إن قراءة قصة سواء كانت قصيرة أو حتى طويلة تساعدك على الخروج من حياتك الخاصة والذهاب إلى حياة أشخاص آخرين والغوص بداخلها، واقتباسا من كلام العقاد رحمه الله “أنا أقرأ لأن حياة واحدة لا تكفيني”.
إن قراءة القصص القصيرة تعطيك ملايين الفرص للاستفادة من تجارب الآخرين وأخذ أجمل ما فيها وتجنب أخطائهم، وذلك يتمكن المرء منا اجتياز حياة الآلاف بمجرد قراءة قصصهم.
القراءة غذاء العقل، ولا يمكننا أن نحيا أسوياء إلا بمتعة القراءة وتغذية عقولنا والسمو بها لأرقى المراتب.
القصــــة الأولى:
ذكرت قصة سيدنا سليمان ونملة غير تلك النملة التي ذكرها قصتها الله سبحانه وتعالى بسورة النمل، والله وحده أعلى وأعلم بصدق هذه القصة التي سنذكرها ولكن العبرة التي بها آه لو علمها ابن آدم وعمل بها لارتاح حينها وأراح…
بيوم من الأيام كن سيدنا سليمان عليه السلام يجلس بالقرب من شاطئ بحر، وإذا به يرى نملة تحمل في فمها حبة قمح وتذهب بها متوجهة في اتجاه البحر، تتبعها سيدنا سليمان وهو متعجب من أمرها فالنمل كما جرت عليه العادة يخشى ويهاب المياه الضحلة وأقل القليل منها، وهذه نملة تتوجه نحو بحر بأكمله؟!
وعندما بلغت المياه إذا بضفدعة تخرج من المياه وتفتح بفمها، وإذا بالنملة تدخل بفم هذه الضفدعة، فأغلقت الضفدعة فمها وبداخله النملة وغاصت في المياه، مكث سيدنا سليمان عليه السلام كثير من الوقت يتفكر في أمر النملة ويتعجب فما الذي يجعلها تذهب لهلاكها بنفسها؟!
وإذا بالضفدعة تخرج من المياه وتفتح فمها للمرة الثانية فتخرج النملة من داخله بدون حبة القمح التي كانت تحملها، دعا سيدنا سليمان عليه السلام النملة وسألها عن حالها وشأنها وأين كانت وما الذي فعلته؟!
فقالت النملة: “يا نبي الله سليمان إن في قعر البحر الذي تراه أمامك صخرة مجوفة، وفي تجويفها دودة عمياء، وقد خلقها الله سبحانه وتعالى هناك فلا تقدر على الخروج من جوف الصخرة فتطلب رزقها، وقد وكلني الله سبحانه وتعالى بأن أحمل لها رزقها، وسخر هذه الضفدعة لتحملني برزقها إليها في جوف البحر، وتوصلني للصخرة التي بها الدودة العمياء وأنا بداخل فمها فلا تضرني المياه، وبمجرد وصول الضفدعة بي لفتحة الثقب الذي بالصخرة فتحت فمها، فأدخل منها وبمجرد أن أوصل الطعام أخرج لفم الضفدعة من جديد فتخرجني لليابسة ولحياتي مرة أخرى”.
فسألها نبي الله سليمان عليه السلام: أخبريني وهل للدودة العمياء تسبيح؟”
فقالت النملة: “نعم فهي تقول دائما يا من لا تنساني في جوف هذه الصخرة تحت هذه اللجة برزقك، لا تنس عبادك المؤمنين برحمتك”.
العبرة والحكمة من القصة:
لا يجب على الإنسان أن يكون قلقا بخصوص الرزق، فرزقه مكتوب والله سبحانه وتعالى تكفل بذلك ووعده بذلك أيضا، فكل ما علينا فعله ألا نتكاسل ونسعى في طلب رزقنا، وألا نتذمر عند تأخر الرزق علينا فالله سبحانه وتعالى هو خالقنا والوحيد الأعلم بمصلحتنا وبما هو خير لنا.
الله سبحانه وتعالى تكفل برزق دودة عمياء داخل جوف صخرة صماء في مياه بحر ظلماء، فكيف أن ينسانا نحن بني آدم وقد كرمنا على جميع خلقه؟!
القصـــــة الثانيــــــة:
قصتنا الثانية بأجمل العبرات والعظات تحمل في طياتها أجمل الأعمال التي تقربك من الله سبحانه وتعالى تبدأ في طائرة معلقة بالسماء، ولكن صاحب القصة قلبه معلق بالله وحده سبحانه وتعالى.
في إحدى رحلات طيرانه كان عائدا، وكانت تجلس بجانبه امرأة مسنة بسيطة الفكر، وقد تبين كل هذا من خلال ملبسها وطريقة حديثها مع المضيفة التي كانت لتوها تقدم لنا وجبة الطعام.
كان الطعام يحوي قطعة حلوى بيضاء اللون، لاحظ الرجل صادق العهد بربه مخلص القلب أن المرأة المسنة أول شيء فعلته أنها أمسكت بقطعة خبز وأرادت أن تأكل قطعة الحلوى البيضاء ظنا منها بأنها قطعة جبن، وعندما وجدتها حلوى شعرت بالإحراج الشديد.
