حكاية “تشيم تشانج” حكاية جيء بها من أرض الصباح الهادئ، حكاية تتداول من قديم الزمان، توارثها الأحفاد من الأجداد ومازالوا يتناقلونها حتى الآن، حكاية طفلة صغيرة فقدت والدتها بعد سبعة أيام من ولادتها، قبلت أن تضحي بنفسها وبحياتها لقاء أن يتد على والدها بصره، والدها الرجل الأعمى الذي تمنى أن يعود إليه بصره ويتمكن من رؤية العالم من حوله مرة ثانية؛ ألقت بنفسها بعرض البحر ولكنها تم إنقاذها من الموت وأصبحت حاكمة للأرض وأعادت لوالدها بصره.
قصـــــــة غامضة ومؤثرة للغاية تتناقل عبر الأجيال، إن الذين أنعم الله سبحانه وتعالى عليهم بالأموال الطائلة عميت قلوبهم تجاه غيرهم من المساكين والمحتاجين، ولكن قصة “تشانج” ستغير نظرة تفكير الكثيرين.
ابنة الأعمى الجزء الأول
زوجة تنسج ملابس لصغيرها الذي لا يزال ببطنها ولكنها أوشكت على وضعه، بجوارها زوجها نائما، وبعدما انتهت وقد كان الليل قد انتصف عليها أطفأت الشعلة وكانت تغمرها سعادة وفرحة لإنهائها ملابس مولودها على الرغم من شعورها بألم شديد.
وبالفعل باليوم التالي جاءتها آلام المخيض، كانت الزوجة المسكينة تتألم بشدة، وجاءت نساء القرية يساعدنها على الوضع، وأنجبت طفلة في غاية الجمال، طمئن زوجها والذي كاد يفقد صوابه من كثرة الخوف والقلق على زوجته الحبيبة…
الزوج: “زوجتي الحبيبة كيف حالكِ الآن؟”
الزوجة بحزن وأسى: “أعلم أنك لست سعيدا بما فيه الكفاية لإنجابي طفلة”.
الزوج: “ابنة صالحة أفضل بكثير من ابن سيء الطباع، إن طفلتنا طفلة من ذهب كل ما علينا القيام به تربيتها تربية حسنة وجيدة”؟
وبارح مكانه يرقص بكل القرية على الرغم من فقدانه لبصره تعبيرا عن مدى الفرحة والسعادة التي كانت تغمره لرزقه بطفلة جميلة مثلها، وجميع أهل القرية سعيدون لسعادته.
بمنزل الزوج الأعمى….
الطفلة التي لم تكمل إلا أيام معدودات بقدومها للدنيا تكاد تنفجر من شدة البكاء، والزوجة تكاد تفقد حياتها من شدة الآلام التي لحقت بها، أما الزوج فيكاد يفقد روحه من شدة الألم والحزن والأسى.
الزوج: “يا زوجتي الحبيبة إن مرضكِ يزداد سوءا، تذكري يا حبيبتي أن زوجكِ أعمى وطفلتنا الصغيرة في أمس الحاجة إليك، فلا تهم قواكِ يا حبيبة قلبي”.
الزوجة بصوت متقطع: “لقد تمنيت أن أعيش معك ولو مائة عام، ولكنني أشعر بدنو أجلي”.
الزوج ببكاء مكبوت: “ليس كل من شعر بشدة المرض فارق الحياة، لا تتفوهي بمثل هذه الأقاويل لأجلي، ستتشافين من كل أوجاعكِ وتسترجعين قوتكِ وعافيتكِ”.
الزوجة بصوت متقطع: “إنني أعرف مرضي، ولكني لدي أمنية واحدة وأرجو أن تحققها لأجلي، أريدك أن تسمي طفلتنا (تشانج) وتعني النور، يجب أن تكون نورا لك، فغدا ستكبر وتقود والدها في كل مكان، ستكون عينيك إن كانت فتاة صالحة وجيدة، أحضرها لقبري وتعال بها ولتكن هي مرشدتك، أخبرها بأن والدتها ترقد هنا وحينئذ سيكون بقاء الأم بابنتها”.
الزوج: “حبيبتي ليس من المحتم أن يموت كل إنسان يعاني من مرض، لا يمكنني السماح لنفسي أن أترككِ تدعينا وتموتين، سأخرج لإحضار الأدوية”.
وبالفعل خرج الزوج الأعمى يتعثر بالطرقات من أجل جمع الأعشاب الطبية والنبتات من أجل مداواة زوجته المريضة بها، حاول جاهدا إحضار الدواء ولكن المرض لم يرحم الزوجة المسكينة، كانت الأم بالمنزل في انتظار عودة زوجها، لقد كانت تحتضر وهي تحمل طفلتها بين يديها وترضعها من ثديها وفارقت الحياة.
تعالت صرخات الطفلة التي لم تكمل السبعة أيام منذ ولادتها، وعندما عاد الزوج سمع صرخات طفلته الرضيعة ولم يسمع صوتا لزوجته، فاقترب منها بخطوات متباطئة ليجدها قد انقطعت أنفاسها واستجابت لنداء خالقها.
عجر الزوج عن تصديق وفاة زوجته، وتذكر كل شيء حدث بينهما بعينين دامعتين وبكاء مرير، تذكر يوم زفافهما وتذكر حبهما لبعضهما البعض، تذكر عدد المرات التي ضحكا بها سويا ولعبا ومرحا، تذكر اليوم الذي أصيب به بإعياء شديد وحمى أودت بفقده لبصره.
لقد رحلت عنه نور عينيه الذي كان يبصر به الدرب، لقد كانت تحمل عنه كل معاناته، كانت له نعم السند، كانت تعمل على كل ما يسعده ويريحه منذ أن أصبح أعمى!
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص عالمية قديمة مكتوبة بعنوان “البجعات البرية” الجزء الأول
قصص عالمية قديمة مكتوبة بعنوان “البجعات البرية” الجزء الثاني
قصص عالمية قديمة مكتوبة بعنوان “البجعات البرية” الجزء الثالث
قصص عالمية قديمة مكتوبة بعنوان “البجعات البرية” الجزء الرابع
قصص عالمية قديمة مكتوبة بعنوان “البجعات البرية” الجزء الخامس
قصص عالمية قديمة مكتوبة بعنوان “البجعات البرية” الجزء السادس والأخير