قصص قصيرة

قصص قصيرة من زمننا القديم وتراثنا النفيس

إن قراءة قصص قصيرة ممتع للغاية، فلكونها قصيرة تجد فيها تركيز على الأحداث الهامة ويمكنك قراءتها وقراءة المزيد منها على جلسة واحدة.

القصة القصيرة تركز على حدث واحد وربما سلسلة من الحوادث ولكن المترابطة بشكل وثيق؛ وعلى الرغم من كونها قصص قصيرة إلا إنها تحمل معاني كبيرة علينا الاستفادة منها.

القصــــــــــــــة الأولى:

قصة من أجمل قصص قصيرة توضح الدور اللعين الذي لعبه فيما عرف آنذاك بالقصاصين في نكبة المسلمين…

لقد ظهرت في عصر من عصور التاريخ الإسلامي مجموعة من رواة الأخبار، وقد اختلفت هذه المجموعة اختلافا كليا عن المؤرخين، عرفت هذه المجموعة التي استحدثت باسم القصاصين، وأسسوا لهم مدرسة خاصة بهم عرفت باسم الإسرائيليات.

وبداية كان من أشهر رواد مدرسة الإسرائيليات “كعب الأحبار”، “وهب بن منبه” و”عبيد بن شريك”، وكانوا رواد المدرسة يهدفون إلى نقل أخبار الأقوام السابقة ونقل قصصهم للعبرة أو للاستئناس وربما كانت التسلية؛ ولكن من جاء من بعدهم رغبوا في الشهرة وجذب وجوه الناس واهتمامهم إليهم، فباتوا ينقلون كل ما هو غريب حتى وإن كان باطلا، فبات هدفهم الأساسي الإثارة والتشويق، فكانوا لا يتورعون عن اكذب بل كانوا هم أنفسهم أكثر الناس كذبا.

فقد ذكر “السيوطي” في كتابه (تحذير الخواص من أكاذيب الخصاص).. قال : “قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إن أكذب الناس القصاص والسوال”.

وعن مفاسد القصاصين فكانت كثيرة، فقد عودوا عامة الناس على الكذب وعلى عدم التثبت أيضا وعلى المبالغات في الحديث والخيالات الزائفة التي لا أساس لها، لقد لعبوا دورا في منتهى الخطورة طوال التاريخ الإسلامي ولاسيما في فترات ضعفه ووهنه، لقد كان لهم دورا كبيرا في كثير من نكبات الأمة الإسلامية، وسنأخذ مثالا على ما فعلوه القصاصون قبل مجيء المغول إلى بغداد عام 656 هجريا.

لقد انتشروا بين الناس وشرعوا يحدثونهم عن المغول، وبالغوا كثيرا في وصفهم ووصف قوتهم التي لم يرى في مثلها، لقد كانوا يحدثون الناس عن أن المغول يأكلون لحوم البشر ويشربون دمائهم بعدما يمزقوا أجسادهم، لم يكتفوا بوصف المغول وحسب بهذه الطريقة بل وصفوا الدواب التي يمتطونها أيضا بأنها لا تترك أخضرا ولا يابسا وتحفر الأرض من تحتها بحوافرها بل ومن شدة قوتها وضخامتها تتزلزل الأرض من تحت أقدامها؛ كان لكل هذه المبالغات أثر كبير في نفوس الناس، فبث الرعب بقلوبهم وأصابهم الوهن داخل نفوسهم، فاستسلموا استسلاما تاما للتتار وللمغول لدرجة أنهم سلموا رقابهم لسيوف أعدائهم دون أن يشهروا ولو سيفا واحدا في وجوههم!

أما عن حال أمتنا الإسلامية اليوم فلا يختلف كثيرا عن أمس، فما فعله القصاصون بالأمة الإسلامية يفعله الكثيرون الآن ممن يزعمون أنهم في صفوف الأمة وصفوف الحق، ولا نجدهم يفعلون شيئا للأمة إلا نشر الأكاذيب بين الناس ونقل الأخبار دون تثبت، بل إنك تجدهم يتعمدون المبالغة والتهويل وبث روح الفرقة واليأس والضعف بين صفوف الأمة الإسلامية.