نظرت للرجل الذي بجانبها ولكنه تظاهر بأنه لم يرى شيئا مما فعلته، وبعدها بقليل من الوقت قام بفتح قطعة الحلوى وأمسك بقطعة خبز وحول أكل جزء من الحلوى بها، ضحكت في هذه اللحظة المرأة المسنة.
فسألها الرجل: “لماذا تخبريني أنها حلوى، لقد ظننتها جبنة”.
فقالت المرأة المسنة: “حتى أنني ظننتها في البداية قطعة جبنة مثلك”.
العبرة والحكمة من القصة:
جبر الخواطر من أسمى العبادات التي يحبها الله ورسوله الكريم، إن الرجل كان يعلم أنها حلوى وليست بجبنة، ويدرك أنها رحلة ستستغرق قليل من الوقت وتنتهي، ويدرك أنها امرأة مسنة بسيطة للغاية، ولكنه آثر جبر خاطرها ومراعاة مشاعرها.
القصـة الثالثــــة:
دخلت على أستاذها الجامعي بعدما طرقت الباب وأذن لها بالدخول…
الطالبة: “هل تسمح لي بدقيقة؟!”
الأستاذ الجامعي: “بكل تأكيد”.
الطالبة الجامعية: “بكل صراحة ووضح ومراعاة لمشاغلك أستاذي العزيز إنني أشعر بأني فاشلة ولا يمكنني التقدم كما كنت مخططة لحياتي الجامعية من قبل؛ وكلما قدمت لخطة جديدة باءت بالفشل، ولا أظن أني سأنجح أبدا”!
الأستاذ الجامعي: “ولكنكِ لن تستطيعين تحمل شعور الفشل”.
الطالبة: “أيقنت أنك ستخبرني بذلك، لذلك قدمت إليك”.
الأستاذ الجامعي: “اسمعيني جيدا وأنصتي بحرص شديد وتمعن فيما سأقوله لكِ؛ بيوم من الأيام مر رجل بجانب سيرك متنقل في أرجاء البلاد، توقف الرجل فجأة عند رؤيته للفيلة وانتابه الفضول والحيرة في آن واحد، وتساءل كيف لهذه الخلوقات الضخمة أن تقف هنا مكتوفتي الأيدي ويربطها ويقيدها حبل صغيرا كهذا حول قدم واحدة، وكيف أنها لا تحاول الهرب على الرغم من عدم وجود أقفاص ولا سلاسل حديدية تقدي بها؟!
تساءل على الرغم من كبر وضخامة حجمها إلا أنها لا تفكر في الهروب، مع أنها لو فعلت لما استطاع أحد أن يمنعها لضخامة حجمها”.
ولازال الفضول يأكله، وإذا به يرى مدرب بالسيرك قريبا من المكان الذي توجد به الفيلة، فسأله: “كيف يعقل أن تقيد هذه الفيلة الضخمة بحبل صغير كهذا حول قدم واحدة ولا تحاول الهرب؟!”
أجابه المدرب قائلا: “عندما كانت هذه الفيلة صغيرة اعتدنا وضع نفس الحبل بنفس المقياس حول نفس القدم، حينها كان من السهل واليسير الحفاظ عليها، ومهما حاولوا صغارا الهرب إلا أنهم لم يستطيعوا لصغرهم حينها، وبذلك تأقلموا على فكرة عدم القدرة على الهرب”.
نظر الأستاذ الجامعي لطالبته وقال: “وكتلك الأفيال الضخمة كم منا يعيش مع القناعة بعدم قدرته واستطاعته على فعل بعض الأمور، ويرجع ذلك بكل بساطة لفشله مرة سابقاً؟!
عزيزتي لعلكِ فشلتِ مرة سابقا أو مرتين أو حتى مائة مرة، وكما ذكر أديسون (إنني لم أفشل ولكني وجدت عشرة آلاف طريق ة لم تنجح).
العبرة والحكمة من القصة:
الفشل جزء من عملية التعلم بالحياة، لذا لا ينبغي علينا على الإطلاق الاستسلام أثناء الحياة.
القصـــــــة الرابعـة:
في صباح أحد الأيام استيقظ زوجا من نومه ووجد زوجته قد أعدت له طعام الإفطار، وفور قيامه من الصلاة ارتدى ملابسه وتناول طعامه، وخرج.
ولكنه عاد ثانية بعدما نسي مفاتيح سيارته، وعندما دخل مكتبه وجد الأتربة تعبئه من كل مكان، فترك المفاتيح مكانها على المكتب وطلب من زوجته: “زوجتي الحبيبة هل أحضرتِ مفاتيح السيارة من على المكتب؟”
وبكل سرور دخلت الزوجة لتلتقط له المفاتيح، وعندما دخلت وجدته قد كتب بإصبعه على المكتب ونقش وسط الأتربة المتراكمة عليه.. أحبكِ زوجتي.
