ما أعظم أثر اللحظات الضاحكة في حياتنا والأعظم من ذلك عندما تتضمن هذه اللحظات في طياتها العبرة أيضا.
من قصص مضحكة فيها عبرة:
القصة الأولى:
ببلد ما يشاع مثل ما “حذاري أن تندم ندم الكُسَعَي”، إذا فمن هو الكسعي وما هي قصة ندمه التي يحذر منها ومن الوقوع فيها؟!
بداية الكسعي هو أمهر صائد للغزلان، اشتهر كثيرا بصيادته للغزلان وبراعته الفذة في ذلك حيث إنه لم يعد خاوي اليدين مطلقا في أيٍ من رحلات صيده؛ ترجع مهارة الكسعي في الصيد إلى امتلاكه لقوس نادر ليس كمثله من أقواس الصيد، إنه قوس مصنوع بفن نادر حيث أنه بخشب عصي على الكسر ودقيق للغاية في إصابة الهدف مهما صعب، كما أنه لينا عندما يقتضي الأمر وقاسيا عندما يقتضي الأمر شدة وقساوة، له وتر مشدود لا يمكن قطعه، إذا أطلق منه سهم يستحيل أن يحيد عن هدفه بسرة آخذة لكل الأبصار.
وبيوم من الأيام خرج الكسعي كعادته إلى الصيد، وعندما وصل إلى المكان المنشود ليصطاد به وجده يسيطر عليه الظلام الكحيل حيث أنها كانت ليلة بلا قمر ولا نجوم فكل منهم تحجبه الغيوم السوداء، ولكنه عازم على الاصطياد فالمكان مليء بالغزلان، فأخذ يطلق سهامه معتمدا على البريق الذي يظهر بأعين الغزلان، وكلما أطلق سهما من قوسه الذي يعتز به ويتفاخر كثيرا، لم يسمع سوى صوته مفرقا الريح في الفراغ ومن ثم ارتطامه بصخرة بشدة وقوة مذهلتين لدرجة أنه كان يرى الشرار الناجم عن ذلك الاصطدام، ولكنه لم ييأس وفي كل مرة يزيد من حدة تدقيقه وتحكمه بقوسه، ولكنه أيضا يرى الشرار الناتج عن ارتطام قوسه بكل مرة بصخرة، جن جنونه فهو لم يعد مطلقا خائب الرجاء إلى قومه، فقام بتكسير قوسه.
وعندما حان موعد شروق الشمس وتوديع خيوط الفجر الجميل رأى الكسعي غزلانا بجانبه بعدد السهاد الذي أطلقها من قوسه، فقد كان السهم من شدة قوته يصيب الغزال ويخرج من الناحية الأخرى فيرتطم بالصخرة ولم يكن يخيب ظنه به كما اعتقد فيه، فجمعها كلها وعاد إلى قومه حزينا كسير القلب وبنفس نادمة بسبب تسرعه وقلة صبره في الظلام بسبب تيقنه لعدم تعويضه لقوسه العزيز.
اقرأ أيضا: قصص مضحكة وفيها عبرة اضحك من قلبك واستفد
القصة الثانية:
يحكى أنه بيوم من الأيام قام أحد الخلفاء بإرسال دعوة حضور إلى كل الشعراء بمصر، وكان حينها في الوقت ذاته شاعر فقير للغاية كان في طريقه إلى البحر وعلى كتفه جرة فارغة، وعندما سمع بأمر الخليفة تبع كل الشعراء حتى وصلوا جميعا إلى دار الخليفة ملبيين الدعوة؛ وبمجرد وصولهم بالغ الخليفة في إعطائهم الهدايا وأدفق عليهم خيرا كثيرا، ولكنه حينما رأى ذلك الرجل الفقير رث الثياب وعلى كتفه جرة تتحدث عنها هيئتها بأنها فارغة، على الفور سأله: “من أنت يا هذا؟!، وما حاجتك هنا؟!”
فرد عليه الرجل قائلا: ” ولما رأيت القوم شدوا رحالهم
إلى بحرك الظامي أتيت بجرتي”.
أعجب الخليفة كثيرا بشعره فأمر حاشيته بملأ جرته الفارغة بالذهب، ومن شدة غيظ الموجودين أخبروا الخليفة بأن هذا الرجل فقير معدم لن يقدر على معرفة قيمة ما أعطي له من أموال وبالتأكيد سيضيعها، فرد عليهم الخليفة مدافعا عنه: “إنها صارت ملكه يفعل بها ما يحلو له”.
وانصرف بعدها الرجل وأول ما خرج من باب دار الخلافة أخذ يوزع ذهب الجرة الممتلئة على كل الفقراء حتى أفرغها بالكامل ولم يتبقَ له منه شيء، وصلت هذه الأنباء للخليفة مما جعل في نفسه حب معرفة لما فعل هذا فأرسل إليه ليسأله عن سبب فعلته فأجابه الرجل الفقير ردا عليه قائلا: “يجود علينا الخيرون بمالهم، ونحن بمال الخيرين نجود”.
اقرأ أيضا: قصص مضحكة قبل النوم انعش قلبك
سرُ الخليفة من رده فأمر بإعطائه ملأ عشرة جرار بالذهب،
فقال الرجل: “صدق الله سبحانه وتعالى فالحسنة بعشر أمثالها”، ثم استشهد الرجل قائلا:
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ
ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ
وأكرم ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭﻯ ﺭﺟﻞ
ﺗﻘﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟﺎﺕ
ﻻ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﺃحد
ما ﺩﻣﺖ ﺗﻘﺪﺭ ﻭﺍﻷﻳﺎﻡ ﺗاﺭﺍﺕ
ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺫ ﺟﻌﻠﺖ
ﺇﻟﻴﻚ ﻻ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟﺎﺕ
ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ
ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻣﻮﺍﺕ.
اقرأ أيضا: 3 قصص مضحكة جدا وقصيرة (اضحك من قلبك)