ينبغي علينا جميعا أن نؤمن بالغيب، أن نؤمن بما عند الله سبحانه وتعالى، فقال جل في علاه (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، فالله سبحانه وتعالى عندما يبتلي عبد من عباده فإنه لا يريد به إلا الخير حتى وإن كان الإنسان نفسه بجهله لا يدرك حينها إلا الشر بما يحدث له، فيمضي به العمر ليرى بأم عينيه مدى الخير الذي أراده الله سبحانه وتعالى له بما رآه آنفا شرا له.
القصــــــــــــــــــــــــة الأولى
رجل جديد عهده بالزواج صار له حادث أليم أودى به لسكتة دماغية توقفت إثرها كامل أعضاء جسده، فأصبح طريح الفراش لا يقوى على تحريك ولا خلية واحدة بجسده كاملا، متصل بأجهزة طبية لمساعدته على البقاء على قيد الحياة.
مر حول كامل وهو مازال على هذه الحالة، رفضت زوجته تقبل وضعه الجسدي فطلبت الانفصال عنه لتعيش حياتها وتتمتع بشبابها، وبالفعل انفصلت عنه وتزوجت برجل آخر؛ ولكن والدته لم تتركه ولا ثانية، بكل يوم تصلي وتدعو له بالشفاء، لم تيأس ولم تقنط من رحمة الله سبحانه وتعالى؛ وبعد مرور أربعة سنوات ونصف بينما كانت والدته تصلي الوتر فاجأها ابنها بأن حرك قدمه، ومن بعدها يده وفتح عينيه، واستعاد صحته وعافيته تدريجيا.
وكان أول سؤال بعدما استعاد صحته: “أين زوجتي؟!”؛ لم تدري والدته بماذا تجيبه فالتزمت الصمت، ولكنه عندما ألح في سؤالها أجابته بأن مرضه دام لمدة أربعة سنوات ونصف، كان شبه الميت الفاقد لكل الحياة، فتطلقت زوجته منه وتزوجت بغيره.
انهار الرجل وتدهورت حالته الصحية من جديد، وحاول كل من حوله أن يهدأ من روعه، وعندما هدأ نسبيا أراد رؤيتها، وبالكاد أقنعوه أهله بالذهاب لأهلها والتحدث مع والديها؛ وأول ما وصل إليهم شرع في الصياح، ربت والدها على ظهره وأخبره بأنها تزوجت وأنجبت توأما، وكل هذا حدث أثناء غيبوبته التي دامت لقرابة الخمسة سنوات.
انفجع الرجل ولم يستطع صلب طوله فكاد أن يسقط أرضا لولا والد زوجته السابقة أمسك بيده وجذبه نحوه، أم عن والدها فاستكمل حديثه بأن زوجها قد توفي من ستة أشهر، وأنها تسكن بالمنزل الذي يجاور منزلهم.
ذهب إليها الرجل بصحبة والدها وتزوج بها من جديد، وأخذها وابنيها، فكانت زوجته التي لطالما أحبها، وابنيها هما ابنيه أيضا؛ وسبحان الله العلي العظيم بعد عام كامل من زواجها به لم تحمل الزوجة، وعندما ذهبا للطبيب اكتشف الزوج أنه عقيم وليس باستطاعته الإنجاب على الإطلاق.
أدرك حينها الرجل أن كل ما دبره الله سبحانه وتعالى من حادث مرير، وترك زوجته له وزواجها بغيره، وإنجابها من غيره ابنين كان خيرا له ولأجله.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ واستفد ب:
قصص وعبر إسلامية طويلة شاب أضاع حياته مقابل عشر دقائق مضت من عمره
قصص وعبر في التقوى “اجعل الله أمام عينيك في كل أقوالك وأفعالك”
القصـــــــــــــــة الثانيـــــــــــــــــــة
رجل وابنه في زمن بعيد أرادا الانتقال من بلد لآخر بعيد عنهما، فحملا متاعهما وذهب في رحلتهما على ظهر بعير؛ وأثناء الرحلة تعثر الحمار في حفرة فكسرت ساقه، فاضطرا الأب وابنه أن يحملان المتاع على ظهريهما، حينها قال الأب الحكيم الذي بلغ به العمر ما بلغ من كبر مبتسما بحنكة الحياة وبصبر المؤمن على أقدار الله: “يا بني ما حجب عند الله ربما أكثر من هذا”.
وبعد قليل من السير وقد بلغهما التعب تعثر الأب في حجر فكسرت ساقه أيضا، وبنفس الابتسامة والرضا قال لابنه: “يا بني ما حجب عند الله ربما أكثر من هذا”.
تعجب حينها الابن من حديث والده، فقام بربط ساقه وحمل عنه ما كان يحمل من متاع، فأصبح الحمل على ظهر الابن أثقل بمراحل، واستكملا رحلتهما والتي طالت للغاية، فبعدما كانا سيصلان وجهتهما خلال ثلاثة أيام استغرقا عشرة أيام في وصولهما إليها.
وعندما وصلا أسوار المدينة وجدا أنها بالأيام السابقة ضربها زلزال فأصاب عاليها سافلها وقضى على كل ما كان موجودا بها من إنسان وحيوان، وبذلك لم يتبقى بالمدينة سوى الرجل الحكيم المؤمن بالغيب وابنه.
حينها أدرك وفهم الابن جملة والده الذي كررها لأكثر من مرة طوال رحلتهما والتي كانت مليئة بالمتاعب.
اقرأ أيضا: قصة الابرص والاعمي والاقرع قصة دينية رائعة ومعبرة جداً