إن الله سبحانه وتعالى لأفرح بتوبة عبده مع أنه سبحانه وتعالى لا تضره معصية عبد من عباده ولا تنفعه طاعة الطائعين، “يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم عاري إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم وأوفيها لكم يوم القيامة فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
قصص وعبر عن التوبة:
الجزء الثاني والأخير
قال الشاب: “إنني شارب للخمر الآن فبأي وجه أذهب معكم للمسجد علاوة على أني…”وصمت، فهموا ما كان يريد إخبارهم به فأخذوه لأقرب دار لهم حتى يغتسل “حسان”، وألبسوه أحسن الثياب وتطيب بالعطر، ومن ثم ذهبوا إلى المسجد وأدوا صلاة الفجر في جماعة.
وقد قرأ الإمام في صلاته: ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”، وما إن سمعها “حسان” حتى علا صوته بالبكاء والنحيب، وكلما قرأ الإمام نصيبا من القرآن ازداد “حسان” بكاءا؛ وبعدما انتهوا من الصلاة التف المصلون حول “حسان” يهنئونه بتوبته، لقد كان الشاب “حسان” على موعد مع توبة هداها له ربه.
لقد استشعر حلاوة الإيمان في قلبه، فسبحانك ربي تهدي من تشاء وقتما تشاء، جلس “حسان” معهم في المسجد يبكي بحرقة من قلبه، وقال: “إن لي أبوان كبيران في السن قد أنهكمها طول الدهر، أريد أن أرى والدي، إنه يصلي بالمسجد وينتظر به حتى شروق الشمس”.
أخذوه الشباب وانطلقوا معه لرؤية والدها، ولحين وصولهم وجدوا رجلا كبيرا يخرج من المسجد وقد انحنى ظهره وضعف بصره وأصبحت خطواته متثاقلة، قال حسان: “إنه أبي!”؛ اقترب منه الشاب وقالوا له بعد التحية والسلام: “معنا حسان!”
قال في غضب: “حسان؟!، لا سامحك الله يا حسان، أشقى وجهك بالنار يا حسان، عذبك الله بناره يا حسان كما عذبتنا في الدنيا”.
أخذ “حسان” يبكي حتى أنه ارتمى على الأرض، قال أحد الشباب للوالد: “لقد جاءك تائبا منيبا، وقد رجع إلى الله، وقد صلى معنا الفجر في جماعة وقد بدل كل حياته وانضم لزمرة التائبين العائدين لله سبحانه وتعالى”.
أخذ الوالد يبكي فرحا بتوبة ابنه الوحيد، والابن “حسان” ارتمى بحضن والده ومازال يبكي، والشباب التفوا من حولهما وأخذوا يبكون، وقد كان منظرا ما أجمله بأحد الشوارع كل من يراه يرق له قلبه وتدمع له عيناه.
ومن بعدها أخذوه وانطلقوا به عند والدته المرأة العجوز ليفرحوا قلبها بهداية ابنها، أقبل “حسان” في طريق الطاعات، تردد على المساجد وكثر طلبه للعلم، وعظم الإيمان بداخله ولمس كل جزء بجسده؛ وفي يوم من الأيام قال “حسان” في نفسه: “إن لي من الذنوب والخطايا ما لا يعلمها غير الله سبحانه وتعالى، ذنوب لن يكفرها إلا أن أفدي كل قطرة من دمي في سبيل الله وحده”.
ذهب إلى والده وأعلمه بقراره أنه يريد الفداء بنفسه في سبيل الله، وأنه يريد الالتحاق بساحات الجهاد، واللهِ يا أبتي لا أريد من الدنيا إلا أن ترفع كلمة الله وتكون هي العليا، وتكون كلمة الذين كفروا هي السفلى، رد عليه والده: “يا بني لق\د فرحنا بعودتك إلينا وفرحنا بتوبتك، ونحن نحتاج إليك يا حسان”.
قال حسان: “يا أبتي لو كنتما تحباني حقا فلا تحولان بيني وبين الاستشهاد في سبيل الله”.
أعطاه والده موافقته ولكن بشرط أن توافق والدته، ذهب لوالدته متوسلا إليها أن توافق وكانت إجابتها: “اذهب يا بني ولكن بشرط واحد أن تكون شفيعا لنا عند الله يوم القيامة”.
انطلق “حسان” لساحات الجهاد في سبيل الله، أعد نفسه بتدريبات مكثفة على جميع أنواع الأسلحة، يقال عليه أنه كان شجاعا مقداما، وقد استشهد “حسان” ونال مراده إذ يحكي أحد أصدقائه أنه بيوم من الأيام كانوا يواجهون هجوما عنيفا من قبل أعداء الله، ويشاء الله سبحانه وتعالى أن توجه كل المدافع وكلها تخطئ ولا تصيب إلا “حسان” فيسقط من على قمة الجبل حتى يبلغ منتهاه، هرعنا إليه لنجدته وقد وجدناه مبتسما، وعندما جئنا نسأله عن حاله قال: “اصمتوا جميعا، واللهِ إني لأسمع صوت الحور العين يناديني من خلف الجبل”.
اقرأ أيضا:
قصص وعبر عن التوبة يقال أنها أفضل قصة توبة! الجزء الأول
قصص وعبر حقيقية للتائبين قصة شاب يكتبها في رسالة ويبعث بها للشيخ خالد الراشد
قصص وعبر قصيرة إسلامية عن توبة رجل اهتدى بسبب ابنته التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها بعد
3 قصص وعبر وحكم وأمثال قمة في الروعة