لن ننعم برغد الحياة ولا طيبها إلا إذا عدنا للقرآن الكريم تدبرنا آياته وعشنا بين صفحاته، إنه نعمة من خالقنا فهو شفاء لما في الصدور، شفاء لكل هم ودواء لكل علة، ملئ بالقصص والعبر وملئ بكل الأسلحة اللازمة للحرب الناشئة بيننا وبين الحياة التي لا نقوى عليها ولن نقوى عليها إلا بالقرآن الكريم.
من قصص وعبر القرآن الكريم:
قصــة حبيب النجـار
جاء وردها بإحدى سور القرآن الكريم (سورة يس)، إذ ضرب الله سبحانه وتعالى بأهل هذه القرية مثلا قويا في التضليل والبطل والبهتان والإصرار على معصيته سبحانه وتعالى، فأرسل الله إليهم برسولين اثنين بدعوته الحق ولكنهم كذبوا وأبوا فأرسل الله سبحانه وتعالى رسولا ثالثا لنصرة الاثنين السابقين، وما كان من الرسل إلا أن دعوهم إلى دين الله سبحانه وتعالى بكل لين ومحبة وخوف عليهم، أوصلوا رسالة بارئهم ولكن كيف قوبلوا من هؤلاء الظلمة؟!
بداية تشاءم القوم من الرسل، وتوعدوهم إن لم يتوقفوا عن دعوتهم ليرجموهم وليذيقوهم العذاب الأليم، وما زال الرسل يصرون على هداية هؤلاء القوم ودعوتهم إلى طريق الصلاح، تارة مبشرين وتارة منذرين، ولكن هيهات هيهات وبعدا لهؤلاء القوم إذ أن قلوبهم مقفلة بحب الشهوات والمنكرات.
وكان هناك رجل ولقد أسماه الله سبحانه وتعالى بكتابه العزيز رجل يسكن أقصى المدينة، عندما علم بأمر قومه وبما ينوون على فعله مع رسل الله جاء مسرعا من أقصى المدينة يسعى، ودعا قومه إلى اتباع الرسل الذين لا يبغون منهم درهما ولا دينارا ولا مدحا ولا أي شيء بل يبلغون رسالة ربهم كما أنزلت إليهم حتى يخرجوهم من ظلمات المعصية إلى نور الطاعة، يا قوم إنكم تعبدون من دون الله آلهة لا تنفع ولا تضر، وإن يردكم الله سبحانه وتعالى بسوء لن تمنعه عنكم، ولم لا تعبدون من فطركم وسواكم وخلقكم من العدم؟!، وإن أصريت على عبادة من لا يضر ولا ينفع وتركت طريق الحق سأكون حينها في ضلال واضح ومبين.
ثم التفت إلى الرسل وأشهدهم أنه آمن بما أنزلوا به، وطلب منهم شهادتهم على إيمانه بهم ودعوته لقومه الظالمين، وما كان من قومه إلا أن أذاقوه العذاب المبين، يقال أنهم ضربوه بأرجلهم لدرجة أن أحشائه خرجت من دبره، انتقلت هذه الروح الطاهرة إلى بارئها، وأخبره جل وعلا أن يدخل الجنة!
حينها فكر في قومه قائلا: “يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين”.
لقد كان نعم الرجل وأصدق مثال على حب الله وحب الدعوة إليه، فبالرغم من كل ما فعلوه به إلا أنه مازال يفكر في أمرهم بدليل رغبته في إخبارهم بفضل الله سبحانه وتعالى عليه ومنه بأن أدخله الجنة بعد وفاته.
يخبرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أنه بعد رحيل حبيب النجار عن الدنيا ما أنزل على أهل هذه القرية من رسل وما كان من المنزلين، ما كانت إلا صيحة واحدة ألمت بهم فإذا هم جميعا خامدون، وهكذا كان العذاب الأليم من الله سبحانه وتعالى جزاء على ما قدمت أيديهم من ظلمات مبينة.
اقرأ أيضا: قصص وعبر سورة يوسف قصص القران الكريم
القصــــــة الثانيـــة
قصة طفل يبلغ من العمر اثنتي عشرة عاما يصلي بالناس بإحدى المساجد الكبرى بالبلاد العربية، يتجاوز عدد المصلين الاعتيادي اليومي الألف مصلي، ويقوم بتأدية الصلاة بهم جميعا لأنه أحفظهم وأكثرهم تجويدا للقرآن الكريم؛ ولكن الغريب في قصتنا أنه من أم أجنبية اعتنقت الإسلام وربت ابنها الوحيد على مبادئه ليصبح إماما على الرغم من صغر سنه للأمم عربية إسلامية.
اقرأ أيضا: قصص وعبر في التقوى “اجعل الله أمام عينيك في كل أقوالك وأفعالك”
القصــة الثالثــــــة
قصة امرأة عجوز كانت صوامة قوامة حافظة لكتاب الله الكريم، وبإحدى ليالي رمضان العطرة بعدما صامت نهارها ذهبت إلى المسجد لتأدية صلاة التراويح، وكان من المشهود لها به من كل النساء المصليات أنها من أول الحاضرات وتالية للقرآن حتى تبدا الصلاة، فإذا بدأت كانت آمرة بالمعروف تسعى إلى ضبط الصفوف وهكذا، وبهذه الليلة بعدما أنهت قيام الليل مع المصلين كحالها كل يوم بأيام رمضان صدمتها سيارة، وعلى الفور صعدت روحها الطاهرة إلى بارئها، هنيئا لهذه المرأة المسلمة الصالحة.
اقرأ أيضا: قصص القران سورة الهمزة قصص وعبر