مهما بلغت كثرة النعم من حولنا تظل أفضلها وأجملها نعمة الأم، فالأم موطن الحنان والأمان والدفء والراحة النفسية أيضا.
قصـــــــــة أم
قصة من التراث الدنماركي…
يحكى أنه كان قديما في الزمن أم عياها الفقر، كانت تعيش بمنزل صغير ومتهالك للغاية مع ابنها الصغير الوحيد؛ كان الابن اشتد عليه المرض والإعياء لدرجة أن أمه أيقنت أنه سيفارق الحياة.
كانت تطببه بدموعها الجارفة، كانت تودعه في كل لحظة تمر عليه، كان يؤلمها للغاية رؤيته على هذه الحالة الموجعة والمفجعة لقلبها، كانت بكل وقت تدعو له الله ليشفيه ويرده لحضنها من جديد كعهده السابق معها؛ وذات ليلة أحد ما طرق عليها باب المنزل، وعندما فتحت متعجبة من الزائر نفسه حيث أنه لا أحد يزورهما، وعندما وجدته رجلا عجوزا عليه ثياب يتعجب منها من يراها، رجعت بضعة خطوات للوراء، وعندما شعر منها الرجل الخوف سألها: “ما بكِ لم تتعجبين مني؟!”.
أخبرته: “اعذرني يا سيدي فابني الوحيد مريض للغاية، وأخشى أن يفرق الموت بيني وبينه”.
نظر الرجل إليها بعينيه، وقد كانت عيناه عجيبتان فبمجرد أن نظرة الأم فيهما غاصت في نوم عميق، وعلى الرغم من أنها لم تستغرق في نومها إلا دقيقة أو دقيقتين معدودتين إلا أنها عندما استفاقت وجدت أن الرجل قد اختفى ومعه ابنها، حيث أنها وجدت باب منزلها مفتوحا، وفراش صغيرها مازال دافيا، هرعت على الفور إلى الغابة لتتقفى أثرهما، وأخذت تسير وتسير وتنادي وتصرخ باسم ابنها، كانت لديها عزيمة صارمة في إيجادها لابنها وعدم التخلي عنه.
وفي طريقها للبحث عن ابنها وجدت سيدة عجوز بدلا من الرجل الذي تبحث عنه، هرعت إليها وسألتها بحسرة وحزن بصوتها: “ألم تري يا سيدتي رجلا عجوز ومعه طفل صغير مارا من هنا؟!”.
أجابتها السيدة العجوز: “سأخبرك شريطة أن تغني لي أغنيتك المفضلة التي كنتِ دوما تغنيها لصغيركِ”.
تعجبت الأم أفي حالتها الحزينة هذه وترغب السيدة العجوز أن تغني لها؟!
شرعت الأم في الغناء والدموع تسيل من عينيها لأنها لا تغني هذه الأغنية إلا لابنها؛ وبالفعل بعدما أنهت الغناء أخبرتها العجوز: “بالفعل لقد مر رجل عجوز ومعه طفل صغير بجواري، وقد ذهبا إلى غابة الصنوبر”، وأشارت بيده لطريق الغابة.
على الفور هرعت الأم المسكينة للغابة بحثا عن ابنها، وهناك وجدت شجرة صنوبر فسألتها عن رجل عجوز مر بطريقها ومعه طفل صغير، قبلت الشجرة أن تخبرها ولكن بشرط أن تضمها لصدرها حتى تشعر بالدفء، فقد كانت الثلوج تملأ كل الأرجاء.
دون أن تفكر الأم في طلبها، ضمتها بكل قوتها لصدرها ولم تأبه لأشواك ولا أغصان الشجرة حتى أن دمائها بدأت تتقطر على أغصان الشجرة التي تفرت ونبتت وامتلأت بالورود من كثرة الدفء التي حصلت عليه من الأم، أما عن الأم فشعرت أنها تضم حينها صغيرها.
أأخبرتها الشجرة أنهما مرا بهذه البحيرة، ذهبت الأم للبحيرة تريد أن تعبرها، ولكن البحيرة رفضت إلا أن تأخذ منها عينيها، وافقت الأم على الفور في نظير اطمئنانها وجمعها بابنها من جدي، تعجبت البحيرة من رد فعل الأم، فأخذت عينيها وأوصلتها في لمح البصر للجهة الثانية منها.
وأول ما وصلت كانت لا ترى وإذا بريح عاصفة هبت في وجهها، توسلت الأم للرياح أن تهدأ حتى تستطيع البحث عن ابنها، فقلبت الرياح بشرط أن تأخذ منها صوتها، قبلت الأم عرضها بشرط منها أيضا، أن تدلها على طريق ابنها الذي أخذه منها رجل عجوز، أخذت الرياح منها صوتها وأوصلتها لمنزل جميل للغاية، تقوم على حراسته سيدة عجوز.
طلبت من السيدة العجوز بالإشارة مقابلة السيد العجوز، قبلت العجوز لقاء شعرها الأسود الطويل، وافقت الأم فأدخلتها المنزل، وأول ما دخلت كانت هناك الكثير من الزهور والورود، مالت الأم على إحدى الزهور وأمسكت بها وقالت: “ولدي!”؛ جاءها الرجل العجوز قائلا: “نعم إنه ابنك، قد توفاه الله”، وكل هذه الزهور والورود ما هي إلا عبارة عن أرواح الأطفال الصغار.
توسلت إليه والدموع تسيل من عينيها المفقودتين وحالها تبدل وأصبحت أحدا غيرها، تعجب منها الرجل وقال: “أضحيتِ بكل ما معكِ من أجل رؤية ابنكِ من جديد، نعم هكذا ينبغي أن تكون كل أم، تبذل كل غالي ونفيس في سبيل أبنائها؛ ولكن اعذريني فلدي عمل أقوم به، و لا أستطيع إرجاع ابنكِ إليكِ، فمن يذهب لا يرجع أبدا”.
تركها وذهب ومن كثرة انهيارها تمنت أن تصبح مع ابنها، وبالفعل استجاب الله لدعوتها وجعلها تفارق الحياة كصغريها.
اقرأ أيضا:
قصص عالمية كرتون أطفال مليئة بالتشويق والإثارة لا تفوتها
قصص عالمية قديمة جدا قصص الشعوب من التراث التركي
قصص عالمية بياض الثلج والأقزام السبعة