دوماً للقصص أثرٌ طيب لدى الأطفال يمكث في نفوسهم ولا يبارحهم لا في الصغر ولا حتى في الكبر، فكما نعلم جميعاً أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر؛ لذلك يجب على كلٍ منا استغلال حب الأطفال لسماع القصص لتعليمهم السلوكيات التي نرتضيها لهم، وغرس البدايات الأولية لتكوين شخصية أبنائنا لنعد جيلاً لا يعرف طريقاً للمستحيل، جيلاً يتغلب على صعاب الحياة ويذللها لمصلحته، وكلنا على درايةٍ بأن كل قصةٍ تُسرد من قديم الزمان تحمل معها الكثير من العبرة والعظة، فعندما نبغي أن نعلم أطفالنا قاعدة سلوكية جديدة نبحث عن قصةٍ تحمل في طياتها هذه القاعدة وبهذه الطريقة يتقبلها الطفل وتُرسم الصورة بذهنه دائماً.
القصة الأولى/قصة إن الله معنا في كل وقت وفي كل حين
في يوم من الأيام، أرادت أمٌ تقية ورعة أن تعطي أطفالها الثلاثة درساً عن طاعة الله في السر والعلانية؛ فقامت بدعوتهم وأعطت كل واحدٍ منهم تفاحةٍ حمراء وقالت:”أريد من كل واحدٍ منكم أن يأكل هذه التفاحة بدون أن يراه أي أحد مهما كان”، فقام الابن الأكبر”مصطفى” بالذهاب إلى الطابق العلوي (لا يمكث به أحد) وأحكم غلق باب الطابق وأكل التفاحة، وقام الابن الأصغر”يوسف” بدخول غرفته الخاصة وأوصد الباب وقام بأكل تفاحته أيضاً، أما الابن الأوسط”أحمد” لم يستطع أكل تفاحته واحتفظ بها، ولما حان موعد العشاء قامت الأم بإعداد الطعام لصغارها، وأثناء تناولهم العشاء، طرحت سؤالاً قائلةً:”هل كل واحدٍ منكم أكل تفاحته التي أعطيتها له؟”، فأجاب الابنين الأكبر والأصغر بنعم، فسألت ابنها الأوسط:”وماذا عنك يا أحمد،هل أكلتها؟” فأجابها قائلاً:”لا يا أمي” فسألته:”ولم لا يا بني؟” فأجابها قائلاً:”لأني لم أجد مكاناً في الكون كله إلا وأجد الله فيه”فتبسمت الأم مفتخرةً بولدها قائلةً:”بوركت يا بني، تعلموا يا أبنائي أن الله معنا ويرانا”.
القصة الثانية/لا تخف عبد الله فإن الجزاء من جنس العمل:
في أحد القرى، كان هناك شيخاً كبيراً أباً لثلاثةٍ من الرجال الذين قام بتربيتهم وإعدادهم لاستقبال الحياة، كان الثلاثة رجال متزوجون، وفي كل يومٍ كان يذهب أحد الرجال برفقة زوجته لرعاية أبيه الشيخ الكبير، وذات يومٍ طلب الابن الأصغر أن يأخذ أباه لمنزله ولكن خوان الباقيان لم يوافقا على طلبه فعرض عليهم أن يتنازل لهم عن نصيبه في ميراثه من أبيه فما كان منهما إلا أن وافقاه الرأي، ولم يمكث أبوهم كثيراً ووافى المنية، حزن ابنه الأصغر كثيراً على فراقه؛ وذات يومٍ وهو نائم في فراشه، رأى مناماً أشبه بالحقيقة حيث رأى والده يدفن صندوقاً مليئاً بالذهب بمكانٍ ما بحديقة منزله، ولما استيقظ من منامه قص القصة على زوجته ليأخذ بنصحها، فقالت له:”يجوز أن رؤياك تكون علامةً لك من الله، اذهب وألقِ نظرة عابرة”، ولما ذهب الابن البار وجد أن ما كان بالحلم حقيقةً، فاستخرج الصندوق وحمله إلى أخويه من طلبا منه أن يتنازل عنه كما فعل بميراثه، فوافق بدون تفكير؛ ومرةً وهو جالسُ على شاطئ البحيرة يتأمل خلق الله إذ وجد بالبحيرة ديناراً فحمله أيضاً وذهب به إلى إخوته ليخبرهم بما وجد، فأخبراه أننا في غنى عن هذا الدينار، فأخذه وبينما وهو راجعٌ إلى منزله إذ وجد صياداً حائراً بسمكتين لم يجد لهم مصرفاً، رُسم على وجهه الحزن الشديد، فاقترب منه وابتاع السمكتين، ولما وصل البيت أعطاهم لزوجته لتعدهم لطعام العشاء، وكانت المفاجئة إذ وجدت الزوجة بكل سمكةٍ جوهرةً ثمينةً من الماس، فهذا جزاء الإحسان.