وبينما كانت مسرعة لتعطيه المفاتيح وجدته قد نقش أيضا على الشاشة.. ولا زلت أحبكِ، فأنتِ حياتي وعمري واختياري السديد الذي وفقني الله إليه.
وبينما كانت تضع المفاتيح في يده ابتسمت قائلة: “وأنا أيضا أحبك يا أماني وملاذي الوحيد”؛ وفور خروجه للعمل شرعت في العمل جاهدة على تنظيف منزلها جزءاً جزءاً.
العبرة والحكمة من القصة:
على الإنسان أن يكون رحيما وحسن المعاملة مع الآخرين، وكل المشاكل تنحل بطيب ولين الكلام.
القصــــة الخامســــة:
زوجة ثرية للغاية، اضطرت للموافقة على طلب إجازة للخادمة التي بمنزلها والتي توجب عليها المكوث بمنزلها لظروف عائلية صعبة.
كان بنفس اليوم في المساء هنالك عشاء عائلي قد جمعت فيه الزوجة كل العائلة، اتصلت على زوجها فور ذهابه للعمل وأخبرته بأنها ستتكلف بنفسها العناء في الإعدادات وأنها ستباشر بنفسها كل شيء.
طلبت من سائق سيارتها الخاصة بأن يخرج السيارة حيث أنها مستعدة للذهب للمتجر وانتقاء الطلبات، وما إن خرج بها وأثناء الطريق اتصلت لتؤكد على موعد العشاء بكل قائمة الدعويين على العشاء.
وفور وصولها للمتجر ترجلت من السيارة، وقبل دخولها للمتجر وجدت شابا في الثلاثينيات من عمره عليه ملابس رثة، شعرت بالرعب تجاهه حتى أنها تجنبت النظر فيه على الرغم من أنه قام بفتح باب المتجر وأمسكه حتى تمكنت هي من الدخول قبله.
وبداخل المتجر تجنبت الطرقات التي كان بها، وبعدما انتقت الزوجة كافة الأشياء والطلبات التي تريدها من المتجر تصادمت مع الشاب والذي كانت تتجنبه، في حينها أسقطت بطاقة الائتمان الخاصة بها، التقطها الشاب من الأرض وأراد أن يعطها لها، ولكنها كانت قد غادرت مسرعة تريد الهرب منه.
لحق بها الشاب، وعندما طلب منها التوقف، التفتت إليه في خوف ورهبة منه وكانت تقول: “إن كنت تريد المال أعطيتك منه ما تريد، ولكن اتركني ولا تؤذني”!
تبين كل شيء للشاب حينها، شعر بحزن عميق بداخله..
الشاب: “أهكذا ترينني؟!، إنني أرتدي هذه الملابس لأنني أساعد والدتي بانتقالها لمنزلها الجديد، وقد أسرعت للمتجر لشراء بعض الاحتياجات التي طلبتها مني على الفور، عموما لقد ركضت خلفكِ لأعطيكِ بطاقة الائتمان خاصتكِ”.
شعرت الزوجة بالندم الشديد على سوء ظنها بالشاب والذي تبدو به كل الصفات الحسنة.
كان الشاب في الحقيقة أيضا من الأثرياء أمثالها ومن نفس الطبة الاجتماعية التي تنتمي إليها، بل وربما يزيد عليها.
العبرة والحكمة من القصة:
لا تحكم على شخص من خلال ما يرتديه، أو من خلال السيارة التي قودها أو حتى من خلال المكان الذي يسكن به؛ لا تحكم على شخص سواء أكان جيدا أم سيئا من خلال مظهره الخارجي، فهناك أشخاص بإمكانهم قيادة سيارة فارهة وفي النهاية تكون مستأجرة.
هناك أشخاص يسكنون في منازل فارهة أيضا ولكنها تكون مستأجرة، وهناك أناس يرتدون أفخم الملابس وأرقى الساعات وفي النهاية من الممكن أن تكون مسروقة.
ومن الممكن أن يكون شخصا رائعا ويمتلك كل هذه الأمور ولكن هناك ظروف ما حكمت عليه بأن يظهر بشكل لا يكون لائقا بالنسبة لك.
فلا تحكم على أحد ما تكون ملابسه متسخة وشعره فوضوي بأنه شخص فقير معدم، أو حتى متسولا فيريد أذيتك، فربما يكون مليونيرا!
أحسن الظن كما تريد أن يحسن الناس بك الظن.
لا يهم ما يرتديه الشخص منا، ولا ما يملكه، الأهم من كل ذلك من هو وما قيمته بالحياة وما قدم طوال حياته، وما هي ذكراه بعد مماته.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
3 قصص وعبر بدون نت حقيقية لكل من ألمت به الهموم وأعجزته!
قصص وعبر كيد النساء بعنوان شاب أراد البحث وراء المعنى الحقيقي لكيد النساء!
قصص وعبر في الصدقات قصة المرأة التي شفيت من السرطان
قصة حلوة عن عوض الله سبحانه وتعالى من قصص وعبر