كثير ما تصدمنا الحياة ببعض الابتلاءات التي لم نكن لنتخيل يوما أننا من الممكن أن نوضع بمثلها.
كل منا يجزى بما قدمت يداه، والأهم من كل شيء هو الثبات على المبادئ والقيم، والأكثر أهمية من ذلك وذاك هو تعلمنا من أخطائنا ومن الابتلاءات التي نراها ومن قصص الآخرين من حولنا.
إن دار الدنيا مهما عمرنا بها فهي تبقى بالنهاية دار اختبار وابتلاء وليس أكثر من ذلك، لذا علينا ألا نعطيها أكثر من قيمتها.
قصـــــة حزينة ومؤثرة للغاية
قصة فتاة لم تهتم طوال حياتها إلا بالمظاهر العامة، لم تبحث يوما إلا على مظاهر الدنيا الخادعة، على مستوى عالي ومرموق للغاية، تدرس بأرقى الجامعات، لم تدخلها إلا من دافع أن تكون هي الأفضل، منذ صغرها لم تتعود وتلاقي إلا الأفضل، الأفضل بكل شيء.
دوما امتلكت الأرقى والفريد من الملابس والحلي من مجوهرات وما إلى ذلك، كان والدها من رجال الأعمال المشهورين، كان يحضر إليها كل ما رغبت به، لم يكن لديها أحلام من الأساس كبقية فتيات جيلها، بل أن معظم الفتيات من عمرها كن يحسدنها على النعم التي تتمتع بها، لم تكن لترتدي ثوبا مرتين وملابسها من أرقى الماركات عالميا، علاوة على سيارتها.
وبيوم لم يكن بالحسبان وخاصة للفتاة، خسر والدها كل أعماله بالأسواق الداخلية والخارجية، لم تتحمل الفتاة الصدمة نهائيا، وبدلا من أن تخفف عن والدها لصدمة حملته وأثقلت كاهله بطلباتها المتزايدة، لم تحمل الوالد معاملة ابنته الوحيدة التي لا تحوي شيئا سوى القسوة.
أصيبت والدها بالإعياء الشديد لكثرة التوتر والحزن، لم يتحمل المرض والذي أودى بحياته، لم تبكه ابنته ولكنها بكت الثراء الذي حرمت منه، اضطرت لبيع مجوهراتها لتكمل تعليمها لا لأن تكون السند لوالدتها بعد وفاة والدها، ولكنها أكملته لكي لا تخسر احترامها والصورة التي تعودت عليها أمام الآخرين.
وبمجرد أن دفعت الرسوم الجامعية الباهظة تقدم لخطبتها شابان، كان أحدهما زميلا لها بالدراسة والذي كان مستواه المادي يقارب مستواها قبل إعلان إفلاس والدها، والشاب الثاني كان ابن لجارتهما والذي لديه أعمال بالبلاد الأوربية.
رأت أنه من الأنسب لها أن تتزوج من الشاب الثاني والذي لديه أعماله الخاصة، ولديه الكثير من الأموال، وبالفعل رفضت الشاب الذي كان يكن لها حبا صادقا بقلبه منذ اللحظات الأولى التي رآها بالجامعة، أحبها لدرجة أنه لم يتأثر بانخفاض مستواها المادي، لقد أحبها لشخصها وليس لما يملكه والدها حيث أنه ليس في حاجة إليه من الأساس.
أما الشاب الأول فلم يحب بها شيئا سوى جمالها الخلاب، أراد الزواج بها لجمالها، وهي اختارته ورضيت به زوجا لها من أمواله ليس إلا.
أيقنت الفتاة أن اختيارها كان صائبا، لقد جعلها تختار المجوهرات بأموال طائلة، كما جعل لها حسابا بكثير من الأموال بالبنك قبل مغادرتهما البلاد، كان حفل زفافها بأرقى الأماكن، قامت بدعوة كل أصدقائها لتخبرهم بشيء واحد أنها لم تتأثر بإفلاس والدها ولا برحيله، وأنها اختارت شابا سيجعلهم جميعا يندمون على ما فعلوه بها يوما، وأنها ستندمهم جميعا على تغير معاملتهم لها يوما.
وبالفعل معظمهم تقربوا منها وقدموا الكثير من الأعذار قبل مغادرتها البلاد أملا في أن يجدوها عندما يحتاجون إليها كما كان المعتاد؛ كانت صدمة الفتاة البالغة عندما سافرت مع زوجها للخارج، لقد وجدته يعيش مثلهم تماما لا يختلف عنهم في شيء، وكأنه لا ينتمي للإسلام إلا بكونه مسلما ولد مسلما لأب مسلم وأم مسلمة.
لقد كان يشرب الخمور مثلها مثل المياه، علاوة على أن أمواله جلها من طرق غير مشروعة، القتل لديه كأن شيئا لم يكن، والزنا لديه محبب مع أي فتاة أعجبه شكلها، إن أرادت مالا أعطاها وإن ترد شيئا وتعففت أجبرها غصبا!
كانت الفتاة وزواجه منها لتحقيق رغبة في نفس والدته المتدينة والتي أرادت لصغيرها طريق الفلاح، لم تطق الفتاة صبرا على أحواله، أغطته كل شيء قام بإهدائه لها يوما وحساباتها بالبنوك، وكل شيء مقابل أن يعطيها خلاصها، الانفصال والبعد عنه، وإرجاعها بلادها لأحضان والدتها.
لقد عذبها وأذاقها المر بعينه، وبالنهاية بعد كثير من المحاولات استطاعت الفرار منه والعود للبلاد، ورفعت عليه شكاوى واستطاعت الطلاق منه.
تعلمت الدرس قاسيا، أتمت تعليمها وعملت على مشروع وباستخدام سيرة والدها الطيبة بالسوق تمكنت من فتح أول مشروعاتها التجارية، واستطاعت تحقيق ربح لا بأس به، حاولت وحاولت وبدأت من الصفر، وتمكنت من حصد ثمار نجاحها، كانت والدتها فخورة بها للغاية لأنها رفضت الحرام واختارت الطريق الصعب ابتغاء مرضات الله سبحانه وتعالى.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص واقعية حزينة للفتيات مليئة بالمآسي والآلام
قصص واقعية غريبة جدا بعنوان “باعني من اشتريته”
قصص واقعية مؤلمة ومؤثرة وفي غاية الأسى