قصص من الواقع عن الرزق قصة الشاب الصابر
الله عز وجل قَدَّر الرزق لعباده ولم ينس أحدً منهم مُطلقًا، فكل الناس كُتِبَت أرزاقهم قبل أن يُخلقهم الله تعالى، فالله كتب قبل أن يخلق الإنسان كتب عمره وأجله وشقي أم سعيد وكتب رزقه، فالله عز وجل تكفَّل برزق الإنسان، ومن عرف هذه الحقيقة حق المعرفة وعلمها تمام العلم أدرك أنه لا يطلب رزق الله بمعصيته؛ لأن رزقه سيأتيه من حلال، فعلام يبحث عنه في الحرام؟! الذي يفعل ذلك والعياذ بالله فهو مسكين ظن بالله ظنًّا سيئًا، قضية الأرزاق محسومة لا تحتاج إلى جدال، فكم من فقير اغتنى وكان هذا رزقه، وكم من غني افتقر وكان هذا قدر الله فيه، والمطلوب من كل إنسان هو العمل.
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: اعملوا فكلٌّ ميسر لما خُلِق له، فالعمل واجب على الإنسان أن يعمل الإنسان ويكد ويجتهد في حياته ويحصِّل الدرجات العلمية والدرجات الوظيفية، ويرتفع في مهنته وفي علمه، كل هذا مطلوب من الإنسان، فالإنسان عليه السعي والله كتب له الرزق على سعيه، أما المتكاسلون الذين يظنون أن الله يأتي لهم بالرزق الوفير وهم يجلسون في بيوتهم لا يعملون ويحتجون أن رزقهم آتيهم آتيهم، هؤلاء مساكين أيضًا، فالله عز وجل يعطي كل مجتهد نصيبه من الدنيا، والنصيب ليس شرطًا أن يكون في المال فقط، فالله يرزق عباده في المال والولد والصحة والحياة السعيدة الهنيئة، كل هذه من أرزاق الله تعالى، حيث إن بعض الناس يظن أن الرزق هو في المال فقط وهذا من الأخطاء الكبيرة، فالرزق كما هو في المال يكون في الوالد الصالح ويكون في الصحة الجيدة ويكون في الحياة السعيدة ويكون في الزوجة الصالحة، كل هذه من أرزاق الله تعالى، رزقنا الله وإياك أيها القارئ الكريم جميل الرزق وحسن الطاعة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وقصة اليوم تدور حول شاب رفض الحرام؛ لتكون النتيجة في النهاية الكسب الحلال، فمع هذه القصة الرائعة ننسجها لكم على هذا الموقع الجميل الرائع:
قصة الشاب الصابر
هذا الشاب كانت كل أسباب الدنيا والحياة بعيدة عنه وتُدْبِر عنه بالميل والذراع، وكان هذا الشاب يعيش في ضنك شديد جدًّا وحالته صعبة إلى حد بعيد وإلى أقصى درجة، وكان من ابتلاء الله له أن يرى أمامه أن بعض الوظائف تتيسر أمامه وظائف كثيرة وفيها مال كثير ولكن هذه الوظائف إذا قيست بميزان الشرع فإنها وظائف محرمة غير مقبولة شرعًا، فكان كلما جاءت وظيفة أمامه ذهب إلى أحد الشيوخ ليسأله عن حكم الله تعالى في هذه الوظيفة، والشيخ ينظر إلى حاله الشديد وحالته المتعسرة ويشفق عليه إشفاقًا كبيرًا ولكنه في نهاية الأمر يضع الأمر بميزان الشرع فيرى أن العمل محرم ولا يجوز بحال من الأحوال، فيفتي الشاب بعدم جواز هذا العمل، فيذهب الشاب ويعود إلى الشيخ مرة أخرى بعد عدة أيام بوظيفة جديدة ويستفتيه فيها فيفتيه الشيخ بأن هذا العمل أيضًا غير موافق للشرع، والشيخ يشفق على هذا الشاب إشفاقًا كبيرًا، وفي المرة الثالثة أيضًا يفعل ذلك والشيخ يقول له: إن العمل لا يجوز.
