نحتاج دائما إلى من يقومنا بطريقنا الوعر في رحلة الحياة، نحتاج دائما إلى نصائح أقوام سبقونا مليئة بالكثير من الحكم والعبر، من قصص وعبر عن الدنيا:
القصة الأولى:
بيوم من الأيام مر رجل غريب بقرية تعج بالصيادين المحليين، أعجب بصيدهم كثيرا مما جعله يسألهم عن كيفيته وكم الوقت يستغرق في اصطياده، أجابوه بصوت عالٍ وبنغمة واحدة ليس كثيرا من الوقت، فاستكمل الغريب طرح الكثير من أسئلته عليهم…
الغريب: “وكم قدر ما تصطادون منه يوميا؟”
الصيادون: “ما يكفينا ويكفي عائلاتنا”.
الغريب: “وماذا تفعلون ببقية وقتكم إذا كنتم لا تستغرقون إلا القليل من الوقت في اصطياد السمك؟”
الصيادون: “ننام لأوقات متأخرة، نلعب ونلهو مع صغارنا، نقضي وقتا كافيا مع زوجاتنا، نأكل سويا ونعتني بأبنائنا؛ نزور كل ليلة أصدقائنا”.
الغريب: “لدي شهادة عالية في إدارة الوقت والأعمال وبإمكاني حقا تدبير وقتكم وأعمالكم”.
أنصت الجميع إليه بكل اهتمام، وظهرت في أعينهم نظرات الفضول وحب الاستطلاع مع كثير من التشوق لاستكمال الغريب لحديثه…
الغريب: “أولا بإمكانكم الصيد لفترات طويلة وتوفير كمية هائلة من الأسماك لبيع الفائض عن حاجاتكم والحصول على الكثير من الأموال، ومن ثم شراء سفينة كبيرة لصيد المزيد من الأسماك، ومن ثم شراء سفينة ثانية وثالثة وهكذا حتى يصبح لديكم أسطولا من السفن، حينها تتمكنون من عقد صفقات مع المصانع لبيع أسماككم دون وسيط، وربما تتمكنون من بناء مصنع خاص بكم، وبذلك المعدل تصبحون من أصحاب الملايين”.
أحد الصيادين: “وكم يأخذ ذلك منا وقت؟”
اقرأ أيضا: قصص وعبر في الحياة من أجمل ما يكون فاغتنمها
الغريب: “في حدود من عشرين عاما إلى خمسة وعشرين”.
أحد الصيادين: “وبعدها ماذا نفعل؟”
الغريب: “بعدها فقط يمكنكم التقاعد في سلام بعد جني كل تلك الأموال”.
أحد الصيادين: “وماذا بعد ذلك؟”
الغريب: “يمكنكم حينها الاستمتاع بأوقاتكم، النوم لوقت متأخر، اللعب واللهو مع أطفالكم، الأكل مع زوجاتكم وهكذا”.
الصيادين: “ولكن مع كامل احترامنا لك والتقدير نحن نفعل ذلك في وقتنا الحالي، فلم نضيع من عمرنا كل هذه السنوات للحصول على سعادة بعد ضياع أوانها”.
الحكمة:
كثير من الناس يفني كل عمره من أجل ترف زائل دون التفكير فيما يخسره مقابل هذه السعادة المرادة المزيفة، حتى أنه من الممكن أن يخسر آخرته أيضا لذلك يلزمنا الموازنة في كل أنحاء حياتنا قبل ندم لا يفيد.
اقرأ أيضا: قصص وعبر في الحب والمعنى الحقيقي للتضحية
القصة الثانية:
بيوم من الأيام كانت هناك أسرة صغيرة مكونة من أب وأم وثلاثة صبيان، كانت سعيدة للغاية إلى أن حلت بها أقدار الله سبحانه وتعالى فتوفيت الأم، ومن بعدها كان حملا ثقيلا على الأب وبالرغم من كل محاولات أقاربه في زواجه من أخرى إلا أنه أبى واستطاع أن يكون لأبنائه الثلاثة أبا وأما في نفس الوقت، فاهتم بتربيتهم وتعليمهم ومن ثم زوجهم هم الثلاثة كل واحد في بيته الخاص، لقد أتم هذا الرجل واجبه تجاه أبنائه على أتم وجه.
وبيوم من الأيام كان يجلس حزينا شريد البال، فرآه أحد جيرانه وألح عليه في سؤال ما به إلى أن أجابه قائلا: ” تسألني لم أجلس وحيدا هكذا؟!، لدي من الأبناء ثلاثة، أفنيت عمري من أجل تربيتهم وتعليمهم وتزويجهم، بنيت لكل واحد منهم بيتا خاصا به، وهم كل يوم يزورونني ولكن لا أحد يهتم لأمري، لا بطعام ولا شراب ولا حتى بنظافة المنزل”.
اقترح عليه الجار اقتراحا غير حياته تغييرا جذريا، أشار عليه بأن يحضر جرة ويملأها بعملات معدنية زهيدة للغاية، ويضع فوقها الكثير من الإسمنت حتى لا تنفتح بسهولة، ويشغل نفسه كثيرا بها حتى يعتقد أبنائه الثلاثة أنها تحوي الكثير من الأموال والذهب.
وبالفعل نفذ الرجل المسكين خطة جاره الحكيم، فأخذ أبنائه الثلاثة يتقاتلون على أيهم يخدم والده ويوفر له كل ما يحتاج إليه، يتنافسون على راحته؛ فرح الأب كثيرا ولكنه على قدر سعادته على قدر انكساره بأن كل ما يهم أبنائه ماله وليس أبيهم؛ وبيوم من الأيام مرض الأب كثيرا وقربت منيته، التف حوله أبنائه وكل واحد منهم لا ينظر إلى أبيه بل ينظر إلى الجرة المليئة بالذهب، فارق الوالد الحياة حزينا على أبنائه.
وبعد وفاة والدهم تقاتلوا على الجرة وعندما كسرت بينهم وجدوها مليئة بالعملات الزاهدة والتي لا تساوي شيئا، هنا فكر ثلاثتهم في حال أبيهم الراحل الذي دفعه عدم اهتمامهم به ونسيانهم لأمره إلى اللجوء لتلك الحيلة، حينها فقط تعلموا الدرس ولكنه كان بعد فوات الأوان.
اقرأ أيضا: قصص وعبر عن الغدر موجعة للقلوب
قصص جميل ومفيد ورائعة شكراً لكم
بالتوفيق