثة الهامدة التي بجوارها الملقاة على الأرض، ولكن “ريتال” بكل ثقة رفضت فأعلمها أن تكشف الغطاء عن تلك الجثة، فكانت الصدمة القاتلة إذ أن الجثة هي لريتال نفسها؛ وأن الصرخات التي كانت بمنزلها هي صرخات والدتها وأهلها عليها، حيث أنها قتلت بالوقت الذي خرجت فيه من المنزل إلى تلك الأسوار، وأن الطفل الصغير ما هو إلا شبح المقبرة، فندمت على عدم إتباع كلام مالك المنزل وأن فضولها أودى بحياتها.