ويظل الشيخ يشفق على هذا الشاب وعلى مدى صدقه مع الله لدرجة أنه كل مرة يستفتيه والشيخ يرد عليه بعدم الجواز فيمتثل الشاب ولا يعمل في هذه الوظيفة مع علمه بحاجته الشديدة إلى العمل، فهو لم يتزوج بعدُ ويريد المال ليعفَّ نفسه، فكان هذا الشاب على درجة كبيرة جدًّا من الصبر على هذا البلاء رغم شدته وفقره وهوان حاله ورقة أمره.
وتمر الأيام يومًا بعد آخر والشاب في ضيق شديد والأبواب في وجهه مُقْفَلة حتى في يوم من الأيام يفتح الله له بابًا من الرزق الحلال الطاهر الذي لا تشوبه شائبة، وكان لا يظن أن يأتيه العمل من هذا الباب أبدًا ولكن الله عز وجل يسر له الأمور نظير صدقه وإخلاصه وطلبه للحلال، فهذا الشاب لم يستعجل الحرام أبدًا فجازاه الله تعالى بالرزق الوفير الحلال، ثم انتقل الشاب إلى المدينة وخطب فتاة ديِّنة وتزوجها، وفتح الله عليه من أبواب رزقه الشيء الكثير ورزقه بالولد الكثير، وعاد إلى بلده ومسقط رأسه فاشترى به قصرًا كبيرًا، وكان هذا من توفيق الله تعالى له نظير ما اجتهد في حياته وأنه ظل يأبى أن يعمل حتى يوفقه الله للعمل الحلال الطيب.
هذه كانت قصة اليوم، قصة الشاب الفقير الذي أدبرت عنه الدنيا فلم يستعجل الحرام، هذا الشاب يجب أن يكون نموذج يحتذيه كل الشباب ألا يستعجلوا الحرام إذا ضاق عليهم الحلال، فليطرقوا أبواب الحلال طرقًا وليبتعدوا عن الحرام، وسيأتي الله تعالى بالرزق لا محالة، فالله تعالى هو الذي تكفل بالأرزاق وهو الذي يقدر لكل إنسان نصيبه من الدنيا ومن الآخر، فلا يتعمد الإنسان أن يستخرج ما له من حرام وهو يستطيع أن يستخرجه من حلال، فالله تعالى لا يضيق على عباده إلا لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، وعلى الإنسان أن يصبر لحكم ربه ولا ييأس، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، فعلى الإنسان أن يشتد في السعي والعمل والاجتهاد والكد، والله عز وجل ييسر له طرق الحلال والرزق.
فإياك أخي المسلم أن تذهب إلى الحرام وفي الحلال لك غُنية ونصيب، فلا تكن من هؤلاء الذين يعملون السوء وهم يعلمون، فالله تعالى لا يظلم أحدًا، ليس معنى أنه ضاق عليك رزقك في يوم من الأيام أن الله تعالى يظلمك، هذا سوء ظن بالله، فعليك أن تحسن الظن بالله تعالى وتجتهد في أمورك وتُقدم على أشغال بكل اجتهاد والله عز وجل وقتها يوفقك وييسر لك أمورك ويزيدك من أبواب الخير الشيء الكبير والعظيم، إنه قادر على ذلك سبحانه نعم المولى ونعم النصير، كانت هذه آخر كلمة في المقال أحببت أن أذكر بها القارئ الكريم ولعله يكون شابًّا في حالة هذا الشاب، أقول له: اصبر واطرُق أبواب الحلال يأتيك بإذن الله تعالى وييسره الله تعالى لك، وإياك إياك من الحرام ومن أهل الحرام، فإنه لا يأتي على أهله إلا بكل سوء.
اخس قصة