إن للقصص فوائد جمة ولاسيما عندما تكون قصص عالمية حيث أنها تعمل على نقل ثقافات بلاد بعيدة وذات تفكير مختلف، ولاكتساب ثقافات جديدة له أيضا فوائد عديدة على المجتمعات عندما نحسن انتقاء الثقافة التي نبغي أن نقدمها بقراءة قصة وما شابه ذلك.
قصة الخاتم العجيب قصة من التراث الألماني وبها الكثير من القيم الأخلاقية والتربوية المفيدة والهادفة والتي تصلح لتعلم صغارنا العديد من الأهداف البناءة.
قصة الخاتم العجيب:
في يوم من الأيام كان هناك فلاحا يعمل جاهدا في حقله كل صباح وحتى يحين المساء وبالكاد يستطيع جمع ما يكفيه من طعام له ولزوجته، فالحالة تكون تقريبا معدمة فلا يمتلك سوى حقل صغير المساحة للغاية، وكان ذلك الفلاح لا يقوى دائما على العمل ولكنه كان يجبر نفسه عليه من أجل توفير النقود الكافية لشراء الطعام والمؤن اللازمة والضرورية لاستمرار الحياة؛ وذات مرة وهو يشكو كثرة العمل وقلة الأجر إلى ربه ظهرت له امرأة عجوز من لا شيء وعرضت عليه عرضا مجزيا إذ قالت: “من كل شيء بحقلك يتضح لي أنك لا تحب العمل ولا تقوى عليه ولكنك دائما ما تجاهد نفسك عليه لذلك سأقدم إليك عرضا شئت أن تأخذه كان بها رفضت فهذا من شأنك وحدك”.
الفلاح: “إنكِ فعلا محقة فأنا لا أحب العمل وبالكاد أقوى عليه إذا فماذا يكون عرضكِ يا سيدتي؟”.
العجوز: “سر في ذلك الطريق الطويل حتى تجد بها شجرة في غاية الضخامة، وأول ما تجدها قم بقطعها على الفور وحينها فقط ستتغير كل حياتك للأفضل وستحل كل مشاكلك”.
اندهش الفلاح من كلام العجوز التي اختفت حتى قبل أن يرد عليها، ومن ثم دخل منزله وأخذ يبحث ويفتش في أرجائه حتى عثر على الفأس، وعندها سألته زوجته: “إلى أين ستذهب ولمن ستترك عملك؟!”
أجابها قائلا: “كلها أيام قلائل وسنصبح من الأثرياء، لا تقلقي يا زوجتي الغالية”.
اندهشت الزوجة من رده وأفعاله، ذهب الفلاح متجها إلى الغابة آخذا بنصح العجوز ومستقبلا لثراء فاحش كما وعدته تلك العجوز، ومازال يسير على أقدامه في تلك الغابة لمدة ثلاثة ليال حتى تمكن من إيجاد الشجرة التي أخبرته عنها العجوز، وما أن رآها حتى شرع في قطعها ومازال يعمل جاهدا حتى سقط عشا من أعلاها، بذل كل مجهوده حتى يتمكن من إنقاذ العش والبيضتين به، وفي الأخير نجح في ذلك ولكن بعد أن أصيب بكدمات بالغة الخطورة للغاية، والأصعب من ذلك أنه صدم صدمة عمره عندما خرج من إحدى البيضتين اللتين في يديه صقر بدا صغيرا ولكنه أخذ يكبر بشكل مذهل للغاية، ومن ثم نطق ذلك الصقر مخاطبا الفلاح: ” لقد أنقذت حياتي فأنا ممتن للغاية ولذلك سأعطيك شيئا قيما جزاءا لما فعلت معي”.
فكسر الصقر العملاق بمنقاره البيضة الثانية التي سقطت من العش وأخرج منها خاتما شكله مثير للاهتمام، وأخبر الفلاح قائلا: “إنه ليس بخاتم عادي إنه خاتم عجيب باستطاعته تحقيق الأمنيات، ولكن تذكر شيئا هاما كل ما عليك فعله هو لف الخاتم بعد وضعه بإصبعك وطلب أمنيتك”.
وقبل مغادرة الصقر الضخم ذكر الفلاح بكلامه وأكد عليه قائلا: “تذكر لديك أمنية واحدة فلا تهدرها بطلب شيء تندم عليه فيما بعد”.
وأثناء رحلة عودة الفلاح إلى منزله قرر بعد مشاهدته لمحل المجوهرات أن يقدر القيمة المالية للخاتم العجيب فذهب مسرعا إلى المحل وسأل الصائغ الذي أخبره أن لا قيمة لخاتمه، ومن شدة غيرة الفلاح على خاتمه اضطر في حالة من الغضب تملكته أن أخبر الصائغ بقدرة الخاتم الذي لا يرى منه قيمة مالية على تحقيق الأمنيات مما جعل الصائغ يكيد له كيدا، فجعله يبيت عنده بحجة الظلام ومن ثم قام بتقليد الخاتم وبدل المزيف الذي صنعه بالأصلي الذي بإصبعه، وفي الصباح الباكر انصرف الفلاح متعجلا ليخبر زوجته الغالية بما قد حصل له.
وبعد انصرافه قام الصائغ بغلق كل الأبواب ووضع الخاتم بإصبعه وأداره وتمنى أن يمتلئ عليه كل المنزل بقطع الذهب الخالص، وقد حقق الخاتم له الأمنية لدرجة أنه دفن بمنزله بالذهب وفارق الحياة نتيجة لجشعه وغشه؛ أما الفلاح فعاد إلى زوجته وقص لها الحكاية من بدايتها فرأت أن يتمنى أن يوسع حقله الصغير ولكنه رفض أن يهدر أمنيته على مثل هذا الطلب، وأخبرها بأنه يمكنهما العمل بجهد كبير وخلال عام سيوسعان الحقل؛ وعام وراء عام والفلاح لا يريد أن يهدر أمنيته في شيء يندم عليه لاحقا وهو يحقق كل ازدهار إلى أن صار من أغنى الأغنياء بجهده وكفاحه المتواصل الدءوب؛ وفي يوم من الأيام فارق الحياة هو وزوجته في نفس اللحظة وكان لهما من الأبناء غلامين فاحتفظا بخاتم والدهما تذكارا منه ومحبة له.