واقرأ أيضا: 4 قصص قصيرة ستغير حياتك للأفضل

القصــــــــــــــــــــــــــــة الثانيـــــــــــــــــــة:

من أجمل قصص قصيرة على الإطلاق، قصة تبين جزءًا ضئيلا للغاية من تاريخنا المخفي…

قصة (إخوان غازي) يوم أن بدل المسلمين عشرات من الفرسان الصليبين بحذاء امرأة مسلمة!

(إخوان غازي) جماعة إسلامية مسلحة كانوا في عهد الدولة السلجوقية، كانوا مستقلين بذاتهم من حيث تمويل الجماعة والقرار، وما عرف على الجماعة أنها ضمت خيرة الفرسان المسلمين، وكانوا يسكنون على حدود الدولة البيزنطية؛ أما عن هدفهم الأساسي فكان الإغارة على حدود الدولة البيزنطية وإماراتها انتقاما للبيزنطيين وما يفعلونه من أفعال شنيعة بشعة بحق ضعفاء الأمة الإسلامية، فينتقمون لمن يقتلون بأيدي البيزنطيين ظلما وجورا ولمن ظلموا أيضا.

كانت هذه الجماعة تغنم الأموال والذهب والأسرى، ومن ثم يعودون إلى القرية التي أغاروا عليها الكفار فيردون إلى أهلها ما اغتنموا من غنائم، والتي في الأساس حقوقهم المسلوبة؛ وبأفعالهم الشجاعة قويت شوكتهم وبات الجميع يخشاهم.

وباتت أي مفاوضات تتم بين السلجوقيين والبيزنطيين لابد لها وأن يذكر بها اسم هذه الجماعة وباتت طرفا أساسيا في أي نقاش، فقد أًبح وجودهم وتأثيرهم على كل من حولهم ورقة قوة رابحة وورقة ضغط للمفاوض المسلم، وفي كل اتفاق كانت لهم شروط، والعجيب أن من بين هذه الشروط كانت لهم بعض النوادر نذكر منها:

في إحدى المفاوضات أجبرت هذه الجماعة أمير أنطاكية على الاعتذار لحمار أحد الفقراء المسلمين، وذلك لأن ابن الأمير ضرب الحمال دون أي وجه حق!

وإحدى نوادرهم أيضا أنهم بإحدى المفاوضات مع الدولة البيزنطية كان هناك تبادل أسرى، ومن بين هؤلاء الأسرى كانت هناك امرأة مسلمة، وأثناء إحضار الجنود البيزنطيين للأسرى لتسلميهم لإخوان غازي تطاول أحد الجنود على هذه المرأة، ساد الصمت بجماعة إخوان غازي لأيام قليلة، ومن ثم أغاروا عليهم وأسروا مجموعة من خيرة فرسانهم!

وكان من بين الأسرى كبار قادة ونبلاء وأثرياء من علية القوم، قام قائد جماعة إخوان غازي بإرسال حذاء المرأة المسلمة التي كانت بأسرهم وتطاول عليها الجندي إليهم، ومن ثم اشترط عليهم أن يسلموا حذاء المرأة مقابل فرسانهم وعلية قومهم، وأن يحمل هذا الحذاء فوق عربة ملكتهم في موكب من فرسان قصر الحاكم بنفسه، ورفض مفاوض البيزنطيين طلب جماعة إخوان غازي، ولكنه لتوها ولحظتها وافق على شرطهم تحت ضغط أسر الفرسان والنبلاء.

لقد كان مجاهدو جماعة إخوان غازي ملثمين، لا يراهم ولا يعلم ملامحهم أحد، علاوة على أنهم لم يكونوا يرتدون زيا موحدا يعرفون به، وغالبية لباسهم كانت من الصوف؛ كانوا يرفضون الشهرة ويكرهون مجالس الملوك والأمراء ولا يحضرون ولائهم، والشرط الوحيد للانضمام للجماعة هو حفظ القرآن الكريم، ومن ثم الخضوع لاختبارات الفروسية والقتال واختبارات الولاء بكل تأكيد.

كانوا مسلمين حقيقين أوجعوا الظالمين وحييوا ورحلوا دون أن يعرفهم أحدا!، ومن المؤسف حقا أنه لم يتم ذكرهم إلا باختصار شديد للغاية بالمراجع الإسلامية، هل يذكرونك بأشخاص بيننا الآن؟!

اقرأ أيضا: 3 قصص قصيرة معبرة لا تمنع نفسك فوائدها!

قصص قصيرة جدا مترجمة بعنوان الهوى وإفساده للعدالة!

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى